بين جيل الأرجيلة والهدرة وجيل اجدادنا صناع الحضارة!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الأحد ، ٢٠ أغسطس ٢٠٢٣ الساعة ٠٨:٠٤ صباحاً

 

كنت اتصفح الفيس بوك وطلع امامي صورة تقول هذه هي المسافة، التي قطعها العرب من الجزيرة العربية إلى اسبانيا، يقصد صاحبها في الفتوحات الإسلامية من أجل يقولون للاسبان "لا إكراه فى الدين" ، ويقصد صاحبها التمسخر هنا. وهناك من يقول ان العرب لم يتجهوا الى افريقيا لنشر الاسلام وانما اوروبا والسبب النساء. والصحيح من الاخر، افريقيا لم تشكل تهديد للامبراطورية العربية الاسلامية وانما الحروب والغزوات كانت من الشمال ومن الشرق بشكل مبسط حتى عندما كان العرب قبائل قبل ان يخرجوا من جزيرتهم.

ومن هنا يكون الصحيح أن الإمبراطورية العربية الإسلامية مثلها مثل غيرها من الامبراطوريات السابقة كان لابد من حماية ذاتها و التوسع الى قلب التهديد لاسيما فقد حاربت بيزنطة العرب ٥٠٠ سنة وحتى الحروب الصليبة الاولى كانت نقط تجميعها القسطنطنية. الامبراطورية البيزنطية امتدت في حروبها ليس للشام ومصر وانما الى شمال أفريقيا وكذلك الحال مع الامبراطورية الفارسية، فهي لم توزع ورود للشعوب العربية أو غيرها المقهورة. العرب بنظر الفرس والروم البيزنطيين كانوا مجرد بدو رعاة الشاة والجمال لا اكثر ولا يجب ان يكون معهم كيان يذكر ولذلك حشدوا ٤٠ الف مقاتل للقضاء على دولة المدينة في بدايتها، ولذا كان طبيعي أن تولد دولة من رحم المعاناة وتعتق شعوب الأرض من الظلم والقهر وتسترجع الكرامة، وما معركة يوم ذي قار قبل الاسلام للعرب الا معركة ضد التجبر والغطرسة والظلم .

الادوات اليوم تغيرت لكن لازال التسلط  الدولي موجود بشكل اخر وما مع امريكا اكثر من ١٠٠٠ قاعدة عسكرية في العالم ليس بعيد عنا ولا تلك القواعد توزع ورود وحلوة وانما لتحقيق اهدافها ونشر فكرها والهيمنة. اليوم الفكر تغير صحيح ولكن ليس من العدل التهكم على ناس قبل ١٤٠٠ سنة ارادوا يكونوا احرار وامة قبل ١٤٠٠ سنة حتى وان كانت هناك أخطاء فذلك من تدافع البشر. العرب لم يمن احد عليهم، انتزعوا اوطانهم وجغرافياتهم بسيوفهم وشكلوا لهم دولة وبزمان قياسي وبطريقة عبقرية خارقة. لم يكونوا الاكثر و لكن كانوا  الافضل في القيم بين ماهو موجود وقتها وهذا ما جعلهم ينتصرون على الظلم والتجبر والغطرسة حتى وان كانت هناك اخطأ. فبلاد العراق عربية والشام عربية وقبائل المغرب تعود اصولها لنا، فهل نتركها تحت الاحتلال حتى لا يأتي شخص بعد اكثر من ١٤٠٠ سنة  يقول كان المفروض ننهج اسلوب النقاش الناعم و  نلتجىُ  للامم المتحدة لنقول لبيزنطة ان تخرج ؟

الم يقرر الرومان إنهاء الدولة العربية الجديدة في المدنية، والتي تبعد عن عاصمتهم ومركزهم اكثر من ٢٤٠٠ كم، وخرجوا بجيوش عرمرمية تقدر ب ٤٠ الف مقاتل في تبوك، فهل نحن قلنا لهم تعالوا ارضنا؟ في اليرموك حشدت الامبراطورية البيزنطية ٢٤٠ الف جندي ضد العرب كنا تقول بعض المصادر، فهل نحن قلنا لهم تعالوا ارضنا؟ وفي القادسية حشد الفرس ٢٠٠ الف مقاتل و ٣٣ فيل ليس لتوزيع الحلوى ولكن لسحق العرب وفي ارضنا. انتصرت دولة المدينة بدافع العدل والحرية والطموح والقيم والعقيدة والمساواة وتم تحرير العرب وغيرهم من العبودية والتبعية الى ان ضيعها من ينتقد اليوم بهم  وجالس يهاجم الاسلام.

