إعلامٌ حر..!!

أسماء الشيباني
الجمعة ، ١٧ يونيو ٢٠١٦ الساعة ٠٢:٠٠ صباحاً

أي قوة تمتلكها الشعوب دون إعلامٍ صادقٍ حرٍ يعبر عنها؟!!  وأي صورة تنعكس حينما يكون الناقل عنها وبلسانها هزيلا ركيكا ؟!!

 

مشكلتنا الإعلامية ليست في الدراما اليمنية فحسب بل في نوع الرسالة الإعلامية التي تحملها قنواتنا الرسمية والخاصة ، وفي جودة الكوادر القائمة على الإعلام ، ومدى فهمهم ووعيهم لأهمية وخطورة مهمتهم  الإعلامية ، في ظل موروث عقود من تمجيد الأفراد طغى في توارث تلقائي على الإعلام العربي عامة ولابد أن يترك بصماته على إعلامنا الهزيل الذي يسعى متقاعساً للحاق بالركب .

 

سيغضب الكثير من حديثي لكنني أجد أننا سائرون في خط انحدارٍ متسارع بينما يفترض بطفرات الانفتاح  العالمي أن تقودنا في منحنيات متصاعدة ، ودليلي نوعية برامجنا ومحتواها الفارغ في معظمها بينما تكاد تتلاشى من الخارطة البرامجية البرامج والدراما الهادفة .

 

الإعلام الفضائي الذي يجعلنا فاغري الأفواه أمام روعة أوروبا و جمال آسيا ويُلزمنا الانتباه أمام تقدم وتكنولوجيا وحضارات الشرق والغرب.. ويُشعرنا أنها من عوالم أخرى لا تحتوي مشاكل و لا بطالة ولا أحياء صفيح ولا جرائم ولا أدنى لمحة للهموم ، هذا الإعلام هو ذاته السلاح الذي نملكه ونجهل كيفية استخدامه . فصار الإعلام اليمني مسخرة مع كامل الاحترام والتقدير للقلة المتميزة التي تركت بصماتها في حمل رسالة إنسانية أو ثقافية  ... ثم رحلت حين ضاق بها الخناق .

 

ولست خارج التيار العام إن قلت أن إعلامنا يتعمد تجاهل الواقع وإن حاول نقله فبطريقة تفقده المعنى والقيمة فيصير بذاته واحدةً من مآسينا المتعددة للأسف .

 وهذا الشهر الكريم الذي يكشف مدى الخواء الفكري و السطحية الثقافية التي نعانيها في استراتيجياتنا  الإعلامية  ( عربيا ومحليا )...  يجيئ كل عام بمختارات التميز و الانحدار في خليط عجيب للحصول على نسبة المشاهدة الأعلى و تستمر خطط بقية العام في مجرد الاعادات في عجز واضح عن الابتكار المتجدد و المستمر .حيث تنسكب البرامج و المسلسلات ترفيهية و دعوية و تاريخية في منافسات لا تحترم الزمان والتأريخ  ولا المشاهد إلا ما رحم ربي وهم نوادر النوادر  .

وبينما يفترض بإعلامنا أن يتفاعل مع همومنا اليومية وواقعنا بطريقة تحترم الوجع والإنسان نجده يزيد الوجع والتشظي بل ويعري بقايا المستور بدعوى عرض الواقع ؛ ثم يتركه رهين الاحتقار و السخرية والازدراء دون تأثير على صانع قرار أو حتى على مشاهد لإيجاد حل وتغيير وضع .

 

في الأفق القريب

ما نحتاجه فعلا أن يتولى الإعلام قادة يدركون قوة سلاحهم ، ويملكون جرأة استخدامه مع امتلاك رؤية حقيقية للمستقبل تنهض بالشعب المكسور ، تحدثه عما يمكن أن يكون ، وترشده طرق العبور للخروج معاً من عنق الزجاجة الخانق .. قياداتٌ إعلامية لا تزيد فوق الجرح ملحاً بلا مبالاة ... فتفقد الإنسان كرامته ومقدساته وهويته بدعوى الترفيه و عرض الواقع الذي يُشوه كثيرا من خلال أعينهم ..لاستجلاب ضحكة سمجة في رقصة طير مذبوح ..

في واقعنا المؤلم و النازف نحن بحاجة ناقل للحقيقة كما هي  ... نحتاج صناع برامج و دراما لا يقبلون المساس بملامح الهوية اليمنية مهما كانت الأسباب ؛ يبرزون أجمل ما فيها وهو كثير و زاخر في المجتمع اليمني الأصيل الحقيقي ، ويحترمون عقلية المشاهد ووقته .

و نحتاج إعلاماً يُمثلنا .. يتحدث بآهاتنا وطموحاتنا .. يرسم ملامح مستقبلنا فيخضع الساسة لإطاراته و اتجاهاته لأنه يملك من النزاهة والجدية والصدق ما يمثل نبض الشارع وجعاً ونزفاً وجرحاً دون ميول أو مصالح أو تصنيف .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي