رسالة واشنطن وحلفائها للحوثي ما بعد سقوط نظام طهران في سوريا!!!

د. عبدالحي علي قاسم
الأحد ، ٠٨ ديسمبر ٢٠٢٤ الساعة ١١:٥٧ مساءً

 

 سقوط مدوي، وفرط زمني لنظام طهران في دمشق. بعجالة غير مسبوقة تهاوى نظام الأسد الطاغية تحت عنفوان الثورة السورية المدعومة خارجيا، والمباركة دوليا وإقليميا لا سيما الجارة تركيا، دون أن تحرك أذرع إيران المأجورة، والمفلسة تجربتها شعبويا فعلا، ولا تعزية تحسب. أكثر ما قدمته من مواقف هو نعيا مبكرا بأن مصير الأسد مجهولا.

   ولتسويغ خذلان طهران وأذرعتها في المنطقة لا سيما حزب الله أن موقف الأسد كان خاذلا لطهران، وحزب الله في معركتها الخاسرة مع إسرائيل، لا نتائج صواريخها الخشبية الأكثر بروبجاندا، والأقل أثرا وتدميرا.  

   المهم سقط بشار في حضيض جرائمه، وتم ترحيله موسكو صاغرا، ومعه تهاوت سمعة إيران، وما تبقى من هيبة أذرعها، وجاء الدور على الحوثي، الذي ظل إلى ما قبل أسبوعين سقف شروطه، ومطالبه تثقل كاهل الدبلوماسية الوسيطة لأبو فهد السفير السعودي وشركائه. تعنت أستمر لأكثر من عامين، يعرقل، يعطل، يبتز الجوار الإقليمي وتحديدا الجارة الكبرى لليمن.

تحت رحمة عجرفته اشترط الحوار مع المملكة السعودية رأسا بآخر برعاية الوسيط العماني، حد أن بعض رموز الشرعية كان يستقي نتائج المباحثات من الطرف الحوثي! أخيرا، خرجت واشنطن عن تحفظها، وأكدت للجانب السعودي أن نتائج المباحثات لا تلزمها، ومقاس مصالحها، و أمن حليفتها إسرائيل، وتوقفها لا نقاش فيه، وأن معادلة جديدة تلوح في الأفق لما بعد حقبة بشار الخميني، وضرب ما تبقى من هيبة راعي مشروع الخراب في المنطقة الإيراني.

    ما بعد سقوط الأسد الثعلب ليس كما قبله. واشتراطات الحوثي في خبر كان، وتهديداته لم يعد لها معنى كبير في اليمن، ودول الجوار على الأقل في ضوء معطيات تسارع الأحداث لغير صالح طهران وأذرعها في المنطقة.  

   ما لم تكن حسابات ضيقة الأفق للفاعلين في اليمن لبقاء الحوثي، فمصيره السقوط المدوي، وفي أحسن الأحوال أن يعطي ضمانات البقاء شريطة عدم تعرضه لأمن الملاحة والتجارة الدولية، وأن يصمت ليس فقط من الفعل، بل حتى الكلام من أي تهديد لاستئناف الشرعية أستثمار مواردها النفطية والغازية دون أي تشويش حوثي.

   ما لم ينتهز الحوثي فرصة قراءة التطورات التي تعصف بإيران وأذرعها، فسقوطه حتمي، وبأسرع ما يتصوره أكثر الحوثيون تشاؤما.

   المكون الحوثي وعقليته ورؤيته للحكم غير قابلة للتعايش، وشريك غير موثوق البتة، فهل يلين أمام رياح التغيير العاصفة، وينكفئ أمام المتغيرات القوية، ربما لن ينجح في ضوء الدور المرسوم له إيرانيا، لكنه سيبقى خطرا موقوتا يتحين المتغيرات، ويمارس التقية بهدوء، خصوصا أمام تهاوي هيبة إيران، وعودة الولايات المتحدة بقوة في المنطقة تربك حتى حلفائها المتأرجحين.

   هامش الدبلوماسية والتأثير ضيق للقوى الخليجية الفاعلة، والتي سبق أن بادرت لكسر الحصار عن نظام بشار الساقط والإجرامي، ومعادلتها في يمن للحوثي حضور قوي، وبقاء فاعل، ولم يعد له معنى حقيقي. ومحاكاة الواقع السوري بدون طهران يطل برأس نحسه على الحوثي، وأن أيام وجوده معدودة إذا قررت واشنطن وحلفائها أنها لم تعد بحاجة لموز الحوثي، وشعارات ابتزازه وزوامله.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي