عادت عدن إلى واجهة الوعي الوطني من خلال مظاهرة نسوية استثنائية، خرجت فيها حرائر المدينة ليذكرن الجميع بأن نساء عدن كنّ وما زلن في طليعة النضال والوعي والكرامة. لم تكن هذه التظاهرة حدثاً عابراً، بل امتداداً لتاريخ ناصع، سطّرت فيه نساء عدن أدواراً ريادية في مقاومة الظلم والاحتلال والتهميش، وحملن لواء التغيير المدني منذ بدايات الوعي الوطني وحتى يومنا هذا.
لقد رأينا في هذه الوقفة الحاشدة روح المناضلتين نجوى مكاوي ورضية أحسان حية بين الحشود وهن من حملنا مبادئهن الحرة بقوة وجرأة، ومثلتا صوت المرأة العدنية الثائرة فى تلك الحقبة من النضال الوطنى و إلى جانبها كانت أسماء كثيرة من سجل النضال العدني حاضرة في القلوب
. لم تكن المظاهرة مجرد رد فعل على أزمة معيشية خانقة أو تدهور خدمات، بل كانت موقفاً أخلاقياً راقياً نابعاً من معاناة يومية امتدت لسنوات ومطالب مشروعة، ورافضاً في ذات الوقت لكل أشكال التسييس والاستقطاب.
إن نساء عدن، وهنّ يرفعن أصواتهن من قلب أهم ساحة فى المدينة قدمن نموذجاً ناصعاً للطهارة المدنية، بعيداً عن الحسابات الضيقة والمزايدات الفارغة. وعبّرن بوضوح عن نبض المواطن البسيط، المطالب بدولة حقيقية ومؤسسات تؤدي واجباتها، وتوفّر أبسط حقوق الحياة الكريمة، من ماء وكهرباء وأمن وصحة وتعليم.
إن هذا الحشد النسوي الراقي بفعله واصواته وشعاراته شكّل رسالة قوية للداخل والخارج بأن نساء عدن هنّ بوصلتها الأخلاقية الحقيقية، وأنهن قادرات على رسم ملامح المرحلة القادمة، بوعيهن وثقافتهن وشجاعتهن . فقد ناضلت عدن على مدار السنين، وها هي اليوم تناضل من جديد بصوت نسائها، دفاعاً عن مدينة كانت وستظل معقل للحرية والتمدّن
-->