السعودية والحركة الحوثية وأوباما الشيعي !!

عبدالواسع الفاتكي
الاثنين ، ٠٣ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٤٧ صباحاً
في وقت متأخر من مساء الأربعاء 25 مارس 2015 أصدر البيت الأبيض بيانا عبرت صياغته عن تأييد أمريكا للتحركات السعودية في اليمن الرامية لعودة الشرعية وعن استعداد الأمريكان لتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي للعمليات العسكرية وأنه تم تكوين لجنة مشتركة للتعاون مع السعودية في هذا الإطار مما يجعلنا نرجح أن الرياض أبلغت واشنطن بما هي عازمة عليه فسرعة إصدار البيت الأبيض للبيان ولغته يؤكد أن البيت الأبيض على علم مسبق بالعمليات العسكرية فالمخابرات الأمريكية التي تعتبر من أقوى مخابرات العالم يستحيل ألا تعلم بهذا الحدث الكبير لو تم التخطيط له والبدء بتنفيذه دون درايتها كما أن التحالف العربي يضم دولا للمخابرات الأمريكية دور ملموس في رسم سياستها الداخلية والخارجية ومن ناحية أخرى فإن السعودية من الضروري بالنسبة لها إبلاغ واشنطن بتحركاتها لتقرأ الموقف الأمريكي الذي على ضوئه ستقدم أو ستحجم ولأنها تدرك الدور الخطير للأمريكان في الملفات الساخنة في المنطقة
 
 
 
كان بمقدور الأمريكان نصح  السعودية أو تحذيرها من مآلات ما تشهده الساحة اليمنية من سيناريوهات كارثية على اليمن وأمن الخليج قبل أن يستكمل الحوافش انقلابهم ويستولوا على صنعاء فلديهم من المعلومات الميدانية الكثير كما أنهم على إطلاع تام بما يخطط ويتم الإعداد له عبر استخباراتها وعملائها ومن خلال التواصل المباشر أو غير المباشر بين الأمريكان والحوثيين وصالح باعتبار أنهم من رعاة المبادرة الخليجية لكنهم مارسوا تضليلا وحجبا للحقائق وجعلوا السعودية بين ليلة وضحاها تسلم حديقتها الخلفية على طبق من ذهب لإيران قاصدين تهيئة اليمن ليكن حلبة صراع جديدة تضاف لسابقتها العراقية والسورية وساحة استنزاف للسعودية كمرحلة أولية لضرب استقرارها فأمريكا لم تستطع غزو العراق إلا بعد ثلاثة عشر عاما من الحصار وليس بمقدورها أن تتعامل مع السعودية بنفس الطريقة ومن ثم فالملائم لها جرها لحروب تنهك قدراتها وتسخر إمكاناتها في  صراعات يعمل الأمريكان وأذنابهم على ديمومتها وتغذتيها تجني أمريكا وإسرائيل وإيران جراء ذلك توزيع خارطة نفوذ تمتص ثروات المنطقة وتجعلها مسلوبة الإرادة وشعوبها خارج دائرة الفعل الحضاري
 
 
 
إعلان أمريكا مساندتها للتحالف العربي بقيادة السعودية يندرج تحت حسابات المصالح الأمريكية  وتوازنات المصالح الإقليمية فإدارة أوباما الداعمة للسعودية في اليمن داعمة بشكل أو بآخر لإيران في العراق وسوريا وسعت جاهدة لتضييق هوة الاختلاف مع طهران بشأن برنامجها النووي لتخرج إيران من عزلتها الاقتصادية والسياسية ضمن تفاهمات لصياغة مستقبل للمنطقة يكن تحت السيطرة كما أنها حين رأت الموقف السعودي حازما تجاه الحوثيين فليس أمامها إلا ممارسة التقية السياسية وإعلان مساندتها للشرعية في اليمن والرئيس هادي لاسترضاء الخليجيين والمتأمل للموقف الأمريكي تجاه الحوثيين يجده مناقضا تماما لهدا الموقف الاستهلاكي المعلن فعندما سقطت صنعاء في 21 سبتمير 2014 م أدلى مايكل فيكرز وكيل وزارة الدفاع الأمريكية لشؤون المخابرات بتصريح يقول فيه : إن الحوثيين سيطروا على اليمن ولم يتدخلوا في العمليات الأمريكية ضد القاعدة أي أنه طالما بمقدور الأمريكان محاربة القاعدة فليس مهما استيلاء  الحوثيين على اليمن أو ارتكابهم أي انتهاكات ولقد انبرى عدد من المحللين الأمريكيين للدفاع عن الانحياز الأمريكي للحوثيين وتبرير السكوت عن سلوكياتهم أمام الرأي العام فكريستوفر سيفنز خبير العلاقات الدولية يقول : بدلا من إدانة الحوثيين يجب العمل معهم لمجابهة العدو المشترك وتقديم المساعدة لهم لتحقيق مكاسب على الأرض ففي النهاية هزيمة القاعدة يجب أن تتم من شعوب الشرق الأوسط نفسها  كما أصدر معهد أمريكان انتربرايز تقريرا كتبه تشارلز شميتز الأستاذ في جامعة كوسون يصف الحوثيين بأنهم ليسوا حزبا مختلقا كحزب الله بل إنهم جماعة محلية لها جذور عميقة ممتدة لآلاف السنيين
 
 
مثل تلك التفسيرات والتبريرات التي تقدمها الإدارة الأمريكية والمحللون المؤيدون لها دفعت  المراقبين والكتاب الأمريكيين المنصفين للاستغراب فالمحلل الأمريكي جوزيف كاردوسي كتب في فبراير المنصرم تحليلا ضمنه اندهاشه وذهوله من دعم أوباما إقامة نظام شيعي موال لإيران على أعتاب السعودية زاعما أن ذلك لصالح استقرار وسلام المنطقة ولم يجد هذا المحلل الأمريكي أي مبرر معقول لموقف أوباما هذا غير أنه قال في نهاية تحليله : إني استغرب ما إذا كان أوباما نفسه شيعيا
 
 
 
تعلم أمريكا طبيعة الحركة الحوثية ودور الدعم الإيراني لها الساعي لتخريب اليمن وزعزعة أمنه وأمن دول الخليج وإشعال النزاعات الطائفية في المنطقة وهذا بالتحديد ما تريده أمريكا لليمن وجيرانه ضمن مخططها الكبير للمنطقة العربية الذي يقوم على إثارة الفوضى وتقسيم المنطقة لدويلات طائفية متناحرة للقضاء على ما تبقى من أواصر يمكن أن يبني عليها العرب في المدى المنظور لاستعادة وحدتهم التي فقدوها في وحل التناحر والاقتتال الداخلي وما يجري في اليمن تراه أمريكا لا يضرها لكنه بالنسبة للأمن القومي العربي والخليجي وبالذات السعودي ينطوي على مخاطر كبيرة لاسيما بعد إجراء مناورات عسكرية على حدودها وفتح المطارات والموانئ اليمنية للطائرات والسفن الإيرانية ولذلك جاءت عاصفة الحزم هي في حسابات السعودية تحصين لأمنها القومي لكنها بالنسبة للأمريكان تدشين حقبة جديدة  مليئة بسفك الدم وتبديد المقدرات في خضم نزاعات مذهبية برعاية إقليمية الأمر الذي يحتم على دول الخليج وفي مقدمتها العربية السعودية تحرير قرارها واستغلال ثقلها الاقتصادي والسياسي بما يخدم الأمة العربية  الإسلامية بخلاف ذلك فإنها ستحفر قبرها بيدها ووقتئذ ستندم ولات حين مندم .
 
 
#عبدالواسع_الفاتكي
الحجر الصحفي في زمن الحوثي