الطريق نحو السلوك الإنساني المثالي والإيجابي ..!!

ابراهيم ناصر الجرافي
الثلاثاء ، ٠٥ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٥١ صباحاً

بدون شك بأن كل الأديان السماوية والكثير من الأفكار البشرية منذ قديم الزمن وحتى اليوم تسعى إلى تقويم سلوك الإنسان والسير به نحو الإيجابية والمثالية ، بهدف الحصول على الإنسان المثالي في سلوكه وتعامله مع الآخرين ، ويعتبر تقويم سلوك البشر من أصعب المهام في هذه الحياة ، بسبب وجود نوازع الشر الموجودة في داخل النفس البشرية ، والتي قد تدفع الإنسان إلى إشباع شهواته المتعددة بالوسائل غير المشروعة ولو على حساب معاناة وظلم الآخرين ، بل قد تدفعه إلى قتلهم وسفك دمائهم ونهب أموالهم وممتلكاتهم ومصادرة حقوقهم وحرياتهم ، وفي المقابل يوجد داخل النفس نوازع خير ، تحتاج لتحفيزها وتنميتها ورعايتها وصقلها لتتمكن من ضبط تصرفات وسلوكيات الإنسان في حدود الشرع والعقل ، ورغم التركيز الكبير للشرائع السماوية للجانب الأخلاقي والسلوكي ورغم النزعة الاخلاقية للكثير من الافكار البشرية ، إلا أن السلوكيات والتصرفات البشرية السلبية والعدوانية كان وما يزال لها صولات وجولات في حياة المجتمعات البشرية ، ويحاول كل البشر الظهور أمام الآخرين بمظهر الإيجابية والمثالية في تصرفاتهم وسلوكياتهم ، بل ان العديد منهم يحاولون تبرير اعمالهم الشريرة والعدوانية والسلبية بمبررات قد تكون دينية أو اجتماعية أو سياسية أو وطنية أو حقوقية ..!! 

 

ورغم كل ذلك إلا أن ردود فعل الآخرين ومشاعرهم تجاه تلك الاعمال ، هي التي تكشف وتحدد نوعية السلوكيات والتصرفات البشرية ، مهما تظاهر أصحابها بالإيجابية والمثالية ومهما حاولوا التغرير والتضليل على عقول الآخرين ، ومهما حاولوا الظهور بمظهر المصلحين والمتقين والزاهدين ، فشعور الآخرين بالأمن والأمان من تصرفات وسلوكيات الإنسان ، هو نتيجة وصولهم إلى قناعة تامة بأن هذا الإنسان مأمون الجانب ، وأنه لن ينالهم أي أذى أو شر منه ، ووصول الناس إلى هذه القناعة ليس من السهولة بمكان بل هو نتاج تجارب عملية وسلوكية طويلة ، فكم هو رائع وجميل أن يصبح الإنسان مصدر أمن وأمان وطمأنينة بين أفراد أسرته ومجتمعه ، وهذا الشعور يتحقق بشكل طبيعي دون الحاجة للتمظهر أو التدين ، وهذه هي الخطوة الأولى في طريق الإيجابية السلوكية والأخلاقية ، وذلك هو المعنى الحرفي لقول الرسول عليه الصلاة والسلام ( المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ) ، والخطوة الثانية في طريق الإيجابية السلوكية والأخلاقية ، تتمثل في سعي الإنسان إلى نشر السعادة والابتسامة بين أفراد أسرته ومجتمعه ، عن طريق الابتسامة الدائمة والوجه البشوش والمتفائل خلال تعامله مع الآخرين ، فكم هو رائع ومثالي أن يكون الإنسان مصدر سعادة وتفاؤل بين أفراد أسرته ومجتمعه ..!! 

 

فهكذا سلوكيات رائعة تعزز وتقوى العلاقات الأسرية والمجتمعية والإنسانية ، بعكس الحال عندما يظهر الإنسان بوجه عابس وغاضب في تعامله مع الآخرين ، ليصبح مصدر من مصادر التعاسة والإحباط بين أفراد أسرته ومجتمعه ، من أجل ذلك قال الرسول عليه الصلاة والسلام فيما معناه ( أن إبتسامة المسلم في وجه أخيه صدقة ) ، والخطوة الثالثة في طريق الإيجابية السلوكية والأخلاقية ، بعد أن يكون الإنسان مصدر أمان وسعادة بين أفراد أسرته ومجتمعه ، يسعي إلى بذل الجهد والطاقة في الإصلاح بين الناس ، عن طريق التدخل الإيجابي والصادق لحل مشاكلهم وخلافاتهم لوجه الله تعالى ، وذلك هو الإصلاح الاجتماعي في أبهى صوره ، فكم هو جميل وراثع أن يكون الإنسان مصدر إصلاح وخير بين أفراد أسرته ومجتمعه ، وذلك هو التجسيد الحقيقي والمعنى الحرفي لقوله تعالى (( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس )) ، فعندما ينجح الإنسان في تحقيق بعض تلك السلوكيات الإيجابية أو كلها ، يكون بذلك قد دخل دائرة الإيجابية والمثالية السلوكية والأخلاقية ، وبدون ذلك فإن أي محاولات للتمظهر أو التدين أو النفاق أو التزلف لن تجدي نفعاً ، فمن يمثل مصدر قلق وخوف وشر وتعاسة وخديعة وغش ومكر بين أفراد أسرته ومجتمعه ، سيظل في دائرة السلبية السلوكية والأخلاقية مهما ظن بنفسه الظنون ، فكل إناء بما فيه ينضح حتى لو كان مطلياً من خارجه بالذهب ومزخرفاً بالزخارف والنقوش ..!!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي