تصلني اخبار عن رحيل فلان وفلان الى ربهم وما يؤمنون به، واذكر كلما يصلني خبر احدهم قوله تعالى: " اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور " .
وهنا نشعر من الاية ان الدنيا هي حياة اولى وستعقبها أخرى كما ختم ذلك الاعتقاد الديني، وانها هذه الحياة مهما كبرت وتسلطت على غيرك وظلمت واستغليت احتياجات غيرك لمصالحك انها هي حياة فانية ودنية المنزلة، في نفس الوقت ينبثق هنا لمن يؤمن بالقرأن مفهوم ان هناك دار دائمة، دار يقف الانسان فيها لوحده فقط مع عمله لقوله تعالى "ولا تزر وازرة وزر أخرى" ، ويتم دائما الربط في مفهوم الفناء بامثلة امامنا نفهمها تبدأ وتنتهي مثل نزول المطر من السماء له بداية ونهاية وحياة النبات تبدأ من الاخضرار ثم اصفرار بمعنى ربيع وخريف اي له بداية ونهاية وكذلك حياتنا كبشر مبنية على نفس المبدأ لها بداية ونهاية لكن لا نريد أن نفكر في النهاية وحتى المقالة هنا لن تعجبك لأنها تفكرك بالنهاية وكسرت فكرة الحياة المستمرة من فكرك الباطني.
وكلما يسمع الشخص لسورة الحديد يتبادر الى الذهن كيف يغتر الإنسان بقدرته وبما حوله وبمتعته وبالمنظر الخلاب لبيته وشركاته ومنافسته الآخرين واستغلاله لضعفهم وفرمتتهم تحت اسم تجارة وشطارة وعلاقات وايضا ينسى سرقته بأسلوب قانوني أو غير قانوني وظلمه وتجبره برغم انها فانية فهي أشياء لا تستمر وتسحب الانسان للاغترار وهذا هو ما يوضحه قوله تعالى " ولا يغرنكم بالله الغرور " اي هذه الدنيا فيظن الانسان أن ما وصل اليه سوف يستمر فقط له وان النهاية بعيد فتجده عمره تجاوز ال ٦٠ او السبعين وهو يركض بعد الدنيا ويظلم و يتسلط على هذا وذاك، ولذا يقول تعالى " وظن أهلها أنهم قادرون عليها " والظن يعني الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض يعني هنا انك في لبس من ادراك انك تائه وعلى بصرك غشاء يحجب عنك الرؤية الواضحة والكاملة للحقيقة الالهية برغم سرد امثلة كثيرة لك على سرعة تغير حال النبات من الاخضرار إلى الاصفرار إلى نهايته بالحطام، الذي ينتهي به الحال ان تذروه الرياح وكذلك حياتنا كنت غني او مهم مهما طالت او قصرت نهايتها الحطام وتاخذ معك حمل ما اكتسبته في حياتك ولا يضحك احد عليك ان اولادك او اهلك سوف يغيروا حالك بعد الموت وعني مقتنع بنكتة لحضرمي ذهب لعند اخيه يقول له "خلينا نشتري لابينا المرحوم بئر وننذرها لروحه" فقال له ان كان ابونا في الجنة لن تفيده البئر وان كان في النار لن تخرجه منها". وهذا اقرب شرح لمفهوم كل انسان يحمل في رحلته معه ما عمل فقط, فلا انساب ولا ابناء ولا قبيلة او مال او زوجة سوف تحمل ذرة من شرور اعمالك، برغم انك تركت كل نتائج ذلك من مال وسلطة وبسط اراضي لهم لقوله تعالى "وكلهم آتيه يوم القيامة فردا " بمعنى لا ناصر لك ولا مجير الا عملك واثرك.
اعرف ان بعضعكم مستعجل في تصفح الفيس بوك، ولكن دقائق استمع هنا لهذا الفيديو إلى النهاية فهو إهداء إلي الحيارى والمتعبين والتائهين والظالمين لانفسهم. استمعوا اليه واستريحوا مع سورة الحديد لدقائق قد تجد نفسك شخص اخر بعده أن فهمت معنى الفناء بمفهومها البشري أو العقائدي. وكن على ثقة كنت ملحد او مؤمن تقي او فاسق غني او فقير ظالم قاتل او مؤمن محافظ وحتى زاهد ان القيامة تبدأ لك بمجرد بلوغ الروح الحلقوم او الغرغرة كما نقول، والغرغرة لي ليس بالضرورة سرير الموت و الدقائق التي تسبق ذلك وانما معرفتك انه عندك سرطان وانك بعد شهور ميت لامفر كونه انتشر، لي تعتبر وصلت للغرغرة بمعنى الوصول إلى حد لا يمكنه العودة، وهنا لا توبة مقبولة بعدها فلا تترك مظالم الناس الى ذلك الوقت.
واخير ننظر لمفهوم الاستخلاف بقوله تعالي "آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير". هذه الاية تصور لنا الاستخلاف وأصل التملك. فليس هناك لك شيء وانما لله ولاتملك انت إلا التصرف بما يرضي الله. فمن ينفق كما اراد الله ان ينفق كان له الأجر العظيم.
-->