طبخة في اليمن..!(2)

د. علي العسلي
الخميس ، ٢٠ يونيو ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٥١ مساءً

 

لنتابع الحديث عن "طبخة" في اليمن..

أليس مكتب المبعوث كان قد عقد عدة اجتماعات بعدن وصنعاء والرياض؟ بغرض حل مشكلة النظام المصرفي، إذ لا يعقل القبول بسياستين نقديتين مختلفتين وبعملتين مختلفتين في دولة الجمهورية اليمنية، هذا الكلام يسوقه المبعوث للانخراط لحل هذه المشكلة، غير انه قال أن الفعل ورد الفعل بين البنكين قد عقدّ الوضع بحيث أصبح الاقتصاد كارثي، وجد خطير وقد يؤدي الئي التشظي المصرفي بشكل اعمق، وسيؤدي إلى تصعيد عسكري، فهذا وارد ومحتمل؛ ولذلك يقترح المبعوث بشكل عاجل إن يلتقيا الرئيس رشاد العليمي، ورئيس المجلس السياسي الحوثي مهدي المشاط ومن دون شروط بحسب إحاطته؟!؛

وكان قد قيل انه من ضمن الالتزامات التي وافقت عليها الأطراف، هو توحيد النظام المصرفي وإدارته من الأردن بغرفة مشتركة تحت رعاية أممية ؛

إلا ان الحوثي قد هاجم منشآت تصدير النفط ،مما أدى الى توقف كامل لتصدير النفط الخام ، والحوثي هو السبب الوحيد في جعل النظام المصرفي بسلطتين نقديتين وبعملتين مختلفتين، ثم هو من قام بطبع عملة مزورة غير شرعية وانزلها للتداول، واصدر ما سماه بقانون الربا، فسرق أموال المودعين وفوائد أموالهم.. وكادت البنوك الوطنية، أن تفلس أوهي في طريقها للإفلاس!؛

تلكم الإجراءات للآسف، سكت وتغاضى العالم عنها؛ فشجع الحوثي على الإستمرار بالانتهاكات والخروقات وعدم تنفيذ الالتزامات، ولم يرعوي الحوثي بعد؟!؛ومع ذلك يُراد مكافئه بتقديم طبخة له وعلى ذوقه؟؛

 فالحوثي في سباق مع التعطيل ؛ ولن تخرج خارطة الطريق السعودية الأممية عن هذا!؛

فبالله عليكم.. أليس بعد الذي أوردناه.. أنه من حق صاحب المركز القانوني، البنك المركزي اليمني أن يتدخل وينقذ العملة والنظام المصرفي والبنوك من الإفلاس؟!؛ تدخلّ ببعض الإجراءات المكفولة له قانوناً..أيُلام على ذلك؟!

والحوثي يختبر، فينجح؛ فكل قعل مشين يتخذه يقابل بالسكوت والصمت الدولي.. فيغريه ذلك ، فيعمل على زيادة غلتّه، فيستهدف السفن ويوسع ويصعد ليكسب أكثر؟!؛ وكلّما ارتكب الحوثي حماقة، فلم يجدوا إلا الشرعية ليضغطوا عليها، ويطالبونها بتقديم تنازلات أكثر.

والحوثي.. دائماً ما يشوّه الفكرة، ويخرب المبادرات، ويعيق ويعطل الاتفاقات.. فهو من عطًل تحييد البنك المركزي، وتوحيد النظام المصرفي بآلية موحدة وغرفة مشتركة؛ كما عطّل اتفاق ستوكهولم، وامتنع -وسيعطل خارطة الطريق إذا ما وقعها- عن توريد عائدات موانئ الحديدة، بل قام بنهبها، ولم يطلق الاسرى والمختطفين الكل مقابل الكل، بل ابتداع مبادرات محلية واطلق الفتات؛ ولم يفك الحصار عن تعز وباقي المحافظات؛ بل ها هو يفتحها، لغرض في نفس عبده!؛

أتنتظرون بعد هذا أن ينفذ الحوثي خارطة الطريق؟؛ الواقع يقول أن الحوثي معطل ومماطل ولا يرتجى منه شيء؛ فلماذا إذاً تطبخ له طبخة لإرضاءه؟!؛

ومن بين استنتاجاتنا وحكمنا ايضاً:

أن " المشاط" في ليلة الثاني والعشرين من مايو، قد دعا قادة التحالف للتوقيع الفوري معه على حلّ شامل يضمن السلام والاستقرار في المنطقة بحسب قوله،لأن ما يهمه هو شرعنته وجماعته وتبييض كل ما فعلوه طيلة تسع سنوات كانت ثقيلة جداً على اليمنيين!؛

وأن المبعوث الأممي في إحاطته الأخيرة، تبنّى دعوة "المشاط"، مع التحوير قليلًا، فأرسل رسالة رسمية للرئيس العليمي والمشاط يدعوهما للقاء مباشر غير مشروط، ويقول المبعوث أنه لا يزال ينتظر الرد..أريتم طبخة بهذا الشكل..؟؛ أن تُشرعن الأمم المتحدة انقلاب الحوثي، وتريد ان يتم اللقاء من دون شروط؛ أي من دون انهاء الانقلاب، من دون إعادة المؤسسات والأسلحة!؛

وأن الرئيس في خطابه بالعيد، قد عبّر -على ما يبدو يمارس عليه بعض الضغوط-، عن أمله في أن تسفر جهود الأشقاء والأصدقاء إلى دفع المليشيات لتحكيم صوت العقل والاستجابة للإرادة الشعبية الحرّة في اختيار مستقبلها ونظامها القائم على التعدد والعدالة والمواطنة المتساوية..

 بالواقع.. أيقبل الرئيس الشرعي ان يجلس مع مكلف من قائد عصابة إرهابي ومنقلب؛ هؤلاء البشر يكرهون الرئيس لأنه أعاد لليمن اعتباره، ومركزه القانوني داخلياً وخارجياً؛ ولذا.. تراهم يدّعون انهم أصحاب مسيرة قرآنية؛ ولو تابعتهم وبعضهم بدرجة نائب وزير خارجية، فلا تجد منهم سوى ثقافة وسلوك السب والشتم، وبأسلوب وقح جداً.. فليس معقولاً - مثلاً- ان يتفاوض الرئيس مع إرهابية؟!

الطباخون مستمرون في الطباخة.. وهناك أحاديث وتصريحات أخرى مماثلة أو مرتبطة بشكل أو بأخر بالحالة اليمنية.. وجميعها تشترك بإعداد وتجهيز الطبخة المناسبة لذوق الحوثي، ويبدو أن من مُقيِّلاتها، -ربما- طلب الحكومة الشرعية برفع العقوبة عن الرئيس الراحل صالح ونجله؛ وهذا ما سيجعل الحوثي يطالب بالمماثلة، وقد يفسّر الطلب على أنه موافقة بما يطالب به الحوثي بإعادة النظر بالقرارات ذات الصلة، وفي طليعتها القرار 2216 ؛ إذ يعني هذا، رفع العقوبة عن عبد الملك الحوثي، وعبد الخالق الحوثي، وابو علي الحاكم وغيرهم..

 وانا أرى سفينة تحرق ومصورة بشكل دقيق.. ما جعلني هنا أسأل وببراءة.. ترى.. أين التحالف العربي والتحالف الدولي من وصول (هدد) و(صافات) حزب الله إلى الحوثي، ليصورّ عملياته في البحر بكل هذه الدقة ؟!؛ ثم.. ألا تتابعون العمليات المشتركة بين الحوثي والمقاومة العراقية، وقد تجاوزوا الحدود القطرية؟ وكذلك ألا ترون حسن نصر الله وهو يخوف الكيان الصهيوني بالحوثي، ويتحداه يهاجمه ..ما الذي يجري؟!؛

إن كل ما سبق وما علقنا عليه، لو جمعناه لكوّن مكونات الطبخة التي تُعدّ على نار هادئة، والتي تجهز بنكهة شهية للحوثي لا غيره .

وهنا أنبه الشرعية والتحالف بقيادة المملكة ؛ اقول لهم رجاءً عدم التفريط بتضحيات الشعب اليمني، فأوصلوه لتطلعاته، كي يعيش بدولة آمنة مستقرة، تحترم جيرانها ولا تعتدي.

أسأل الله ألا تطغى مصالح الدول على مصالح اليمنيين، وألا يُشرّعن لمن يستخدم العنف، ليكون الحاكم الفعلي لليمن أو في غيره من الأوطان.. ونسأل من الله أن يخرج اليمن من أزمته..

وعيد سعيد؛ وكل عام وقيادتنا وشعبنا وأمتنا بألف ألف خير..

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي