ثقافة التسامح والتعايش والسلام هي من أرقى الثقافات التي تجلب الخير والسعادة للمجتمعات وبها تنمو وتزدهر وهي أشبه بنهر يستفيد منه السكان كل يوم ولا يجلب لهم سوى الراحة والسعادة للنفس .
نحن بأمس الحاجة الى ثقافة التعايش تلك الثقافة الأصيلة التي تسقل الجوهر وتجعل المجتمعات التي تؤمن بها وتمارسها في استقرار روحي وفي مقدمة الشعوب , يبدو ان الحرب ولدت ثقافة دخيلة لم تكن موجودة في بعض البلدان العربية وتكاد ان تقضي على قيم التعايش والاخاء والسلام ففي كل العصور كانت ثقافة التعايش حاضرة وبقوة فقد عايش المسلمين اليهود والنصارى وتحدث القرآن عن ان النصارى اقرب مودة الى الاسلام لكن هناك من يفسر بلسانه لا بلسان الدين ويسير بالطريق الذي يجهض تلك البذرة النبيلة التي ان وجدت لايزرع معها الا كل ماهو مفيد ينفع الناس ويجعلها تحمل قلوباً نقية وافكار نيرة تحب لا تكره و تتسامح ولا تحقد وتعايش ولا تفرق هكذا يجب ان يكون فكرنا وثقافتنا حتى لانقف وراء اكمة بعض المذاهب والافكار والمعتقدات التي يغلب عليها الجمود الفكري والتطرف المذهبي و الذي لا تعرف معنى لسلام او تعايش وتنسى حتى ان الله هو السلام حتى ان تصورهم للدين انه سلعة خاصة بهم لا يجوز لغيرهم ان يتحدث عنها ولا لغيرهم ان يعرضها وفق فكر خالي من شوائب الكراهية .
حضرت في عالم اليوم ثقافة الكراهية وهناك من يعمل على تصديرها دون النظر لمخاطرها واثرها المخيف على المجتمعات فلماذا لانستخدم قوة العقل والفكر والحجة ونذيبها ونجعل من واقعنا يسوده الأخاء والحب والسلام والتعايش , فإذا كانت بلدان قد اذابت الكراهية وجعلت التعايش هو طريقها ومن خلالها بنت حضارة وعمران و خلقت وعي وفكر الإنسان , فلننظر في الزمن القديم ماذا صنع التعصب للافكار والمعتقدات غير الويلات والحروب التي لم تكن تتوقف , نحن اليوم نرى بلدان تحترم الانسان وتجعل له قيمة في الحياة وتشفق عليه في كل شيء حتى انها دمجت اشخاص بأفكار ومعتقدات وديانات ولغة اخرى في مجتمعها وجعلت لهم نفس الحقوق والحريات ومساحة كبيرة في ممارسة طقوسها ليجدوها بلدهم يدافعون عنها بالحجة والبرهان .
كل المعطيات التي نراها ونشاهدها تقول لنا ان لا مناص ولا خلاص لنا للخروج من بوتقة الجمود الفكري والمذهبي والتمييز بين النوع والفكر والمعتقد سوى ثقافة التعايش وهي من ابلغ واعمق الثقافات التي قفزت البلدان والشعوب التي تتمسك بها الى مقدمة الركب .
يجب ان تتسع صدور الجميع وان لاتضيق بأحد وتؤمن بالتنوع القائم على اساس التعايش تلك القيمة الانسانية العظيمة واذا لم تكن كذلك سنكون اشقياء كلما اطلت علينا افكار تفاؤلية تدعوا الى التعايش هناك من يعمل على تعكير هذا الأفكار ويمارس التضليل والتشكيك بها ويخلق افكار جامده لاتصنع في الواقع غير الكآبة ومناخ لايبشر سوى بالضرر والندامة بمعنى ان هناك فرق بين الأمل الذي يراه الناس ويمطر وينفع وبين من يحول المجتمعات الى قوالب جامدة لا تتسع لرأي وتضيق صدرها لكل من يخالف .
نحن مع ثقافة الحب والتعايش والسلام ولانرى في الثقافات الجامدة والافكار المحنطة التي لا تصدر سوى الاحقاد والتمييز بالنوع والجنس غير الظلام , فالله كرم الإنسان وخاطبه بيايها الناس ويا ايها الذين امنوا ولم يكن هناك خطاب للرجل او للمرأة او اسود وابيض والرسول عليه الصلاة والسلام اتى ليتمم مكارم الاخلاق وكان جوابه على سؤال اي المؤمنون اكثر ايمانا , احاسنكم اخلاقاً , فلم يقل اكثركم صلاة او اطولكم لحية او احسنكم صوتاً لقرأة القرآن .
فكلما تعمقنا في الفكر والمعتقد والأديان نجدها جميعها تدعوا الى التسامح والتعايش والرحمة والسلام لكن هناك من لايرى في نفسه وطريقه سوى احقيته في عرض سلعتة لوحده وانها ملك له وحق عليه ولا تتسع صدورهم للمذاهب والاديان الاخرى وهذا جزء من اسباب السقوط وشقاوة الأمم .
لا يمكن لنا النجاة والخروج من هذا الواقع المؤلم سوى بالتعايش مع بعضنا كأفراد ومجتمعات والانطلاق بهذه الثقافة الراقية والانصهار بها التي تحمل فكراً وقيماً اصيلة تعلم الفرد كيف يكون انساناً فيه كل التفاصيل التي تقدر الانسان وثقافته وفكرة , اما اذا بقينا كلاً يتمترس وراء مذهبة او معتقدة فلن ننجوا وسنتوه ولا نصل الى مرفأ النجاة ، فحتماّ بقيم التعايش نرتقي ونبني الإنسان القويم .