نبحث عن حفار ونثقب السد قد وقته!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الخميس ، ١٧ مارس ٢٠٢٢ الساعة ٠٦:٤٨ مساءً

الاخبار الاقتصادي بجملها ليست جيدة على مستوى العالم. فلو نظرنا لروسيا مثلا التي كانت تحتكم على 600 مليار دولار سيولة نقدية فاقتصادها يعاني، والروبل ينهار، والجدارة الائتمانية صارت في الحضيض، والشركات الأجنبية تغلق فروعها والبعض تغادر روسيا. وهذا كله تجعل روسيا غير قادرة على سداد ديونه في الخارج برغم انها كانت تمتلك سيولة لسداد ذلك لكن الغرب جمد اكثر من 300 مليار دولار، وسوف تضطر لسداد ديونها ليس بالدولار، ولكن بالروبل، وبالتالي تكن روسيا بالمصطلح الاقتصادي تقترب من الإفلاس. احدكم سوف يقول معقول افلاس مرة واحدة .

والاجابة وفقًا لاتفاقيات القروض يجب تسوية المدفوعات المستحقة على السندات الحكومية بالدولار لكن روسيا لاتمتلك ذلك، وهنا سوف تتجه الى الروبيل، وهذا لن يقبله معظم الدائنين، ولذا سوف تصنف روسيا من قبل وكالات التصنيف الائتماني أن روسيا معسرة في الوفاء بالتزاماتها. وهنا سيتم تفعيل فترة السماح لسداد لشهر وفي حالة عدم وجود اتفاق بين الدائنيين تقوم وكالات التصنيف عادة بإعلان إفلاس البلدان، ويمكن للمحاكم تحديد حالة إفلاس الدولة. وكون روسيا سوف تحتاج للقروض من اجل التنمية والشركات الروسية في القطاعات المختلفة فانه لن يوجد هناك طرف يقرض دولة صنفت انها مفلسة لاسيما وروسيا اصبحت معزولة إلى حد كبير.

ولمزيد من التوضيح روسيا عليها 40 مليار ديون بالعملة الاجنبية، وهي ليست كثيرة للدولة كون ذلك تحت 20 في المائة من الدخل القومي لكن لو كاملنا المبلغ ونظرنا لشركات الروسية فهنا المشكلة ان الشركات لن تقدر على سداد ديونها للخارج، وهذا يجعل الدول، والشركات الروسية مدينة ب 120 مليار دولار للخارج. هذا حال روسيا وهي دولة تمثل قطب مهم في العالم، قرر العالم عزلتها بسبب احتكامها لمنطق السلاح، فكيف سوف يكن حالنا في اليمن، ونحن نستجدي سلات غذاء، ولا نمتلك حتى دولة، والعالم لم يعد مهتم بها؟ ولفهم ذلك بشكل مختصر نتطلع الى الامس.

امس لم يجمع لليمن الا مليار و 300 مليون دولار، ونحن نواجه اكبر كارثة انسانية في النصف قرن الاخير على مستوى العالم من قبل الحرب الأوكرانية القائمة الآن، والتي لتداعياتها الغير مباشرة اثار على أقتصاديات سوقنا البدائي. كل دول العالم مستنفرة تناقش تداعيات ذلك، وتضع استراتيجيات، وحلول، الا عندنا فلا مؤسسات الدولة تجمعت، كخلايا نحل للعمل من البرلمان، والحكومة، والمؤسسات، والقطاع الخاص، ولا ان الخارج سوف يستمر للتطلع لكارثة بيد اليمنيين وقفها. اكثر شيء شغلنا انفسنا به مشاهدة الوضع عبر وسائل التواصل الأجتماعي مثل العامة، وننتظر كالعادة الى حين تنزل علينا الكارثة ثم نسارع الى شطحات مثل زراعة القمح على اسطح المنازل. واسطح المنازل ذكرني ذلك بمشروع النهضة لداعية اسلامي، ان نزرع فجل على الاسطح وبذلك احدثنا نهضة في الامة في التسعينات من القرن السابق، وكان هناك من العوام من يصدق ذلك.

نحن من الدول المتضررة باستمرار الحرب اليمنية، بسبب استمرار تقلص الدعم الخارجي كما شاهدنا بالامس، واستمرار منظومة الفشل في الدولة و الفساد والانفاق العشوائي. لايوجد مؤشر نجحنا به فقد أرتفعت أسعار النفط الى اعلى مستوياتها ولايوجد بسهولة، وانهارت العملة، يرافق ذلك انقطاع للراتب، وأرتفاع أسعار الغاز المنزلي، وانقطاع الكهرباء، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي نستوردها كلها من الخارج.

وكما اورد اخي الاستاذ خالد عبد الواحد نعمان* من كبار رجال الاعمال، ومن رواد التنمية، والتوافق الوطني في نقاشي معه لتقرير ارسله لي " ان هناك ازمات كانت قائمة قبل الحرب الاوكرانية، ومنها ازمة ارتفاعات كلف النقل البحري والجوي، وازمة النقص الحاد في سلاسل الأمدادات اللوجستية، وغيرها من الأزمات الخاصة بحرب اليمن المتمثلة، في ارتفاعات التأمين البحري، وعدم وصول البضائع مباشرة الى الموانىء اليمنية، الآ عبر الموانى المجاورة، وما يتبع ذلك من تأخيرات تمتد الى أكثر من شهرين، ناهيك عن الأرتفاعات في كلف النقل، الى جانب مجموعة التحديات والمشاكل الداخلية المتمثلة بالأرتفاعات المهولة في كلف التخليص الجمركي والأتاوات المتعددة التي تجبيها وتفرضها – عنوة - جهات غير ذات صفة على حركة البضائع ابتداء من المنفذ الجمركي، وفي الطرقات من قبل العديد من النقاط حتى وصول السلع الى مخازن المستوردين، او الى المستهلك، ناهيك عن تكلفة النقل الداخلي الباهضة التي تفوق في معظم الأحيان تكلفة النقل الخارجي بسبب الأحتكار للنقل في منطقة عدن. ويضاف الى ذلك ما تفرضة سلطات الأمر الواقع في مناطق سيطرتها من اعادة جمركة واتاوات ضريبة مكررة على مايدخل الى مناطقها من بضائع واصلة من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية. كل ذلك سيعصف بالاوضاع الاقتصادية والمعيشية في اليمن، الى اعلى مستويات التردي والانهيار، وستؤدي الى تضخم جامح من الصعب السبطرة عليه، وسيؤدي بالشعب الى حافة المجاعة وما يتبعها من تطورات امنية واجتماعية خطيرة ، قد تكون اسواء من الحرب بين أطراف النزاع، فالجوع كافر ولا سبيل للسيطرة على تداعياته" .

واضاف بقوله "ان كل ذلك، يستدعي على وجه السرعة اجراء مشاروات عاجلة بين فريق الحكومة الأقتصادي واصحاب المصلحة من القطاع الخاص والنخب الاقتصادية المنظوية في عدد من منظمات المجتمع المدني المستقلة لمواجهة التداعيات والآثار الكارثية للحرب الأوكرانية على الأوضاع الأقتصادية والمعيشية في اليمن، ووضع الحلول الواقعية التي لابد من أن تنفذ في الميدان في الداخل بشراكة كاملة بين الحكومة وأصحاب المصلحة، بدلا من التوجه للخارج، للاستطلاع والنقاش حول الآثار للتزاع في اليمن بعد 7 سنوات من الحرب، وكأننا لا نعلمها، نحن في اليمن".

ومختصر الامر نمتلك نخبة تستطيع احداث اثر لكن لا السلطات تسمع لهم ولا تتعطي مع مايطرحون، مما يجعلنا كمجتمع نقتسم الى 3 فرق، فريق في السلطة يعمل دون ان يفهم، وفريق خبراء يفهمون دون ان يجدون فرصة لتطبيق ذلك، وفريق يشكك انه لا أمل الا نبحث عن حفار ونثقب السد قد وقته، فلقد دمرت حياة البشر بافعالهم بشكل كبير.

_____

 

*وفي الاخير هذا كان مختصر نقاشي مع الاستاذ خالد عبد الواحد نعمان فهو شخص يحمل اليمن الكبير في نفسه ويعطي دون توقف.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي