كان يتم بيع البشر بالرأس واليوم نبيع أنفسنا بالجملة !!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الثلاثاء ، ٠٨ نوفمبر ٢٠٢٢ الساعة ٠١:٤٦ مساءً

 من وجهة نظري ما ارتكبه الغرب وبعد عصر النهضة وعصر العقل، كارثة لا يكفيها اعتذار ولا لطم وجلد مثل طقوس كربلاء وانما دفع تعويض، اذا اردنا نسوق الاخلاق، كون ناتج العبودية والهيمنة و التسلط ثروة تكدست الى اليوم  في الانظمة الغربية المتعاقبة ولم تنزل لهم من السماء، وطبيعي تلك الحقبة افرزت حقبة استعمارية و حروب كونية وراسمالية متوحشة الان امامنا. فقد امتدت تجارة الرقيق الى اوروبا وعبر المحيط الأطلسي تقريبا ٤٠٠ عام على الرغم الحظر من قبل مؤتمر فيينا في عام ١٨١٥. لكن عندما تنعدم القيم تستمر التجارة -مثل رفض الغرب للحروب لكنهم يبيعون السلاح اليوم- واستمرت الى عام ١٨٧٠ اي ما يقارب ١٠٠ سنة بعد الثورة الفرنسية. 

اعتذروا صحيح، لكن الضحايا ماتوا وشبعوا موت ولا يهمهم اليوم الاعتذار من العبودية الأطلسية لاسيما والارقام مفزعة وبكتبهم هم الغرب، اي ليس تدليس. فقد وصل حوالي ١٢ مليون من الأفارقة أحياء الى امريكا. كان يتم شحنهم مثل الخرفان من افريقيا.  لكم تخيل الباقي وهناك تقارير تشير ان عدد حالات الترحيل غير المنتظم الغير مقيد اعلى بكثير، حيث تشير التقديرات الى ان حوالي ٤٠ مليون افريقي وهذا رقم صادم للمفكرين وقد يكن من باب المغالاة. ف ٤٠ مليون  تم اختطافهم واستعبادهم  يعني اكبر جريمة بشرية حصلت دون ان نذكرها ولكم تصور ذلك انه  نجا واحد فقط من بين كل اربعة من أسرهم في افريقيا بحسب مراجعهم هم، هذا ما قام به الغرب و تحت اعين الكنيسة والمفكرين ورجال اللاهوت ورجال الثقافة و السلطة، هولاء كانوا مشغولون بالعلمانية والفكر الفلسفي وصالونات النقاشات "كما حالكم اليوم في الفيس بوك" والكارثة في مكان اخر، اي بالنسبة لنا نناقش امور ليست ذات اولوية ومجتمعنا اليمني حاله حالة كما نقول ،  هذه واحدة. لكن لماذا لم يتجراء الاوروبيون على اخذ العرب كعبيد بدل الافريقين؟ و هذا موضوع اخر.

لم تكن كارثة العبيد هي الوحيدة وانما كانت هناك قبلها كارثة اكتشاف العالم، كما يعرفها كل غربي كون ذلك في كتبهم اي لم يدلس احد عليهم او طرف ثاني كتب عنهم اي مصادرهم. ففي عام ١٤٩٢ وجد كولومبوس العالم الجديد كما يعرف الكل لكن لا نعرف انه كان هناك ما يقدر بنحو ٦٠ مليون من السكان الأصليين يعيشون في أمريكا الشمالية والجنوبية في ذلك الوقت وحتى لو قلنا نصف هذا العدد وانما الرقم وضع في المراجع من باب تكبير الكارثة. وبحلول عام ١٦٠٠  كان أكثر من ٩٠ في المئة منهم قد لقوا حتفهم من المستعمر الجديد و الاوبئة من اوروبا، التي هلكت الهنود الحمر اي تسبب الاوروبي بموت ٥٤ مليون بشكل مباشر او غير مباشر. ففي المكسيك وحدها انخفض عدد السكان في الأصل من ٢٠ مليون الى ما يقارب ٢ مليون عام ١٦١٨ بسبب الاوروبيين و الأوبئة، التي جلوبها مثل الجدري. و توجد احصاءات مماثلة لأستراليا و المحيط الهادئ لدرجة انه كان يمكن القول وقتها  اينما ظهر الاوروبيون  فقد احضروا معهم الموت، وطبعا اعتذروا للهنود الحمر وغيرهم  بعد ان شبعوا موت. 

تأتي الحقبة الاستعمارية ودفع ملايين البشر الثمن ايضا  للاضطهاد و القتل ومصادرت الاراضي وطبعا تحت اعين الكنيسة والمفكرين و رجال اللاهوت ورجال الثقافة، هولاء كانوا مشغولون بالهدف كيف  تطوير الشعوب ؟. وتكديس ثراوت ومقدرات الشعوب المطحون في بريطانيا وفرنسا وهولندا وغيرها، وطبعا اعتذروا. ولم نتوقف قليل الا وطحن الغرب نفسه بحروب كونية لم تبقي حجر على حجر، قتل ما يقارب ١٠ مليون شخص في الحرب الاولى و ٥٠ مليون شخص في الثانية، وطبعا اعتذروا. وحتى البابا فرانسيس قدم  في عام ٢٠١٦ اعتذارًا للمسيحيين البروتستانت عن الجرائم، التي ارتكبتها بحقهم الغالبية الكاثوليكية قبل خمسة قرون اي ملايين قتلوا ومدن دمرت و المهم اعتذروا. 

والمضحك كل ما ورد لا نريد نعرفه ولا نسمع عنه او نطرحه لنتعلم، و انما المهم توصيف عالمنا العربي من اشخاص عرب يعيشون في الغرب من كم يوم اننا اصحاب فكر وتراث ارهابي يجب تغييره ويجب ان نعتذر عن حقبة الفتوحات الاسلامية، وغيرنا ملائكة لانهم اعتذروا. 

الاعتذار يعني لي اقلها تغيير في سياسة استغلال الاضعف او في تجنب محاربته بلقمة عيشه البسيطة او تجنب دعم متسلط ليخضع لك بعد مصادرة اختيارته، غير ذلك ليس له قيمة، كون الراسمالية كتجسيد للقيم الغربية وكوريث مجازا لازالت تتاجر بالرق واستغلال حاجة وضعف الاخر بشكل ارقى ناعم ودون ان ندرك، مع فارق ان الراسمالية تتاجر فقط الان بالجملة والبيع لاوطان ومقدرات وبالجملة ونشكرهم انهم تاجروا فينا.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي