التعايش السلمي بين المجتمعات والحضارات البشرية كان ولا يزال وسيظل الطريق الآمن والبيئة المناسبة لتطور وتقدم وازدهار الحضارات الإنسانية في كل زمان ومكان ، ولا خلاف ولا جدال بأن السلام يعتبر من أهم عوامل التقدم والرقي الحضاري الإنساني ، من أجل ذلك أمر الله تعالى المسلمين بالدخول في كل ما من شأنه تحقيق السلام ، قال تعالى (( أدخلوا في السلم كافة )) ، بينما الحروب والصراعات كانت وما تزال وستظل من أهم العوامل التي تقوض جهود البناء والتطور ، ومن أهم العوامل التي تؤدي إلى تراجع وزوال وانهيار الحضارات البشرية ، من أجل ذلك نهى الله تعالى المسلمين عن القيام بأي أفعال وأعمال عدوانية ضد الآخرين ،، قال تعالى (( ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين )) ، لذلك كان وما يزال وسيظل التعايش السلمي مطلب كل شعوب العالم ، وغاية سامية يرنوا إليها غالبية بني الإنسان ، في كل زمانٍ ومكان ، ما عدا شذاذ العقول ، والأمراض نفسياً ، وأعداء الحياة ، وتجار الحروب ، وأصحاب المصالح السياسية والأطماع السلطوية ، فمصالحهم وتجارتهم تزدهر وتتطور في ظل الحروب والصراعات ، وتعاني من الكساد والبوار في ظل السلام والتعايش السلمي ، لذلك نراهم دائماً لا يترددون عن زراعة الفتن وصناعة المزيد من الحروب الصراعات بين البشر ، ولا يتوقفون عن بث روح الكراهية والحقد بين الأخوة في الإنسانية ، بل إنهم يثيرون الفتن بين الأخوة في الدين الواحد ، والوطن الواحد والمجتمع الواحد والأسرة الواحدة ..!!
وللآسف الشديد .....
كان وما يزال صوت دعاة الحروب والفتن ، هو الصوت الأقوى والأرفع والفاعل والمسموع والمؤثر على الكثير من الناس ، بينما صوت دعاة السلام والتعايش السلمي ، كان وما يزال هو الصوت الأقل تأثيراً وحضوراً واستماعاً ، لذلك كان وما يزال تاريخ البشرية الطويل ، حافلاً بالكثير من الحروب والصراعات الدموية والمأساوية ، وحافلاً بالقليل من فترات السلام والتعايش السلمي ، وهو ما تسبب في انهيار الكثير من الحضارات الٱنسانية ، وتسبب في حدوث الكثير من المآسي والكوارث وجرائم الحروب ، التي دفع البشر ثمنها الباهض في كل زمان ومكان ، من دمائهم واستقرارهم وأمنهم وحياتهم وكرامتهم وإنسانيتهم ، ومن يبحث في كتب التاريخ البشري ، سوف يجد بأن معظم الملوك والحكام والقادة ، من مختلف الحضارات الإنسانية كانوا دعاة حروب ، إما لإشباع نزواتهم في التوسع والسيطرة ، أو لإشباع غرورهم في إذلال الآخرين واستعبادهم ، أو لإشباع غرائزهم في جمع الأموال والثروات ، والقليل جداً منهم كانوا دعاة سلام وتعايش سلمي ..!!
ورغم التقدم الكبير الذي تشهده البشرية في عصرنا هذا ، ورغم تنامي دعوات السلام ، وإنشاء منظمة الأمم المتحدة ، بهدف الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ، بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها البشرية ، بسبب الحرب العالمية الأولى والثانية ، ورغم بروز الكثير من المنظمات والمؤسسات المعنية بالسلام والتعايش السلمي ، إلا أن الصوت الأعلى ، والكلمة الأقوى ، لا تزال لدعاة الحروب وأعداء السلام والتعايش السلمي ، لذلك نراهم يشعلون الحروب والصراعات ، تحت مبررات متعددة ، تارةً تحت مسمى الحروب الدينية المقدسة ' وتارةً تحت مسمى محاربة الإرهاب ، وتارةً تحت مسمى الدفاع عن المصالح الوطنية والقومية ، وبذلك فإن تحقيق السلام والتعايش السلمي بين البشر ، كان ومايزال وسيظل حلماً عظيماً وسامياً ، يراود كل الأخيار والعقلاء والحكماء من البشر في كل زمان ومكان ، وستظل الدعوة إلى السلام ، والعمل على تحقيق التعايش السلمي بين المجتمعات والشعوب والحضارات البشرية ، من أفضل وأعظم الأعمال الصالحة ، وقيمة دينية وإنسانية وحضارية عظيمة ، قال تعالى (( الصلح خير )) ، فالخير كل الخير في السلام والتصالح والتعايش السلمي بين البشر ، كما أن الدعوة إلى الحروب والصراعات والكراهية والعنف ، كانت وما تزال وستظل كابوساً مخيفاً ومرعباً ، يهدد حياة البشر حاضراً ومستقبلاً ' فالحرب هي التجسيد الواقعي والفعلي للشر ، بل إنها الشر في أبشع صورة ، باستثناء الحروب الدفاعية المشروعة كرد العدوان والدفاع عن النفس ورفع الظلم عن المظلومين.والدفاع عن الحقوق والحريات الانسانية ..!!
-->