أوقفوا التداعيات قبل أن يحل الانهيار!

د. علي العسلي
الأحد ، ١٦ مارس ٢٠٢٥ الساعة ٠٢:١٣ صباحاً

 

كنت قد عزمت على الصيام السياسي طوال شهر رمضان، وألا أكتب في السياسة خلال هذا الشهر الكريم، غير أنني لاحظت مؤخرًا تداعيات خطيرة لا يمكن السكوت عنها، ومن واجبنا التنبيه إلى مخاطرها والعمل على تفادي الكارثة قبل وقوعها.

ليس من الحكمة أبدًا أن يلتفت العالم إلى اليمن واليمنيين، ويسعى إلى تخليصهم من شرور الحوثي، الذي يدّعي في القرن الواحد والعشرين أنه يحكم بـ"الحق الإلهي"، ثم لا نجد تحشيدًا كافيًا لاستثمار هذا الزخم الدولي لصالح اليمن.

بل، على العكس، نقرأ ونسمع عن خلافات داخلية بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وصلت إلى حد استغلالها من قبل الحوثيين، الذين يبثّون سرديات مضللة حول تسريبات مالية عن رواتب بمليارات الريالات شهريًا لأعضاء المجلس.

ليس هذا فحسب، بل نشهد أيضًا تمردًا جديدًا من بعض الوزراء ضد الحكومة الشرعية ورئيسها، وامتناعهم عن حضور الاجتماعات حتى يتم تغيير رئيس الوزراء! أما ردّ الفعل الرسمي، فلم يكن أفضل حالًا، حيث صدرت تعاميم بمنع هؤلاء الوزراء من السفر إلا بتصريح شخصي من رئيس الوزراء نفسه!

أما على الصعيد العسكري والإعلامي، فنلحظ أن خطاب الشرعية تجاه الحوثيين يتسم بالتصعيد في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، بينما التحشيد الحقيقي على الأرض، سواء في المدن أو الجبهات، فهو فقط من قِبَل الحوثيين!

بل إن الحوثي يبحث عن النجومية، ويستفز أمريكا، ويريدها أن تأتي لتدمير ما تبقى من البنى التحتية وقد تستهدف بعض قيادتهم . فإعلانهم استئناف عملياتهم في البحار اليمنية هو ربما خطوة استباقية حوثية ومن يدعمونهم، حتى لا تتحرك الشرعية عمليًا لتخليص اليمنيين منهم. جهلة ومغامرون، لكن لديهم خبراء ومخططون من محورهم، ويسبقون الشرعية وخبراءها بمسافات، مع الأسف!

نصيحة صادقة لمجلس القيادة الرئاسي:

وضعكم الحالي لا يسرّ، ولا يعكس المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقكم. لا بد من المبادرة فورًا لحل الخلافات الداخلية بالحكمة والعقل، وخلق أجواء من الثقة، وعدم السماح للمكايدات والوشايات العقيمة بأن تسيطر على المشهد.

إيقاف هذه المهاترات أصبح ضرورة ملحّة، لأن انهيار منظومة الشرعية بات وشيكًا إن لم تتحركوا سريعًا، وهذا الانهيار لن يخدم إلا مشروع الحوثي وإيران، على حساب الشرعية، بل وعلى حساب استقرار دول الجوار والمنطقة بأكملها. قاربوا ورمّموا وتقدّموا وأنجزوا... هذه النصيحة ليست الأولى، وقد لا تكون الأخيرة، ويا للأسف!

دعاء ختام رمضان

اللهم في هذا الشهر المبارك، اجمع كلمة اليمنيين على الحق، وأزل عنهم الفرقة والشتات. اللهم ألّف بين قلوبهم، وهيئ لهم من أمرهم رشدًا، وولِّ عليهم خيارهم، واكفهم شرّ الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم احفظ اليمن وأهله، وأعد إليه أمنه واستقراره، وانصر الحق وأهله، واخذل الباطل وأعوانه. إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.

آمين يا رب العالمين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي