الإحاطة الناعمة.. المعززة بمقترح الحوار المباشر!

د. علي العسلي
السبت ، ١٥ يونيو ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٠٢ مساءً

 

قال مندوبنا لدى المنظمة الأممية أن اللغة الناعمة التي اتبعتها الأمم المتحدة ، شجّعت الميليشيات الارهابية الحوثية على المضي في انتهاكاتها الجسيمة... وأضيف ليس ذلك فحسب؛ بل جرى تضخيمها لدرجة الاعتراف بأنها قوة كبرى في المنطقة؛ بحيث يستحيل ترويضها وجلبها للسلام، سلمياً!؛

فهل لدى المبعوث الأممي (هانس غروندبرغ)، طريقة هندسية عكسية؟!! يتفضل بها ويخلصنا من هذا الوضع البئييس!

ولقد اعجبني استخدام الدكتور عبد الله السعدي لفظ "اللغة الناعمة"، فقلت اتتبع احاطة المبعوث الأممي الأخيرة؛ لأعلق على بعضها ، وعلى النحو الآتي:_

 

- قال المبعوث.. "أقدم لكم إحاطتي اليوم في ظل ظروف مقلقة للغاية".. 

- التعليق.. دائما ما نسمع من هذا التهويل، دون أن نرى وضع الأصبع على الجرح، ودون تحديد الظروف وسببها وكيفية المعالجة!

 

- قال المبعوث.. يتحتم عَليَّ أن أوجه انتباهكم إلى الحملة القمعية التي تشنها جماعة أنصار الله ضد المجتمع المدني اليمني وموظفي السفارات والأمم المتحدة. "وقال..تم احتجاز"- وذكر 22 بينما مندوب اليمن أورد خمسين والحملة مستمرة- .وقال: أدعو جماعة أنصار الله إلى احترام حقوق اليمنيين بموجب القانون الدولي.

- التعليق.. المبعوث اكتفي فقط بتنبيه مجلس الأمن الدولي إلى الحملة من قبل الحوثيين. فالحوثي يا "مبعوث الأمم"، لم يحتجز لمجرد الإشتباه؛ بل لاعدامهم كجواسيس لإسرائيل وامريكا.

 أقول ..يهناك يا حوثي هكذا مبعوثين؛ يخاطبك بكل احترام، وكأنك لم تنتهك الدستور والقانون، ولم تنقلب عليهما؛ ولم تنتهك حقوق الانسان.. وكأنك مسالم ولم تعتقل ولم تعذب حتى الوفاة ..ولم... ولم...

 أقول لك يا مبعوث.. إن لم تتدخل أنت ومجلسك الذي كلفك بالمهمة في اليمن؛

فأنصحك أن تعلن إسلامك وتحفظ سورة الفاتحة وتقرأها على أرواحهم، لأن الحوثي سيعدمهم بتهمة التجسس أو سيحتفظ بهم للابتزاز والمقايضة والمساومة..أتفهم هذا أو لا؟!؛

وكنت أتمنى منك إدانة لهم، أو تلويح باتخاذ إجراء ضدهم؛ أو التهديد بحرمانهم من الميزات الكثيرة المقدمة اليهم منكم، فيما لولم يتم اطلاقهم فوراً.

 وكان المفروض أن تقف مع الضحايا، فتنفي عنهم، ما نسب اليهم من إتهامات وتلفيقات كحق لهم عليكم، في مثل هكذا أوضاع! لكن لا شيء حصل من ذلك؟!

 

- قال المبعوث .. الأمم المتحدة حاضرة لخدمة اليمنيين، ومثل هذه الاحتجازات التعسفية ليست إشارة متوقعة من جهة تسعى إلى حل للنِّزاع عبر الوساطة؟!