التوجه لشمال افريقيا كان ضرورة لدولة مستهدفة خرجت من تحت الصراع لتحرير الشعوب المقهورة من ظلم الامبراطورية البيزنطية، والتي حكمت شمال افريقيا ايضا، و التي كانت مقاطعات بيزنطية ايضا ورغم دحر بيزنطة الا ان بقاء القسطنطنية برغم بعدها جعلها تستنفر اوروبا لحرب العرب ولم تتوقف الا بعد السلطان الفاتح. وبدل من ان تذرعوا المسافة من جزيرة العرب الى اسبانيا انظروا لحالكم فلولا ابائكم وسيوفهم والعقيدة لكانت اوروبا بعد النهضة اخذتكم كعبيد بدل الافارقة، وبدل من عرض التاريخ لنتعلم ونرتقي نحاول نقلل من ابائنا واجدادنا ونحن اليوم عرة الامم.

 لم نسأل انفسنا كيف ل ٣٠ الف مقاتل ان يهزموا ٢٤٠ الف جندي في اليرموك وتقريبا مثلهم في القادسية وفي شهور . دارت معارك لاتنتهي بين الروم والفرس ولم تنتهي أي امبراطورية منهما، وعندما جاء العرب تغير الكوكب وانتهى الظلم وحرروا شعوب مطحونة و فيها ملايين البشر، وكيف تغيرت ثقافة تلك الشعوب دون عنف؟ و كيف حكم المسلمون الهند ل ١٠٠٠ عام دون ان يجبروهم على الدين؟

العبقرية ان اجدادنا دخلوا اسبانيا وكانت خاضعة للإمبراطورية الرومانية المقدسة بشكل سريع لرفع الظلم. كان يحكمها بعد الإمبراطورية الرومانية القوط الغربيون وهم قبيلة متوحشة ظالمة كغيرها  وحاكم سبتة حسب الرويات الاسبانية وليس العربية استنجد بالعرب في القيروان لتخليص الناس الظلم. وعندما وصل طارق لم يصل بمليون جندي وانما بسبعة آلاف رجل وبعده موسى ب ١٨ ألف رجل، فهل يعقل ان تخضع الجزيرة الأيبيريه كلها للعرب و يقبل الايبرين التحول في ضربة واحدة الى الاسلام ويتركوا أعرافهم وتقاليدهم وديانتهم وفوق ذلك يواصل العرب إلى فرنسا وهم ظلمة ومغتصبين؟ اما كان تحرير البشر من تجبر الظالمين كانت هي القيم والعرب كانت لديهم بضاعة هي الافضل وسوقوها.

النجاح والانتشار فكرة عبقرية تحتاج محركات من المثالية والفضيلة والقيم  مع تراكم الظلم في الطرف الاخر، ولكي يقبلوا بك كقوة جديدة ويتنازلوا على قيمهم يعني ان بضاعتك كانت الافضل اما كيف تم تصنيفك أو تصنيف عملك فيما بعد هل هو استعمار او فتح ليس مهم بقدر كيف الناس وقتها عاشت معك وما هو ميزان الدولة و ما تقوم به امريكا و الغرب اليوم الا نفس السياق مع اختلاف الادوات و العصر.

واخيرا بعد ١٠٠ سنة او ٢٠٠ سنة من الان سوف نذكر العرب انهم انتصروا قبل ١٥٠٠ سنة او ١٦٠٠ سنة لذاتهم و كرامتهم و طموحهم و انهم هزموا امبراطوريتين باقل من ٧٠ الف مقاتل و غيروا الكوكب، لكن لو نظروا بعد ٢٠٠ سنة لنا جيل الأرجيلة والهدرة وعرب اودول اي إلى وقتنا وما نعمل سوف يقولون العرب كانوا ذيل الامم و بيئة الهزائم، كونهم شغلوا حالهم بتقيم عمل اجدادهم وعملوا أنفسهم ملحدين يهدموا في حضارتهم وليس في اصلاح  بعض أفكارهم، ونسوا هم ان يعملوا شيء ذو معنى أو يتعلموا ما ينفع أو ينقلوا لمجتمعاتهم  المهم والأهم من العلم والمعرفة والصناعة، او اقلها  يشبعوا بطونهم ويحافظوا على كرامتهم بدل الاحتراب والاغتراب.  

وقتها نكون نحن جيل الهزائم والاخفاق وسلات الغذاء والهدرة الفاضية وليس لنا قيمة تاريخية واجدادنا لازال لهم قيمة في بناء الحضارة الانسانية التراكمية بصوابها واخطائها، التي تجني انت الان ثمارها.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي