من يحزن على الكتب بعدك يا صاحبي؟

محمد المقبلي
الأحد ، ٣٠ اكتوبر ٢٠٢٢ الساعة ١١:٠٨ مساءً

كلما لمع إسمك في العالم الإفتراضي يتداعى شريط الذكريات مثل مسبحة صوفي بلا كهانة من ٩٩ حبة وفي كل حبة تسعون البوما من تلك الأيام التي كانت قصيرة لكنها غزيرة بالنسبة لصداقة كانت قائمة على ماكنا نسميها بالطباع الباطنية وتسمى كيمياء الروح وكنا متفقين اننا لا نتطابق نحن نتكامل فقط.. 

 نختلف وندير اختلافاتنا.. وفكرة ادارة الإختلاف ابتكرناها في لحظة تباين حينما استحلفتك بالله ان لا تكرر جملتك الشعرية التي هي عنوان ديوانك "وحيدا كالقطرة." كنت اشعر بإنقباض لتعلقك الشديد بها واستقرارها في عقلك الباطن بشكل كان يدفعني لنزعها من الفخ ثم استفرد بك القتلة وانت وحيدا كالقطرة بلا حماية كشهيد للصحافة الإستقصائية ومن اجل الشعب المأكول من قبل الهوامير الجدد 

هل تعلم أني اضع مسافة مع اصحابي الصحفيين الأستقصائيين وانكمش كلما ناقشوني في الملفات التي يشتغلون عليها ودفاعهم عن المصالح العليا للشعب من خلال اعمالهم استمع و احرك رأسي دونما حماسة اظهرها او أشادة.. تخطر في بالي تلك اللحظات التي تم فيها دس السم من قبل الذين ظلموا سعيك من أجل فك معضلة النفط والدم

 وهذا مالم يفعله احد من قبلهم لقد ارتكبوا جرائم مروعة وجسيمة بحق الصحفيين.. وضعوهم دروعا بشرية في مخازن الأسلحة والمواقع العسكرية ضمن بنك الأهداف الجوية كما حصل للعيزري وقابل.. سمموك يامحمد واطفئوا ضحكتك التي كانت تحرس ليل صنعاء من نباح كلاب الحراسة..وكلاب الصيد

 ربطوا الحبل على رقبة شغفك براموس الذي لقبته متخصص سكتات قلبية في أهدافه الحاسمة.. كادوا ان يغتالوا نبيل سبيع ونايف حسان اختطفوا عبد القادر الجنيد وجمال المعمري وعذبوهم بطريقة قاسية.. اختطفوا عبد الباري طاهر ولم يحترموا عمره وتاريخه الوطني.. وضعوه فوق الطقم وقادوه من احدى الفعاليات ثم طلبوا منه ان يتعهد بعدم حضور ندوة عن خطاب الكراهية في إعلام الحرب  اجبروه ان يبصم يقول الذي روى لي القصة.. أنه لأول مرة يشاهد عبد الباري يغضب وقال بلهجة فصيحة.. لست مجرما ياهذا حتى تأخذ إبهامي..لكنه بصم نزولا عند رغبة الصحفيين المختطفين معه.. اشرف الريفي واياد الموسمي وعادل عبد المغني

لاادري كيف سردت ماسبق وكانت نيتي الكتابة عن كتابك المعروض في جناح دار اروقة في معرض الشارقة.. لمحته في صفحة صفاء اختك فهي وقبول وبقية اخواتك إمتدادا لروحك.. يتذكرينك ويذكريننا بك وينشرين كتبك ويوم ميلادك.. ويتباهين بكونهن.. اخوات محمد..اصيلات كما انت

إعدام الكتب تلك فكرتك التي بثيتها في أرواحنا وجعلت الكتب كائن حي كنت تحدثنا بنبرة حزينة تجعلنا نتخيل الكتب ضمن أعواد ومشانق كانت الفكرة الأولى منشوره في مجلة صيف بغلافها الأصفرالمميز حملت افتتاحية محمود ياسين الرهيبة.. اليهاري خط احمر.. تحولات القرية الإسلامية في ضواحي إب.. وموضوعك عن اعدام الكتب الذي اصبح كتاب..

 كنت ترسم الأنفاس الأخيرة للكتب وهي تغرق في نهر دجلة زمن هولاكو وكنت ترثه الكتب في ساحة الرملة في الأندلس وهي تلقي حتفها بقسوة محاكم التفتيش وعندما اخبرتك في ليلة ما عن حزني على الكتب اليمنية المخفية والمخطوطات وخصوصا كتب الأكليل وكتاب سرائر الحكمة الكتاب الفلسفي للهمداني ومخطوطات الزبور تحديدا.. تنهدت وفاضت دمعة

.. والآن ياصاحبي أين اجد من يحزن على الكتب بعدك من يجعلني اشعر مجددا ان الكتب كائن حي تدب في مفاصلها حركة الروح وجريان التاريخ بكل جراحه وآلامه وكبرياءه

الحجر الصحفي في زمن الحوثي