- التعليق.. ما هذه اللغة الاستجدائية والتبريرية؟؛ ولماذا المبعوث يمنح الحوثي شهادة بالرغبة بحل النزاع عبر الوساطة؟؛ 

فالحوثي قاتل ومجرم وإرهابي ومختطف للناس من بيوتهم مع نسائهم واطفالهم بدون وجه حق!؛ ملفه يا مبعوث وسخ وليس نظيف..

 الحوثي عندك وداعميه فقط "حمامة سلام"!؛ الحوثي يا "مبعوث" قتل وجرح وشرد الملايين ولا يزال في سجونه عشرات الآلاف من اليمنيين الأبرياء..قول كلمة حق أو اصمت!!

 

- قال المبعوث.. إنني قلق إزاء الأحكام التي أصدرتها المحكمة الجنائية الخاضعة لسيطرة أنصار الله في1 حزيران/يونيو بإعدام (45) فرداً ، وأود أن أكرر دعوات الأمم المتحدة لتعليق عقوبة الإعدام...

- التعليق .. المبعوث بجلالة قدره ومن ورائه قوة مجلس الأمن الدولي ؛فإنه يتودد إلى الحوثي بأن يستجيب لدعوة الأمم المتحدة بتعليق عملية الإعدام، لا إلغائها؟!؛ 

أرأيتم أكثر من هذه لغة ناعمة..؟! الحوثي بحكمه هذا.. يرتكب مذبحة، مجزرة بحكم غير دستوري وغير قانوني..ثمّ يزكي المبعوث فقط المطالبة الأممية بتعليق حكم الاعدام!

 

- قال المبعوث.. إن الأطراف عادت إلى المعادلات ذات المحصلة الصفرية، بدلاً من وضع أولويات الشعب اليمني أولاً، لجأت الأطراف إلى اتخاذ تدابير تعتقد أنها تعزز مواقفها، مما يعرض قابلية تنفيذ الالتزامات التي تمّ التعهد بها مسبقًا للخطر. 

- التعليق..يا "مبعوث الأمم" .. هو مجرد تعهد لفظي ، يعني ضحك على الذقون!؛ ؛فمتى نفذ الحوثي ما تعهد به أصلاً..؟ هو كلام ويبقى كلاماً ما لم ينفذ.

أما المحصلة الصفرية؛ فهي ملازمة لكم من حين دخلت الأمم المتحدة خط الوساطة باليمن، قيموا وراجعوا مهامكم وما حققتم منها؟!؛

انظروا إلى سلسلة النجاحات للمبادرات المحلية، والمضمنة بعضها في احاطتك ؟؛ بينما أنتم ولا نجحنم بشيء، فكل محصلتكم صفرية.. هذا إن رفعنا سقف التفاؤل بكم، أما الحقيقة فهي مادون الصفر، بالسالب!

 

- قال المبعوث .. لقد انكمش الاقتصاد بشكل حاد في أعقاب هجوم أنصار الله على منشآت تصدير النفط في تشرين الأول/أكتوبر2022 ، مما أدى إلى توقف كامل لتصدير النفط الخام، وأثر بشدّة على دخل الحكومة اليمنية.

- التعليق .. فمن بين ما قاله المبعوث أن المعادلات الصفرية، تجلت بشكل واضح في الاقتصاد. فيقر المبعوث بانكماش حاد في الاقتصاد، بسبب استهداف الحوثي لمنشآت تصدير النفط ..

ومن دون أن يضمن في إحاطته إدانته أو تحميله للمسؤولية.. ويقرّ المبعوث بالوضع الشاذ؛ومن دون استنكاره ورفضه!؛

أيعقل أن تقبل الأمم المتحدة بدولة واحدة، بسلطتين نقديتين وعملتين مختلفتين- ولو مؤقتا-..؟! ليس ذلك فقط، بل لم يشير أو يدين أو يحمل الحوثي المسؤولية الكاملة على ذلك!؛

ولم يدينه على قيامه بطبع عملة مزورة ..بل اعتبر ذلك - مقبولاً-،طالما هي غير مستدامة..

