الإرهاب السياسي ..!!

ابراهيم ناصر الجرافي
الأحد ، ١٧ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٥٣ صباحاً

 

ما حدث سابقاً ، وما يحدث اليوم ، وما سيحدث مستقبلاً ، من جرائم إرهابية ووحشية ، في مختلف الأمم والشعوب والحضارات ، يؤكد بأن الإرهاب لا دين له ، كما أنه ليس محصوراً في حضارة بذاتها ، أو موجهاً ضد حضارة بعينها ، بل هو نتاج ثقافة شيطانية تقوم بتغذية العقل على كراهية الآخر ، وتبرر له الإعتداء على الآخر وقتل الآخر ، وتصور له أفعاله الشنيعة تلك على أنها جهاد مقدس ، ينال من خلالها رضا الرب ، هذا فيما يتعلق بالإرهاب الديني ، رغم أن الأديان السماوية لم تدعوا يوماً للإرهاب والإكراه والإجبار ، لأن أمر العقيدة من الأمور القلبية الخالصة ، التي لا تتم إلا بالإقناع والإقتناع والرغبة والإرادة الحرة ، وفي حقيقة الأمر أن كل أنواع الإرهاب ، سواء الديني أو الحضاري أو العرقي أو العنصري أو الإجتماعي أو المذهبي أو الفكري ، هي نتاج الإرهاب السياسي ، الذي هو بحق المصدر الرئيسي والراعي الرسمي لكل أنواع الإرهاب ، وكل ما في الأمر أن الإرهاب السياسي يقوم بتغليف إرهابه بأغلفة متعددة ، تتناسب مع متطلبات الزمان والمكان والبيئة والحاجة ..!! 

 

فعندما يكون الهدف منافس من نفس الديانة والحضارة ، يتم تحريك الإرهاب العرقي والعنصري ، إرهاب هتلر لمنافسيه الأوربيين بغلاف العنصرية والعرقية النازية الآرية أنموذجاً ، وعندما يكون الهدف منافس من ديانة أخرى ، يتم تحريك الإرهاب الديني ، إرهاب الحملات الصليبية ضد المسلمين أنموذجاً ، رغم أن كل ذلك هو لأهداف سياسية وأطماع سلطوية واستعمارية ، وبذلك فإن الإرهاب هو في الحقيقة ، وسيلة من الوسائل الفاعلة لتحقيق الأهداف السياسية والأطماع السلطوية والإستعمارية ، ومعنى ذلك أن القادة السياسيون في كل زمان ومكان ، هم مصدر الإرهاب ، وهم قادة الإرهاب ، وهم من يتحكمون بالإرهاب ، وهم من يخططون للإرهاب ، وهم من يمولون الإرهاب ، فالإرهاب هو في الحقيقة صناعة سياسية سلطوية بإمتياز ، وهو سلاح فتاك يضرب به الساسة أعدائهم وخصومهم ، على إختلاف أنواعهم ، وما الإغتيالات السياسية إلا نموذجاً من نماذج الإرهاب داخل الدولة الواحدة ، وداخل الحزب الواحد ، وما إعلان الحروب والإعتداء على الآخرين ، إلا نموذجاً من نماذج الإرهاب السياسي المبرر والمخطط له ، بذرائع وحجج متعددة ، وما أكثر حجج ومبررات أرباب السياسة والسلطة ..!! 

 

لنصل بذلك إلى نتيجة هامة جداً ، وهي أن المصالح السياسية والأطماع السلطوية للقادة السياسيين في كل زمان ومكان ، هي المصدر الأول للإرهاب ، فكل إرهاب وكل حرب تعرضت لها البشرية ، حتماً تقف خلفها المصالح السياسية والأطماع السلطوية ، وحتماً من خطط لها وأرتكبها هم القادة السياسيين ، بذرائع ومبررات كاذبة وزائفة ، وفي سبيل تحقيق مصالحهم وأطماعهم ، لم ولن يترددوا لحظة واحدة في استخدام الإرهاب بكل آشكاله وأنواعه ، ولم ولن يترددوا في إبتكار وصناعة المزيد من وسائل الإرهاب ، وبذلك فإن الإرهاب كان وما يزال وسيظل صناعة سياسية سلطوية ، فأي عملية إرهابية حول العالم كله ، حتماً من يقف خلفها ومن خطط لها ، ومن مولها هم القادة السياسيين ، لتحقيق مصالحهم السياسية وآطماعهم السلطوية ، وبذلك فإن السياسيين في كل زمان ومكان ، هم الأرهابيون الحقيقيون ، ومن ينفذ العمليات الإرهابية سواء أفراد أو جماعات مجرد أدوات تنفذ مخططاتهم وتعمل تحت إمرتهم ..!! 

 

وما حدث ويحدث في العالم في كل زمان ومكان ، من عمليات إرهابية بإسم الدين الإسلامي ، تقوم بها جماعات إرهابية محسوبة على المسلمين ، ليس أكثر من لعبة سياسية خطيرة ، تديرها أجهزة مخابرات إقليمية ودولية ، تابعة لأنظمة سياسية لها مصالحها السياسية وآطماعها السلطوية في البلاد العربية والإسلامية ، وما تلك الجماعات الإرهابية الكثيره والمتعددة إلا مجرد أدوات تابعة لتلك الأجهزة الاستخباراتية ، تعمل تحت إمرتها وتنفذ أجنداتها وأهدافها ومخططاتها في العالم ، ومن أهم تلك الأهداف تشويه صورة الإسلام كدين عالمي وإنساني ، يمتلك سياسة شرعية تدعوا إلى خير وصلاح وسعادة البشرية ، وتدعوا إلى التعايش السلمي بين البشر ، وتكبح جماح المصالح السياسية والآطماع السلطوية ، بالإضافة لتبرير تدخلاتهم في شئون الدول حول العالم بحجة محاربة ومكافحة الإرهاب ، كمدخل لنهب ثرواتها وخيراتها ، وبذلك.فإن كل أنواع الارهاب خرجت وتخرج من تحت عباءة الارهاب السياسي ، والقادة السياسيون هم من يمارسون الارهاب ضد الشعوب والأمم عبر التاريخ ، وكل شر وإرهاب وعنف وحروب وجرائم تتعرض له البشرية يقف خلفها الارهاب السياسي السلطوي ..!!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي