حوار القلوب قبل رفع الجلسة

عبير عتيق
الخميس ، ٣١ ديسمبر ٢٠٢٠ الساعة ٠٨:٥٩ مساءً

هاهو العام أوشك أن ينقضي..

وهاهي الأيام تُرخي ستارها على الوقت الضائع من النهاية..! دعونا نودّع سجل عام منقضي بلطف.. ونستقبل كل ثانية قادمة بشجاعة وحب..

ولكن قبل ذلك، لابد أن "تتصافى قلوبنا" مع أنفسنا أولاً ثم مع أهلينا ومن نحب، ثم مع كل علاقاتنا العامة والناس أجمعين.. نتصافى بلا تجريح، بلا تشكيك، بلا تخوين.. نتصافى بلا إمتهان، بلا تعالٍ، بلا تردد.. نتصافى بودٍ، باحترام، بتفهم.. نتصافى بلينٍ، بتقدير، بقناعة.. نتصافى بلا خجل، بلا استنكار، بلا كذب..

لنتصافي لابد..  أن نتواضع أمام بعضنا، نتنازل لأجل بعضنا، نتقبل أخطاء بعضنا، نغفر زلّات بعضنا، ونعترف بأهمية بعضنا..

عندما نتصافى لابد.. أن تذوب كل الحدود، و تُكسر جميع القيود.. سنحضر حاملين التسامح، الصبر، والثقة.. سنصمت في حوار القلوب المباشر، لن نقاطع، لن نتجاهل، لن نملّ..! أنه وقت مُقدس لا تعيين له، حتى تُعلن قلوبنا رفع الجلسة، حينما تتصافى قلوبنا ستبتسم أعيننا وتلمع أرواحنا من جديد..

وقت التصافي متاح، فكُنّ ضيفه كلّما احتجت إليه.. ولا تجعل قلبك مقبرة تتراكم فيه ضغائن الحياة فتزيد ثقلها عليه، لا تعش حاملاً وزر الكتمان في حين التخلص منه أبسط ما يكون..

انتبه..؟! فقلوبنا عندما تُصبح مُثقلة، تُستَنزف قواها، فتميل للقسوة شيئاً فشيئاً، ستتفاجئ يوماً أنك أصبحت مُظلماً من الداخل وأن عتمتك هذه تنعكس على ألوان الحياة؛ تحولها رمادية..  دخان روحك المُحترقة سيفضحك..! وسيُشوش الرؤية، وقد تموت مُختنقاً به..!

لذا، أزح حِمل قلبك مابين حينٍ وآخر، كُنّ صريحاً في مواجهتك لمن ترغب بأدب، وتخلّص من إثم قد يُلوث قلبك، حافظ عليه خفيفاً لتصفو لك الحياة.. سترى الأشياء بعين جمالها الحقيقي حينها، وستذوق حلو الحياة ومُرّها برضى.. اجعل نور الله يُضيء روحك لا تسمح لها أن تنطفئ فقد تكون أنت شمعة تُضيء دروب البعض..

سينطوي هذا العام فكُنّ ممتناً لله بكل ما مررت به فرحاً كان أم حزن، كُنّ ممتناً لأملٍ عشته أو لخيبةٍ قسمت ظهرك، لأمنية أزهرت وعشر أخرى ذبلت، لكل ما حصلت عليه ولكل ما فقدته أو سُلب منك.. باختصار انظر للأشياء بعين العَوض، وأدرِك الأمور بعمق خيرها لك، واصطبر الوقت كفيل لتفهم الحكمة من كل شيء..

لا تقاوم رغبة الإنهيار بداخلك أبداً فالصمود أحياناً هزيمة؛ احزن، ابكي، أصرخ، عبّر عن حزنك وغضبك بالطريقة التي تستعيد بها توازنك.. فأصعب الطرق هي تلك التي تحاول فيها استعادة نفسك، لذا لا تُفرّط بها.. وأخلق مُحيطاً اجتماعياً صحي، يُضيف لك ، يزيدك سعادة وأمل، يُحفزك على الخير، محيط لا يكون سبب في هلاكك وتراجعك أو بقاءك على ذات الحال..! اختر هؤلاء الأشخاص بعناية وحافظ عليهم، هم بمثابة موطن الأمان لك إذا ما احتجت اللجوء.. أنت أيضاً، كن أماناً لكل خائف، سنداً لكل ضعيف، بسمة لكل كليم.. وقل (لا) بلطف عندما لا يناسبك أمر ما، وقل (حاضر) بحب إذا ما كان موافقاً لك..

عش حاملاً في قلبك ثلاث: ( الرضى، التسامح، الحب) وألبس روحك ثلاث: ( الصبر، الصدق، عزة النفس) و تزيّن بثلاث: ( التواضع، الثقة، القناعة) وارفع راية لثلاث: ( الاعتذار، الإيثار، التّقبل) وتعامل بثلاث: ( الاحترام، حسن الظن، الاهتمام) ولا تنسى في المقابل أن تُعبّر عن كلما تحبه، لا تبخل في قول ذلك، لا تجعل الوقت يسرق منك حلاوة إسعاد نفسك والآخرين، عبّر بطريقتك قولاً وفعلاً، سيجنبك ذلك الشعور بالندم أو التقصير تجاههم.. هذا واجبك وحق لهم عليك، والحياة تغدو كلمح البصر فاستوعب أهمية الأمر..

في النهاية..

اِعلم ما واجبك وقُمّ به على أكمل وجه في كل جوانب الحياة ، وحاول أن تجعل التوازن بينها حاضر قدر المستطاع.. اعطِ لنفسك مُتنفساً عند الحاجة، واستمر دوماً بالإنتاج، فالإنجاز يكمن في قيمة الأشياء التي أنجزتها لا في حجمها.. عش مُقدراً لقيمة علاقاتك والأشياء من حولك، حافظ على كل ما يهمك أمره ولا تتنازل عنه أبداً، دافع عن نفسك دون التمادي في أذية أحد، افعل خيراً ولا تنتظر جزاءً عليه..

وتذكّر شيء؛ ليس شرطاً أن تعرف تفاصيل كل شيء فكما قال عزوجل :(يأيها الذين ءامنوا لا تسألوا عن أشياء إن تُبْدَ لكم تَسُؤْكم) ، تجاهل أحياناً وارفع شارة غضبك حيناً آخر، لا تغّتر بنفسك وكن واثقاً بها فقط، واجعل كرامتك هي حد السيف الذي لا يتجاوزه أحد..

لنبدأ صفحة جديدة نرسمها كيفما نشاء، نتعاون ، نتناصح، ونمضي حتى نصنع شكل النهاية التي نحب.. أعلم، كلّما سبق ليس بالسهولة التي نظنها أو نتحدث بها ولكن المحاولة والاستعانة بالله تجعلها أهون.. اللهم أوقاتاً نقضيها في رضاك ، وتملأنا بها رضى.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي