ياالله كمْ أتحدث عن صاحب الفخامة ونسيت الرجل الشريف والنزيه والفاضل الأستاذ فضل عبدالخالق مديرعام المراسم الذي كان يسبق الرئيس وكان مدرسة في التنظيم والترتيب وعلم الدبلوماسية ..هذا الرجل النزيهة حتى الخروج عن نطاق العقل والمألوف وكأنه ملك يمشي ويعيش على الأرض ..ها هو يعيش مشردا معدما بعيدا عن كل الأنظار ،
وآه يازمن..لوكان فخامته عائشا ماتركه في هذا الحال..أستشهد ولم يخلف من يبحث عن العظماء بالعكس ترك النقيض جملة وتفصيلا.
وعوده لذكرياتي ..
في رمضان وصل فخامته إلى محافظة تعز وكلما يصل في رمضان يجتمع عدد كبير من الناس عند الكنب مقر الرئاسة ليصرف لهم مساعدات
وحينها كلفني برئاسة اللجنة وعضوية العميد حسين الشامي مدير مكتب الرئاسة بتعز والعميد محمد مداعس
وبعد الإفطار نظمنا المواطنين وأدخلناهم المدرسة المجاورة تقريبا اسمها مدرسة عمار بن ياسر وبدأنا بالنساء ثم الرجال كبار السن وأخيرا الشباب ..لكنها كانت زحمة غير متوقعة وكانت من أصعب الأيام
وأصعب الناس الشباب الذين كسروا باب المدرسة وجرفونا تحت أقدامهم كسيل العرم..لولا تدخل الحرس وأنا شخصيا أخرجوني بصعوبة أخرجوا رأسي وقد وضعني أحد أحبابنا السمر تحت ذراعه أشتم الكور والعرق وأقسم أنني شعرت بالدوار من قوة الرائحة المخدمانية بامتياز ..ثم أعدنا الترتيب والصرف حتى أذان الفجر ولم نذق السحار فقط قليلا من الماء..ولن ينتهي الوضع هنا، دُعِينا لمقابلة فخامته وقد ظهر علينا الإرهاق والأرق وشعفلة الشعر والهندام وأصبحنا في حالة يرثى لها.
في مدخل سكن الرئيس استقبلنا فخامته وهو يصرخ ياحاتم أنت مكانك الخارجية لكونك تفلسفت وحبيت تصرف بنظام ودبلوماسية ، وكان فعلا غاضب مني ومجرد ما قربنا منه ونظر لمظهرنا وكمية الأوساخ التي تعتلينا هدأت نبرة كلامه..وقال لماذ لم تدخلوهم نساء ورجالا جميعا دفعة واحدة للمدرسة وبعدها يتم الصرف..وأنا بدون شعور قلت على هذا الزحام يا فندم والله ما كان يؤذن الفجر إلا ونصف النساء حاملات من شدة الزحام.. وضحكنا بإنهاك وتعب وأذِن لنا بالانصراف، وفقدت حاسة الشم لمدة شهر من تلك الضمة التي حشرت أنفي في بحر من العرق تحت زغن حبيبنا الأسمر المخدماني الجلف..يتبع
-->