مراية الحب عمياء

سمية حيدر
الاربعاء ، ٠١ ابريل ٢٠٢٠ الساعة ١٠:٣٦ مساءً

 

نسمع دوما هذه العبارة بين شفاه الكثيرين  عندما تخاطبة عن تصرفات أحد ما و التي لا تتسم بالعقل والمنطق مع شخص آخر وكيف يدافع عنه رغم ظهور تصرفات تؤكد أخطاءه فيرددون عبارة " مراية الحب عمياء"  ولكن أتعلمون أن هذه العبارة صحيحة نفسياً وليس مثلا يقال جزافا  وسنوضح ذلك. أولا قبل البدء بالتوضيح لابد أن نتفق على أمر مهم وهو  أن الحب هنا ليسَ قاصراً على حب الرجل للمرأة او العكس بل هو  عن أي انواع الحب سواءا حبك لأهلك او ولدك أو شخصية ما أو مجموعة ما وغير ذلك  والعجيب بالموضوع أنهم يجتمعون على النقاط التي سأحدثكم عنها.

هناك نقاط مشتركة يتسم بها كل المحبين حتى أنه قيل سابقا لا تنصح عاشقا وهو شخص قد وصل في الحب الذروة وصدقوا لماذا ؟ سنخبركم لماذا  إن المحب إذا أحب يكون لديه خط دفاع تلقائي عمّن أحبه وستجده يسقط نفسه في مواقف  كثيرة ولكن سأذكر ثلاث منها لأنها هي الأكثر انتشاراً . أولا: الإلغاء  ويقصد بها أنه يلغي كل صفة سلبية عمن يحبه ولا يتصور  اتصافه  بأي شيء سيئة وكأنه ملاك يسير بالأرض لذلك لا تعجب عندما تنتهي العلاقة بينهما فتجده يكرر عبارة "كيف لم أرى  كل هذا في  فلان "  لأنك ببساطه كنت  تلغي كل صفة او تصرف ممكن أن تقلل من جمال صفات واخلاق من تحبه متناسيا أن الجميع بشر وكل البشر فيه من  الصفات الحسنة والسيئة وهذه النقطة أنت السبب فيها لأنك غيبت عقلك تماما وجعلت عاطفتك هي المتحكمة.

ثانيا : التعميم  بمعني إن  أحبَ  شخص أو جماعة أو فريق كورة وغيرهم ستجده يعمم بأن يقول مثلا "كل الفريق متدربين بشكل قوي" أو " هذه المدينة كل أهلها  طيبين"  أو "كل أفراد هذه  العائلة يحبون الناس ويبحتون عن مصالحهم "  ولكنه تجده عند  انتهاء هذه العلاقة يعود ليعمم ولكن بشكل عكسي بل يتعدى ذلك ليعكس الصورة لكل الأشخاص والأفراد المشابهين لمن كان محبا له  فمثلا إذا كان محبا لفرد من دولة ما وكان يتثق به ثم خانه وسرقه ستجده يقول "كل أفراد البلد الفلانية خونه وسرق وكذابين وآفاقين"   وهذه  جريمة في حق نفسك لأنك ستكون ظالما وستظلم أمه من البشر لا ذنب لهم إلا أنك كنت أعمى ولم تُحكم عقلك وتتعامل بشكل عقلاني في أمورك .

ثالثا: التشويش 

وهي من أخطرها لان هذا النوع نسميه قلب الحقائق ليس هذا فحسب بل قد يتحول المحب  لخط دفاع أيضا ويحضرني قصة طريفة لبعض الشباب عندما قام بعض الصالحين والأئمة بالدعوة للجوء لله لرفع الغمة التي حلت بالعالم فقاموا يقولوا انظروا للتخلف العالم يحتاج لقاح وعلاج وهؤلاء ليس معهم الا الحديث والدعاه.  وللأسف هؤلاء شباب من امتنا ولكنهم محبين للغرب وطقوسهم ومنبهرين بهم  و بعد لحظات نجد رئيس لأكبر دولة من الدول التي يرونها مثلا لهم  يطلب من شعبه أن يجعلوا يوم الأحد يوم صلاة للعودة للرب حتى ترفع هذه الغمة عنهم  فكنا ننتظر منهم نفس العبارات التي رددوها لكن لم نسمع لهم صوتاً. ومثل هذه الأمثلة كثيرة  جدا  فتخبره بالأدلة ماتؤكد صحة ماتقول وخطأ الأخر تجده يشوش الحقيقة ويسلكها مسلكاً آخر تماما كل ذلك حتى لا يمكنك من هز صورة محبوبه أمامه.

لذلك نقولها  حِب من شئت ونحن أمه مُحبه للخير والسلام ولكن حب هونا وابغض هونا لاتجعل قلبك متحكما ومسيطرا ولا عقلك أيضا لاتغيب أحدهما بل أجعلهما حاضرين معك حتى لا تجد نفسك خسرت نفسك دون أن تدرك .

وتذكر قول الله تعالى  " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)"  صدق الله العظيم

الحجر الصحفي في زمن الحوثي