قراءة في حكمة الرئيس العليمي ونوعية الإعلام الحضرمي!!

د. عبدالحي علي قاسم
الخميس ، ١٥ أغسطس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٠٤ مساءً

   كان ومازال الوقع اليمني بحاجة ماسة ليد تضمد جراحه السياسية، وتلطف أجوائه المتشنجة، وتفك أيادي أبنائه المشتبكة، وتمتص شحنة التعبئة السياسية والأمنية المدمرة، فجادت يد القدر بسياسي مناسب، ولائق لمهمة معقدة، كهذه التي يكتوي بآثارها شعب.

    في مقابلة غير تقليدية، وعلى نمط غير معتاد ظهر الرئيس رشاد العليمي على قناة حضرموت بصورة تجاوزت منطق الرتابة، والتكرار في إدارة الحوار السياسي بين الإعلامي كسلطة رابعة، ورئيس نوعي في فهم معنى المواطنة، وطبيعة خدمته كرئيس للدولة، ومسير لشأنها بكل تواضع. 

   بمبادرة نوعية، وبأفكار مستحدثة، ورشيدة، كما هي لباقة وحنكة رجل الدولة الناضج، وقراءة هادئة للواقع، أشبع فخامة الرئيس العليمي حاجة الجمهور، الذي انتظر ظهوره يرؤاه وتصوراته، لحلحلة روافع العمل السياسي والتنموي، وجملة من القضايا ذات الأهتمام بدء بالسياسي، وانتهاء برفع معاناة المواطن، وسد رمقه في مرحلة فارقة في التعقيد والصعوبات.    بدى  الرئيس كما هي حكمته، واتزانه في كشف طبيعة المرحلة، موضحا أن المجلس الرئاسي يعمل وفق آلية توافقية لتسيير الشأن العام، وإعادة بناء المرحلة مؤسسيا وسياسيا بعيدا عن التشنجات، والتجاذبات العقيمة، بحيث تسعف القيادة السياسية من دفع عجلة التنمية إلى الأمام، رغم شحة الموارد ، وتعطيل الجزء الأكبر منها بفعل آلة الابتزاز والعبث الحوثية. الأهم من ذلك إعمال آلية التدبير اللامركزية بصورة تشحذ همة المشاركة الشعبية المحلية في إدارة الشأن العام، وتحمل تبعاته بمسؤولية جماعية، وضوابط تجنب حضرموت والمحافظات الجنوبية من الوقوع في مصيدة الصراع لصالح مشاريع لا تسمن ولا تغني من فاقة.  

    ركز فخامة الرئيس على دور العقلية الحضرمية الحكيمة والتعايشية، كمدخل بناء لمستقبل مشرق لأبناء حضرموت، بعيدا عن شطحات الشعارات الفارغة، منوها لأهمية إرساء منطق التعايش والتفاهم عوض التشنجات والشحن، الذي لا طائل من ورائه، ولا يساعد في بناء بلد مستقر ينعم بالأمن.

   الظهور الإعلامي للرئيس كان ملفت، ونوعي بما فيه من هامش الحرية، ليس للحضور الأبوي المستهلك برقيبه الإعلامي سطوة. الرئيس الرشيد منفتح على وطنه، وينصت لتطلعات الكلمة الإعلامية في الحصول على إجابة عقلانية تلامس متغيرات التنمية بمنهجية لامركزية أضحت محل توافق الحاكم والمحكوم على السواء.

إعلام يشارك الرئيس الرأي، وينتظر إجابة أقل ما فيها أنها مقنعة، في حيثيات الإجراء القوي الذي اتخذه البنك المركزي لخنق العصابة في صنعاء ثم التراجع. حيث بدى الرئيس واقعيا، إذ لا يمكن أن تكون دولة الرئيس أنانية بالقدر الذي تفرط فيه بمصالح الشريك المصيري لليمن، واعتباراته الأمنية لا سيما المملكة العربية السعودية.    

  كر وفر هي الحرب! كما أوضح سيادته، وأدواتها في المتناول، وتكتيكاتها حاضرة على طاولة اللعبة وقت الحاجة، لكن لامشاح أن تراعى فيها مصالح إستراتيجية كبرى لنا والأشقاء الداعمين، والتكتيكات في المتناول، وفي الوقت متسع.

من حضرموت التاريخ الزاخر بالحكمة، طالعنا فخامة الرئيس رشاد العليمي، بمنظومة من مفردات حكمته السياسية في مقابلة أجلى فيها أهمية التعايش بين أبناء الوطن الواحد، والتركيز على أهمية البناء التنموي الشامل، حتى في ضوء شحة الموارد، وندرتها.

   بهذا المنطق الرشيد، والهادئ أقنع الرئيس رشاد العليمي محاوريه، وكشف ملابسات وأسباب الأضرار الاقتصادية التي لحقت بمواد البلاد نتيجة للتهديد الحوثي الإستراتيجي على تصدير مواردها النفطية والغازية، والملاحة في البحرين الأحمر والعربي، وتعثر الكثير من المشاريع لحالة الشلل الاقتصادية القائمة في عدن وحضرموت وشبوة وسواها من المحافظات.  

  عرج أيضا فخامة الرئيس في رشده السياسي، عندما أوفى الحكمة السياسية الحضرمية حقها في التعايش، والانفتاح على كل أبناء الوطن، وتعهد بمتابعة المشاريع التي دشنها في زيارته السابقة، مقرا بترنح بعض المشاريع الرياضية. منوها أكثر منه محذرا بلغته الرشيدة من استغلال البعض لبعض المطالب لإدارة نوع من الجلبة الأمنية والسياسية، التي لا تليق بتاريخ حضرموت ورشدها، وحكمة التعايش والرقي التي تزخر بها العقلية الحضرمية.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي