لا مقاربة حقيقية لوقف رعب المواجهة بين روسيا والغرب إلى برائد دبلوماسي، وقائد محنك بحجم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قلتها في مقالة تحليلية منذ عام، وجاءت تصريحات ترامب تدعم ذلك التوقع. بن سلمان الأمير الاستثنائي، رجل القرارات، وقائد التحولات التاريخية، ومهندس رؤية 2030 بأبعاد متغيراتها الطموحة هو فقط من يستطيع أن يصنع الفارق في مقاربة دبلوماسية بين روسيا والغرب لا سيما الولايات المتحدة، بشأن الحرب المستعرة بين روسيا وأوكرانيا. الأمير الاستثنائي ذو الحضور الكاريزمي المفعم بالقوة، والثقة، واحترام الأطراف المتصارعة يمكنه الجمع بين بوتين وترامب على طاولة اتفاق من شأنها وقف حرب استنزفت الغرب وأوكرانيا وروسيا الكثير من الخسائر والويلات.
سر هذه الدبلوماسية السعودية أنها متأنية، ورزينة، وتفعل أكثر مما تتكلم. هي تهيئ الطرفين المتصارعين للتفاوض لأكثر من عامين، بيد أن إدارة بايدن لم تكن جاهزة دبلوماسيا، ومستعدة لمنطق الدور السعودي المتوازن، فلم تتعجل المقاربة في الحل، ومنحت الطرفين الوقت، والهامش الكافي لمنطق الاستماع العقلاني.
ومع وصول ترامب إلى البيت الأبيض بدا الوضع السياسي، والعملياتي معبد أكثر من أي وقت مضى لتفاوض جدي، ومرغوب لعملية سلمية تفضي لوقف الحرب وكارثيتها، وفق مقاربة مقبولة لدى الطرفين، بضمانات دولية! السعودية طرفا محوريا ومسئولا فيها.
السعودية اليوم مع سمو الأمير الشاب، والطموح محورية أكثر مما يتصورها أيا ممن ينفسوها هذا الدور، والعالم يسلم يوما بعد يوم بضرورة وواقعية حضورها، كمعادل فاعل في لعبة الأمم وتجاذب أطماعها، ورائد محنك في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية.
هي قائدة، وقاطرة الفعل العربي المشترك بلا منازع من أشقائها مع وجود بعض النتوءات، وهي ثقل الحضور الإسلامي ببعده الديني، ومحل اهتمام عالمي، ووازن دولي جغرافيا وسياسيا بين الشرق والغرب. وإن حاول البعض أن يستفزها، كنتنياهو أو حتى ترامب رجل الصفقات والصداقة، فلن يملي عليها أحد شيئ إلا بتقدير، ورؤية صانع القرار السعودي العاقل، والعقلاني، أنه مصلحة سعودية وعربية.
من تعجل في الحكم على القيادة السعودية، أنها أدارت ظهرها للقضية الفلسطينية بهت توقعه، مع بداية عجرفة نتنياهو والإدارة الأمريكية بطرح مبادرة التهجير لشعب غزة إلى مصر والأردن، فجاء وقع الرد السعودي أن لا محل لها عربيا، ولا سعوديا، ولا موطن بديل.
وتدرك القيادة السعودية أن ابتزازها، كوطن بديل مترامي الجغرافيا، وغني، يأتي لثني وتحييد ثقل الدعم السعودي لممانعة مصر والأردن، ورفضهما لتهجير سكان غزة إلى سيناء والأردن، بيد أن سياسة قيادة المملكة الثابتة أن لا تفريط في رصيد العمق العربي، ودرعها الدفاعي الحصين.
السعودية على موعد مع قائد طموح، ونوعي في تفكيره، وهامش تعقله في تدبيره السياسي والاقتصادي، وعقلانية علاقاته المتوازنة بالآخر الإقليمي والدولي في ضوء تقديراته لمكمنات دولته، وواقع قوتها الشاملة وثقلها الإستراتيجي في المنطقة والعالم.
والأهم من ذلك، أنه قائد محنك يمتلك الاستعداد النفسي لاتخاذ القرار، وهذا عنوان القيادات القوية والتاريخية، التي يحترمها ويهابها الآخرون، وهو ما جعل ترامب، وشجع بوتين للجلوس بين يدي الدبلوماسية السعودية لوقف أخطر حروب القرن على العالم، ونزع فتيل تداعياتها الخطيرة. أخيرا، يمكن القول أن السعودية في عهد سمو الأمير ولي العهد ليست أي دولة عربية، هذه قاطرة العروبة ومركز قوتها الدينية والاقتصادية، وعاصمة المنطقة السياسية، بمباركة، ودعم معظم الدول العربية، وهي أهلا لممارسة الدور الفاعل والطبيعي في مقاربات السلام العالمي.
-->