شَرُّ البَلِيَّةِ مَا يُضْحِكُ حقًّا...
يُقال إنَّ ترامب وفريقه يسعون جاهدين لنيل السيد ترامب جائزة نوبل للسلام...!
على أيِّ إنجازٍ سيتلقَّاها؟! هل على نكثِ وعودِهِ بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط والعالم؟
وإذا به يحنثُ بعهودهِ للشعب الأمريكي وببرنامجهِ الانتخابي، فيُشْعِلُ نيرانَ الحروبِ والجحيمِ بالقنابلِ الأمريكية، إمَّا مباشرةً أو بالوكالة، على المدنيين في اليمن وغزة، واللهُ أعلمُ مَن التالي... إيران أم دولٌ أخرى من دول العالم؟!
ألا يُوجد مقابل جوائز السلام توصيفاتٌ تُطْلَقُ على مُشْعِلي الحروب ومرتكبي الجرائم بحق الشعوب؟!
إذا كانت نوبل للسلام تكافئ صانعي السلام، فالنقيض منها هو "جوائز للدمار" – لو وجدت – قد تُمنح لمن يقود الحروب والجحيم على الشعوب الحرة المستقلة، ومن يشرّع للقتل بقانون الغاب، أو يتسبب في إبادةٍ وتطهيرٍ عرقيٍّ وكوارثَ إنسانية!
إن كان الأمر كذلك، فإنَّ الرئيسَ ترامب يستحق ذلك بجدارة!
لقد تفاخر ترامب بقدرته، بخلافِ سَلَفِهِ، على إبرامِ اتفاقِ غزَّة بمراحله الثلاث، بل وتباهى بـ"إعادة الرهائن"، وكأنه قد حرَّر الأسرى! لكن لم يدم هذا الافتخار طويلًا، إذ سرعان ما كان أوَّل من خرقه، قبل حتى أن يخرقه نتنياهو.
ترامب، الذي لم يُخْفِ حنينَهُ لغزةَ فارغةً من أهلها ليستثمر فيها، راحَ يُخططُ لتهجيرِ الغزيين، مُحددًا لهم الوجهة، متحسرًا على أن "ربيبتَهُ" صغيرةٌ وتحتاجُ إلى التوسيع!
وفي اليمن، كان الحوثيون قد التزموا بالاتفاق رغم أنهم ليسوا طرفًا فيه، فأوقفوا جميع أنشطتهم في البحر، وامتنعوا عن استهداف الأراضي الفلسطينية المحتلة بالصواريخ والمسيّرات، غير أن ترامب ذاته هو مَن أمرَ بقصف المحافظات اليمنية وأعيانها المدنية، دون أن يُصيبَ هدفًا حوثيًّا واحدًا حتى الآن! ثمَّ منح الضوء الأخضر لنتنياهو لاستئناف العدوان على غزة بالقنابل الأمريكية، التي تمَّ صرفها من مخازن الولايات المتحدة، الممولة من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين.
حينها، قيل إنَّ اتفاقَ غزَّةَ "رصينٌ وثابت"، لأنَّ الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وقطر هم الضامنون!
لكن أمريكا تخلَّت عن الوساطة، بل حتى عن أدنى درجات الحياد، فهل ننتظر من مصر وقطر ومن خلفهما النظام العربي الرسمي أن يوقفوا هذه العربدة النتنياهو-الترامبية، وهذه المهزلة بأرواح ومقدرات وحرية الشعوب؟!
هؤلاء، بدلًا من أن يُجبروا الكيان الصهيوني على دفع ثمن الخراب الذي أحدثهُ، وافقوا ضمنيًّا على تجريد المقاومة (حماس) من حقها المشروع في مقاومة الاحتلال، وعلى دفع الفاتورة بأنفسهم! ففي القمة العربية الأخيرة، تم اعتماد "خطة مصر" لإعادة إعمار غزة بـ 55 مليار دولار أمريكي، بينما كان الواجب فرضُ إعادة الإعمار والتعويض على الكيان الصهيوني.
وعلى الجانب الآخر، نجدُ مَن أطلقوا على أنفسهم "محور المقاومة والممانعة" يتراجعون الواحدَ تلو الآخر!
بل إنَّ إيران نفسها بدأت تتخلَّى عن أذرعها، وآخرها الحوثيون! فمندوب إيران أعلنها صراحةً: "الحوثي مستقلٌّ بقرارِهِ، ويتحمَّلُ تبعاتِه!"
لماذا؟!
لأنَّ إيران تدرك أنَّ ضربَ اليمن ليس سوى "المقبلات" قبل استهدافها هي وتغيير نظامها!
ومن خلال متابعة لقاء ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض مؤخرًا وتطابق مواقفهما، ومن خلال التطورات الأخيرة،
يمكن استنتاج أن هناك صفقة غير معلنة بين نتنياهو وترامب تقوم على تنفيذِ المرحلةِ الأولى من اتفاقِ غزَّة،
مقابل التزام أمريكا بإسكات الحوثيين – فالبيت الأبيض صرّح رسميًّا بأن عملياتهم تهدف إلى "الحد من قدرات الحوثي، وليس إسقاط نظامه"، وهم بذلك يعترفون ضمنيًّا بنظامه الانقلابي رغم تصنيفهم له كمنظمة إرهابية عالمية... همسةٌ في أذنِ السلطةِ الشرعيةِ في اليمن! – وبضرب إيران، وهو ما قد يكون وشيكًا من خلال ما يجري في اليمن، واستهداف صنعاء والمحافظات الأخرى، والسماح لنتنياهو بتوسيع عدوانِه على غزة وسوريا وسائر الأراضي المحتلة!
فيا أيُّها العالم، ويا كلَّ مواثيقِه وقوانينِه وقراراتِه... استيقظوا!
أوقفوا هذه العربدةَ التي تعصفُ بوطنِنا العربيِّ الكبير وبالمنطقةِ وباقي العالم!
ألم يَحِنِ الوقتُ لفعلِ ذلك؟!
-->