السلام معناه ضد الحرب.. السلام هو غياب العنف والاضطرابات والإرهاب والنزاعات الدينية، أو الطائفية، أو المناطقية أو السلالية.. السلام معناه الأمان والاستقرار والانسجام.. هو الوصول إلى حالة من الهدوء والاستقرار.
السلام هو أن يعيش الجميع في أمان، دون خوف أو تهديد بالعنف، بأي شكل من الأشكال؛ ومحميّون بحزمة من النظم والتشريعات، وأهمها الدستور والقانون، التي تحرص على إنفاذهما جميع مؤسسات الدولة.
السلام هو أن يكون الجميع، سواسية أمام القانون، وتكون أنظمة العدالة موثوقة، وتحمي القوانين حقوق الناس.
السلام هو أن يكون كل فرد قادراً على المشاركة في صياغة القرارات السياسية وتكون الحكومة مسؤولة أمام الشعب.
السلام هو أن يتمتع كل فرد بإمكانية الوصول العادل والمتساوي إلى الاحتياجات الأساسية التي تضمن ان يعيش في حياته وأسرته بكرامة انسانية.
السلام هو أن يتمتع كل فرد بفرص متساوية في العمل وكسب الرزق، بغض النظر عن منطقته وايدلوجيته.
السلام ليس معني به أطراف الصراع فقط، بل ينبغي أن يُسهم جميع الفاعلين في بناء الثقة، وتعزيز المصالحة، ودعم عمليات السلام، وتعزيز الديمقراطية، وإطلاق مبادرات المواطنة المتساوية ومكافحة الفساد وإصلاحات حكومية؛
وإشراك القطاع الخاص في تحمّل مسؤولياته في بناء مداميك السلام، وفي خلق فرص عمل ووظائف مستدامة.
السلام ينبغي أن يتحقّق بشكل تعاوني، على كافة المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية.
السلام عملية مستمرة، ويتزامن مع بناءه، إحداث وعي مجتمعي عميق، يركّز على أهمية التعايش وقبول الأخر، واكتساب المقدرة على إدارة الخلافات والنزاعات، بعيدا عن الحروب والكراهية والمناطقية والإستعباد والتسيّيد لسلالة أو مرجع.. ليعلم الجميع اننا في عالم اليوم، نعيش في هذا الفضاء العالمي، الذي كأنه كله قرية وأسرة واحدة!
وبالنظر إلى كل ما سبق.. فإن كل مباحثات واتفاقات وتفاهمات جرت وحتى خارطة الطريق للسلام باليمن؛
أجدها كلها متعالية، وغير واقعية، وتخدم فقط النخب ومصالحهم واستمرارهم.. ولا تلامس ابداً حاجات الناس وتطبّب جراحاتهم، وتَجبُر ضررهم. والسبب في اعتقادي راجع إلى غياب وتغييب الضحايا، أصحاب المصلحة الحقيقية في صنع السلام والمحافظة على بقائه.
والمبعوث الحالي، كما كل مبعوث سبقه.. وظيفتهم مقيدة، روتينية، لا يتخللها اجتهاد، ولا تقديم تصورات إبداعية لحل المشكلات.
فالمبعوث( هانس غروندبرغ)، يحاول ويجتهد وينشط ويناور.. لكنه.. مُحيطاً ومُحاطاً ومُحبطاً!!
فهو محيط بتفكير ورغبات القوى المتصارعة والتي رؤيتها للحلول متناقضة، ومحيطا بما تشتهيه الدول الكبرى من مصالح في هذا الموقع الاستراتيجي من العالم، ومحيطاً بتضارب المصالح الأقليمية في اليمن.
يرى المبعوث إلى اليمن، اليمن ويتحسر، يرى وكلاء يمنيين لدول إقليمية بأيدلوجيات ومصالح متناقضة؛
ويرى إملاءات الدول الكبرى.. ولذلك لا غربة في أن تظهر كل إحاطاته، متحفّظة وحذرة، ومراعية لحساسية الأطراف والدول ، وتفتقد للتفاصيل وتحميل المسؤوليات، وتغلب عليها العموميات إلا ماندر.
فهو إذاً مُحاطاً بسلسلة من المصالح والأيدلوحيات والتناقضات والتعقيدات، وبها لا يستطيع الوصول – ربما-، "مادياً ومعنوياً" لإشراك ضحايا الحروب والصراع في إقامة سلام حقيقي يخدم الجميع، وبخاصة منهم المتأثرين من الصراع في اليمن قبل غيرهم.
وهو مُحْبطاً وهو يرى سخافات الأطراف المتصارعة وتقزّمهم أمام يَمَنِهم الكبير بأهداف ومشاريع صغيرة، ومماحكات سياسية ثأرية وانتقامية، وتراه اشدّ إحباطاً، وهو يرى تصارع القوى الكبرى والدول على اليمن، بينما بعض أهله وكلاء لهم ولا يقدّرون ثمن بلدهم وتضحياته.
لذلك نراه محبطاً في كل إحاطاته يكررها ذاتها، ولا يرى مساعدة له محلياً وخارجياً لإحراز أي تقدم في المهام المكلّف بها!
.. يتبع.. 2..
-->