بل قام بتبرير طبعها كمعالجة لتحلل الأوراق النقدية من نفس الفئة -كما قال- ..

والمضحك بإحاطته عن معركة البنكين، بين صنعاء وعدن،بأن تحوّل المبعوث إلى تقريري توصفي، بلا موقف أو إتخاذ أي اجراء!!؛ 

بل أن الأمر كله، كان حافزاً له للاهتداء لحل سحري لليمن، باقتراح لقاء مباشر بين الرئيس " العليمي" الشرعي وبين "المشاط" المفروض من المنقلب !!

 

- قال المبعوث..وقد قمت في سياق هذه الجهود بتحرير رسالة لفخامة الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وللسيد مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى، في1 حزيران/يونيو، أحثهما على الامتناع عن انتهاج مزيد من التصعيد وأدعوهما للحوار دون شروط مسبَّقة تحت رعاية الأمم المتحدة، لكنني لم أحصل على رد إيجابي حتى الآن.

- التعليق.. هذه الدعوة اعتقد، هي استجابة لدعوة المشاط بخطابه ليلة عيد الثاني والعشرين من مايو، لهذا العام؛ المبعوث فقط منفذ.. وإن سلمنا ان هذا الاهتداء العبقري، هو ما توصل إليه المبعوث ، وهذه الهندسة الجهنمية الذكية من صنعه، ويعمل بجد على ترتيب لقاء تاريخي مباشر بين الرئيس "العليمي" مع "المشاط" المنقلب؛ و ان المبعوث قد قرر بقدّه وقديده، بتوظيف كل الجهود والضغوط الدولية لتحقيق ذلك .. 

فإني اسأله . هل هذا الذي أنت قادم إليه، سيخرج اليمن من مأزقه؟!؛ وهل استنتاجك في محله؟ وهل أن المسألة ستحل لو اجتمع شخصان، هما الرئيس العليمي والمشاط؟ أيمكن بلقائهما الخروج من الحالة السلبية والصفرية إلى الحالة الإيجابية في شتى المجالات..؟

 

 إن سلمنا بذلك فمعنى ذلك أن كل انشطتك في المدّة السابقة، أنت ومن سبقك؟؛ كانت فساد في فساد؛ فلم تفلحوا بلقاءتكم بالمختصيين والاكاديميين والاقتصاديين والنشطاء والجندر وكل الذي التقيتموهم وانفقتم في سبيل جمعهم واستشاراتهم والاستئناس بارائهم الشيء الكثير .. 

ثم بذمتك هل تضمن لو التقيا؛ ان المشاط سيكون صاحب قرار؟؛ فإن كانت الإجابة بنعم!؛ فلتلتقيه أنت ابتداءً ؛ تكلم معه، وبعد لقاءك قرر..شريطة ألا تبدي قلقاً ولا امتعاضاً..

 ألا ترى معي أن حجم الإحباط الذي أصابك قد جعلك تُسطّح المسألة وتختزلها ، وبسببها تريد توظيف سلطتك ودعمك الدولي لجمع بين شخصين فقط.. لو كنت قلت عبد الملك الحوثي ربما لتفهمت ما ترمي إليه..

 اليمن يا عزيزي معقدة مشاكلها ومركبة، وتتطلب جلب جميع المكونات والقوى الفاعلة على الأرض لمائدة المفاوضات، على أن تطرح جذور القضايا وتكون هناك إرادة وعزيمة لحلحتها والخروج من هذا النفق المظلم!؛ 

المسألة أعقد بكثير من تصورك هذا ،فهي ليست شخصية، بل عقدية ووجودية يا مبعوثنا؛

هي بين مشروعين جمهوري واثناعشري دخيل!!

نسأل الله، بحق هذا اليوم، يوم عرفة؛ إخراج اليمن من مأزقه.. وعيدكم سعيد وكل. عام وانتم بالف خير..

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي