ساجدة المنصوب | زفاف عروس إلى خلف القضبان

كتبت
الاربعاء ، ١٨ نوفمبر ٢٠٢٠ الساعة ٠٧:١٠ مساءً

في بداية يوم شتوي قارس ، وحين جلست على طاولة بممر المدرسة أُلقن أحد تلاميذي حديث نبوي شريف حول فضل العلم تجهيزا لحفل تكريم أوائل المدرسة ، إذا بولية أمر طالبة ترد عليا التحية وتطلب الأذن لطفلتها للسفر لمدينة إب ، وأحدث نفسي أنني مشغولة سأوافق سريعا كي تنصرف ، لكنها أثارتني حين قالت أنتي الأستاذة ساجدة صحيح ، ولأنني أول مرة أقابل هذه المرأة بإستغراب أجبت بلى أنا هي ، كأنها أرادت التأكد لتسرد عليّ قصتها بأمان، فقالت : سآخذ ابنتي ونسافر كي تودع أباها وتراه قبل إعدامه لقد صدر حكم الإعلام !!! بذهول وفضول سألتها إعدام ماذا ياخالة ؟!!! أجابتني بندم و ألم قبل 15 عاما أحدهم قتل أخاه ، فثأر له زوجي وقتله . حينها تذكرت مآسي الثأر والحرب ونتائجها الموجعه ، لكنها أثارتني مجدداً حين قالت : يا ابنتي مكث في السجن 15 عاما وتزوجته قبل 8 سنوات ، فقد جار عليها الزمان وسكنتها الأحزان في واقع يحكمه العبث والفوضى!! وسألتها كيف ذلك يا خالة ، بشكلها المحتشم الذي لا أنساه أبداً، وشعاع الطيبة الذي يختبئ خلف سواد حجابها الذي لا يظهر إلا بياض حدقة عيناها وأما رموشها فقد ضاع في سواد الحجاب ، قالت لي :  إنه قضاء الله وقدره كنت أرمله وكلما تقدم لي شخص رفضت وقلت لم أعد بحاجة في الزواج ولا رغبة لي به ، حتى أتى هذا القدر فسكت بعد محاولات النصح والإقناع الكثيرة من أخوتي "تزوجي استتري"، وتم زفافي إلى السجن . حينها صرخت وجعا أهو ستر أم سجن  وقيد، ما هذا الجنون !! وبينما شردت أُخاطب نفسي ، كيف للأهل أن يزجوا ببناتهم في جحيم الزواج والحياة ككل بدعوى الهروب من كلمة عانس أو مطلقة ، وذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :((رفقا بالقوارير )) ، ((كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته )). تمنيت أن يستوعب كل من له قوامة على النساء أن يتقوا الله فيما قومهم به . قطعت شرودي هذه الخالة حين قالت : وهي تبكي أسكن في منزل إيجار ولدي 3 أطفال لا أعرف كيف أعيلهم ، وقالت : لكن هذا سهل يا ابنتي إنما صعوبة الوجع بالرد على سؤال ابنتي التي تبلغ من العمر 7 سنوات حين سألتني " أين أبي هل لديا أب زملائي بالمدرسة يقولون أمك تضحك عليك ليس لديك أب " وبكت بشدة !! ثمّ أردفت الحديث قائلة كم حاولت التسجيل مع منظمات للحصول على مساعدة يتم إبعادي من قبل مندوبين هذه المنظمات ، لا أدري عن السبب! وقالت : مع صعوبة هذه الحياة هناك من يزدني ألما ووجعا حين يقول لي : كيف قبلتي بالزواج من قاتل ومسجون ؟! وهناك من يقول : أنتي مأجورة أن شاء الله ، وتحاول تثبت لي أن الأمر لم يكن بيدها ، فأحتضنتها بحرارة وقد ألجمتني غصة القهر عن البكاء بهذه السلسة اللامتناهية من الأوجاع حيث ابتدأت بالثأثر وانتهت بهذا الشتات والتمزق والألم . وكإنسان له روح وكيان يشعر بمن حوله ويسعى جاهدا لترسيخ معاني ومبادئ السلام بالحياة بين المجتمعات ، لقد كتبت هذه القصة ليس استعراضا فنيا ولا موهبة في الكتابة إنما رسالة أبعثها لكل ولي أمر ومن له قوامه على المرأة اتقوا الله بما استوصاكم به . ورسالة لكل السلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني أين جهودكم وتحريكم من مثل هذه الحالات ؟! ما مدى نجاح مشاريعكم بتمكين المرأة ؟! أتمنى وبلسان كل امرأة أن توجدا مشاريع تعزز من مواهب وقدرات النساء ، وتمكنهن من المشاركة الفاعلة بالمجتمع والإعتماد على ذاتهن بمصادر دخلهن ، كتدريبهن على الخياطة والطباخة وماشابه ذلك ، بدلا من الإغاثات الطارئة المؤقته . ساعدوا مثل هؤلاء النساء بفرص عمل مستدامة وباعتماد ذاتي ، لأهل الخير أيضا أنتم كل الخير تفقدوا المستضعفين بنعم الله عليكم .

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي