فضفضة يمني متأثر! (2)

د. علي العسلي
الاثنين ، ٢٠ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٠٠ مساءً

 

إن السلام الشامل والعادل، لا يتحقق إلا بردع الغاصب وتجريده مما اغتصبه؛ وبحتمية إشراك المتضررين من الصراعات بالحلول.. والتخلي عن النظرة القاصرة في الاكتفاء بجلب الأطراف المتشاكسين المتصارعين إلى الطاولة فقط .. فذلك فيه ظلم كبير، وصفقة غير عادلة، ولا يمكن البناء عليها لسلام شامل ودائم.

إذْ لا يجوز أن يكافئ الذين تسببوا في كل هذا الدمار والتدهور والانهيار، بأن يكونوا هم، بناة المستقبل وصُنّاعه..وهم من يتقاسمون السلطة والنفوذ والثروة على حساب ضحاياهم؟!

وكما قلت .. حاول ويحاول المبعوث الأممي المناورة، وإحداث إختراق في ((صنمية)) التفكير والتصورات والمواقف والإجراءات.. لكنه لم يستطيع بعد، إخراج اليمن واليمنيين من مأزقهم، ومن النفق الذي وُضِعوا فيه .. بذل جهداً ونشاطاً مكثفاً، بجولاته المتعددة المكوكية، وورشه وتوجهاته وإحاطاته المستمرة..

 ومع ذلك.. لم يصل إلى المبتغى.. ولا يزال حاملاً لِهّم وكرب اليمنيين، مُبدياً الإخفاق والفشل والإفشال، وشاعرا بالاحباط، ومتعكّزاً على الأمل..

فنترحم لحاله، ونشعر بمرارته، ونقدر إحباطاته!؛

غير أننا مع كل ذلك.. ينبغي أن نصارحه وننتقده؛ لأن كل ذلك حصل ويحصل، بسبب منهجه المتبع ومستهدفاته، اهتمامه بالنخب دون النزول الى الواقع إلى أصحاب المصلحة، الذين يذوقون المرارة ويعانون التعب.

ولأنه فقط اكتفى بأن يطير للعواصم لتوصيل رسائل من البعض للأخر، أو لاستكشاف مواقف، وليس حاملاً رؤية ناضجة مبنية على قناعته وموقفه، بغرض الإقناع والتبنّي والدعم!؛

يطير لعواصم القرار الدولي، فكلما نقل اليهم شيئاً، قد يراه مفيداً، يفاجأ بطلب جديد، وهكذا.. وعندما يهبط بعواصم الفعل والتأثير.. لا يحمل إليها لا تهديد ولا وعيد، يهبط إليها فارغاً بلا جديد، فيتحولّ كأنه ساعي بريد.. فيفاجأ كذلك بالعرقلة والتصعيد، فيقابلهم بالمرونة ومزيد الفرص، ويتباطأ من الطلب من مجلس الأمن لهم بعقوبات أو بالتشديّد.

وخلاصة القول.. لابد أن يكون الدعم كاملاً من المجتمع الدولي للمبعوث الأممي من دون معيقات أو شروط، وألا يكتفى بالاقوال، بل ينبغي أن يرى ذلك على الأرض بالافعال، ومن يعرقل يجد مجلس الأمن له بالمرصاد..

مطلوب من المبعوث، أن يقوم بما فوّضه به مجلس الأمن بحرفية ومهنية، بعيداً عن تدخل الدول وتأثير الأشخاص، وإرضاء بعض الأطراف!

وعلى المبعوث إن أراد النجاح، وأراد الانتصار لليمن واليمنيين وإخراجهم من نفقهم المظلم؛

أن يخرج هو من النفق ، وأن يخرج من المربع الذي وضع نفسه فيه، وأن يخرج من فضاء الأحزاب وأطروحاتهم المتناقضة التي تجلب له الإحباط، وأن يخرج من دائرة تحقيق المطالب والرغبات الضيقة لبعض المناطق والفئات، وألا يكرر الالتقاء بمن قد التقاهم، ويلتقي غيرهم من مكوناتهم، فقد يسمع منهم جديداً لما يفيده ويغير عنده القناعات!؛

وأن يخرج المبعوث من الغرف والصالات، والإلتقاء بالمتضررين في الساحات، وأن يتلمّس مشاكلهم لينتج حلاً يفرضه في اليمن على مستوى المدن والمرتفعات.

عليك يا أيها المبعوث إن أردت النجاح.. أن تشرك ممثلين عن المتأثرين الحقيقيين من الحرب والصراع والعنف بدلاً من الاهتمام فقط بمن قتل وشرّد وجوّع وحاصر من تلك العاهات!

ينبغي عليك ومكتبك الإنخراط والوصول إلى المتأثرين من هذا الصراع المرير، وإشراكهم في التفاوض والحوار والوصول إلى سلام يرضيهم.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، إشراك: "أسر الضحايا، والجرحى، والأسرى والنازحين والمفصولين والموظفين والزراع والتجار والعمال والنقل والشحن التفريغ.. ثم الجنود والمقاتلين في متارس التماس، ثم من عيّنة عشوائية من المواطنين في كل جغرافيا اليمن"؛ للتدارس معهم في الحلول، وإشراكهم في صناعة السلام وتنفيذه..

 هذا إن كنتم حقا تريدون لليمن السلام، والعيش مع جيرانه والعالم بوئام!

.. والسلام ختام..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي