الإيجابية هي كل الأعمال الصالحة والسلوكيات الحسنة والأخلاق الفاضلة والحميدة ، وحب الخير لكل الناس أياً كان دينهم أو لونهم أو عرقهم أو جنسهم ، وهي العنوان الشامل للمثالية والفضيلة والإنسانية ، وهي التجسيد العملي لانتصار نزعة الخير داخل النفس البشرية ، وهي الثمرة الطيبة للتربية والتنشأة الصالحة والثقافة الراقية المتحررة من كل صور الكراهية والتعصب والتكبر والغرور والتمييز العنصري والتطرف والتشدد والتفسخ والانحلال ، والإنسان الإيجابي هو الصورة المثالية للإنسان الواعي والمفكر والناضج والمسئول والمرن والمنفتح والسلمي والمدني والحضاري ، الذي يقبل بالآخر ويحترم الآخر ولا يتدخل في الشئون الخاصة بالآخرين ، ولا يستهلك وقته وجهده في تتبع سقطات وسهوات وعورات وعثرات الآخرين ، والذي يسخر كل وقته في البحث والقراءة في مجال الثقافة الايجابية والمدنية والإنسانية ، التي تنمي في داخله الشعور بالآخرين والإحساس بهم ومعاملتهم المعاملة الحسنة ، والتي تجعله يتسامى فوق الاختلافات الدينية والتعصبات المذهبية والطائفية والدعوات العنصرية ، التي تصنع العداوة والكراهية والحقد بين الإنسان وأخيه الإنسان ..!!
فالإنسان الإيجابي ينظر إلى كل إخوانه في الإنسانية بمنظار واحد دون تمييز ، ويعتبر كل الاختلافات القائمة بينهم هو التجسيد الواقعي لسنة الله تعالى في هذا الكون القائمة على التعدد والتنوع ، والإنسان الإيجابي هو الذي يدعوا الآخرين إلى دينه ومعتقداته وأفكاره بالحكمة والموعظة الحسنة ، استجابة لقوله تعالى (( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )) ُ، والإنسان الإيجابي يؤمن إيمان قطعي بأنه لا مجال للقوة والإكراه والإجبار والعنف لتغيير معتقدات وأفكار الآخرين قال تعالى (( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي )) ، وفي نفس الوقت يحترم معتقدات وأفكار الآخرين لكي يحترموا معتقداته وأفكاره ، وهو بهذه الخطوة الإيجابية يفتح أبواب الحوار والنقاش الإيجابي معهم ، ويجعل الحجة والبينة ميدان لكسب العقول والقلوب بالإقناع والاقتناع ، بعيداً عن الوسائل السلبية والوحشية والعدوانية التي تصنع المزيد من الكراهية والأحقاد والبغضاء والنفور والحروب والصراعات بين أتباع الأديان والمذاهب الدينية والنظريات والإيديولوجيات البشرية ..!!
والإنسان الإيجابي هو الذي يسخر كل وقته وجهده في الدعوة إلى السلام والتعايش السلمي بين البشر ، ويدعوا إلى وقف الحروب والصراعات لما يترتب عنها من سفك للدماء واستباحة للأموال والأعراض ، وما يرافقها من انتهاكات جسيمة وكبيرة للحقوق والحريات الإنسانية ، وما ينتج عنها من جرائم واعتداءات وحشية في كل زمان ومكان ، والإنسان الإيجابي ينظر إلى الحقوق والحريات الإنسانية نظرة احترام وتعظيم ، فلا يجوز بأي حال من الأحوال لأي سلطة أو جهة كانت انتهاكها أو الاعتداء عليها أو مصادرتها ، والإنسان الإيجابي هو الذي يرى بأن العلاقات بين المجتمعات والشعوب والحضارات البشرية يجب أن تقوم على التعاون والتعارف والتنافس الإيجابي وتبادل المعلومات والخبرات والعلوم والابتكارات في كل المجالات ، ويرفض تلك الدعوات والأفكار التي تسعى إلى تحويل الحياة إلى حلبة حروب وصراعات مستمرة ومتواصلة بين الشعوب والحضارات البشرية ، والإنسان الإيجابي هو الذي يرفض الظلم والطغيان والاستبداد والعبودية ، ويعشق الحرية والتحرر والكرامة ، وينحاز دائماً وأبداً إلى صف الحق والعدل والمساواة والضعفاء والمظلومين في كل الظروف والأحوال ، وكلما ترقى الإنسان في البحث والدراسة كلما استنار عقله ، وصقلت مواهبه ، وتوسعت مداركه ، وتحررت أفكاره ، وكلما كان إلى الخير والإنسانية والفضيلة والإيجابية أقرب ..!!
-->