هذه أيضاً وجهة نظري

د.مروان الغفوري
الاربعاء ، ١٢ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ٠٩:٤٥ صباحاً
 
فبعد عدد من المقالات التي اصطدمت من خلالها بحزب الإصلاح قبل عام عدتُ إلى القناعة نفسها، وهي أن حزب الإصلاح بكتلته المتجانسة والقوية وحضوره القوي داخل الطبقة الوسطى، وتواجده اللافت على المستوى المدني العام "نقابات، طلبة، موظفون، وساسة" يمثل في كل الأوقات الرافعة القوية للمشروع الوطني. في كل اللحظات الوطنية الحرجة، من السياسة إلى الثورة إلى المقاومة، كان الإصلاح حاضراً، وحاضراً بكل ما لديه، ولم يوفر شيئاً.
 
ويا لها من مصادفة أن يتحدث الإصلاح قبل يومين عن أربعة من رجاله سقطوا "شهيدان وجريحان " في نفس الحادث الذي سقط فيه ثلاثة جنود إماراتيين في منطقة العلم بعدن. انفجر لغم في مدرعة إماراتية، وكانت محاطة بالإصلاحيين.
 
في تلك الحادثة استشهد أحمد كربج، رئيس دائرة الانتخابات في إصلاح أبين. وجرح الدكتور نزار بامحسون رئيس فرع الإصلاح في كريتر
هناك ألف سبب للاختلاف مع الإصلاح. لكنه حزب، في تقديري الشخصي طبعاً، ينتمي إلى حالة السلام. أي أن الوقت المناسب للصدام/ الصراع معه هو حالة السلم، السلم الأهلي العام. ستنفجر عشرات القضايا النظرية للاختلاف، وسيكون المشهد ثرياً جداً، مشهد الجدل العام. حتى الآن لا استقرار، والإصلاح راهناً هو واحد من التشكيلات الوطنية التي أخذتها الرياح التي أخذتنا جميعاً وضربت به عرض الحائط. 
 
لقد مرنت السياسة ذلك الحزب وعلمته كيف يختار قضاياه وصراعاته الكبرى. وهو، بالمعنى التاريخي، من أكثر الأحزاب العربية التي خاضت غمار السياسة. الجيل القديم خاض صراعاً عبر البندقية. الأجيال الجديدة تنتمي لحقبة مختلفة كلّيا. ومنذ أكثر من ربع قرن والإصلاح يدرب أفراده على أن يكونوا ناخبين جيدين، وسياسيين مرواغين. وزع في السنوات العشر الأخيرة منشورات سياسية أكثر من المنشورات الدينية، وتخلّى إلى حد بعيد عن مدونته الأخلاقية السبعينية واختلط خطابه بالقومي واليساري والوطني حتى تلاشت ملامح إسلاميي الستينيات في النسخة اليمنيية من الإسلاميين. ولذلك استثناء بالطبع. الباحث النظري سيندهش لحجم وعمق التحوّل الذي أنجزته النسخة اليمنية من الإسلام السياسي حين يقارن المشهد الإصلاحي حالياً بالصورة التي كان عليها في السبعينات. 
 
من المؤكد أن ذلك التحول حدث بالتوازي مع تحول عام وبطيء تنجزه الحركة الوطنية بصفة عامة. وعندما عدتُ من مصر، بعد عشر سنوات، زرتُ أحد الشخصيات الإصلاحية الكبيرة بدعوة منه. كان وزيراً عن الحزب في حكومة سابقة. في المقيل تحدث الإصلاحي عن الأبعاد القومية في الرؤية الإسلامية وتداخل مثقف نصري كبير، عمل سفيراً في السابق، للحديث حول المرجعية الإسلامية الحضارية للمشروع القومي. كنت قادماً من مصر، حيثُ لا توجد أرض مشتركة للعمل السياسي، هناك حيث الأحزاب كمائن والإيديولوجيات خطوط نار، وفاجأني منطق اليمنيين الجديد، اليمنيين الفقراء والأذكياء.
بقي الكثير من الكلام الذي يمكن أن نقوله في مواجهة حزب الإصلاح حتى يصير حزباً أكثر ملاءمة لعالم أبل وغوغل وأمازون، ولكن ليس الآن.
 
تعظيم سلام للإصلاح. تعظيم سلام للإصلاحيين، القدامى والجُدد.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي