عن الإصلاح مشكلة الحوافش والتحالف !!

عبدالواسع الفاتكي
الاثنين ، ٢٩ يونيو ٢٠١٥ الساعة ٠٤:٢٧ صباحاً
 
يبدو أن التحالف العربي بريادة السعودية وضع محددات لتحركاته العسكرية والسياسية ضد انقلاب الحوافش مثلت نقاط ضعف أخرت الحسم وحافظت على تماسك الانقلاب حتى اللحظة الراهنة في مجملها تدور حول  التواؤم مع الاتجاه الدولي الذي تقوده أمريكا باحتواء قوى ما يطلق عليه الإسلام السياسي في أفضل الأحوال إن لم يكن دحرها على الإطلاق خاصة أن حزب الإصلاح يمتلك من الحضور السياسي والاجتماعي ومن القدرات المدنية والعسكرية ما يجعل مسألة وجوده بهذه الهيئة نقطة التقاء بين الفرقاء في الداخل والخارج   تقضي بتحجيمه أو استئصاله  لعقود قادمة 
 
 
قرأ حزب الإصلاح ما جرى لإخوان مصر وعرف الموقف الإقليمي والغربي من الأحزاب الإسلامية  السياسية المعتدلة فوعى أنه ليس استثناء في الاتجاه الدولي لدحر الإخوان فانسحب من ميدان المواجهة الذي أعد له وخلط الأوراق في خطوة لم تكن متوقعة بالنسبة للمخططين والمنفذين مما دفع لقلب الموازين والحسابات الداخلية والخارجية وجعل الحوافش يخرجون عن النص المسرحي المكتوب لهم فانقضوا على هادي وسلطته وسيطروا على الدولة و رفضوا استمرار التعاقد مع المخرج الأول وتعاقدوا مع المخرج الإيراني ليمثلوا مسرحية تراجيدية عاصفة الحزم والأمل أهم فصولها
 
 
 أنيط بالحوثيين وحليفهم صالح وحزبه القيام بدور أشبه بدور حركة تمرد في مصر وإذا كان انقلاب مصر جاء لصالح إسرائيل التي لم تخف ارتياحها له فإن انقلاب اليمن جاء لصالح إيران التي كشفت الوجه الحقيقي له وأعلنت على مستويات عدة رسمية وشعبية انضمام اليمن لمنطقة النفوذ الإيراني مما أرغم دول الخليج على إعادة تقييم سياستها بناء على تطورات أضحت تهدد أمنها القومي وإذا كانت الأحداث قد تصاعدت بوتيرة عالية توجت بعمليات التحالف العسكرية  إلا أن الوضع السياسي والعسكري مازال يراوح في منطقة وسطى بين النصر والهزيمة بسبب التيار الإسلامي المعروف بحزب الإصلاح الهاجس المؤرق للتحالف والشرعية إذ يريد التحالف ابتكار مقاومة لا تخدم تيار الإسلام السياسي  في مقابل أن الإصلاح يعي أن الاقتراب منه في هذه المرحلة غير ناجم من توجه ثابت وتعديل جاد  في سياسة التحالف لا سيما دول الخليج إزاء حركات الإسلام السياسي الأمر برمته هو تكتيك مؤقت فرضته الظروف سيتغير بمجرد ظهور متغيرات جديدة أو وجود بدائل تسد الفراغات التي  يريد الإقليم والمجتمع الدولي ملأها بما يحافظ على مصالحه ويجعلها حينما يريد أداة لضرب الداخل 
 
 
 
 العلاقة الشائكة بين التحالف والإصلاح جعلت مسرح العمليات العسكرية مطاطيا بين كر وفر يضاف لذلك حقائق يغطي عليها هادي وفريقه هي أن القوى العسكرية والقبلية التي تملك دراية كاملة بالخريطة اليمنية وبنقاط القوة والضعف للحوافش ولديها من الحاضنة الشعبية  ما يمكنها من حسم المعركة في وقت قصير يظهرها هادي ومساعدوه على أنها مليشيات تشبه مليشيات الحوافش إذا ما دعمت  لمقاومة الانقلاب يثبت ذلك الإصرار الكبير على تنحية الفرقة الأولى مدرع وقائدها اللواء على محسن عن العمل العسكري رغم ما له من نفوذ في الجيش واحترام كبير في أوساط قبائل الشمال خاصة أنه خبر صالحا وألاعيبه والحروب مع مليشيات الحوثيين لست سنوات وبدلا من تجهيز قوات يمنية يستغرق وقتا طويلا مع وجود قوات عسكرية مدربة  مسرحة في المنازل يتطلب الأمر فقط عودة قائدها ومدها بالسلاح لتحرر إقليم آزال قاطعة رأس الأفعى ولتدمج بعد ذلك في الجيش الوطني ويعتزل قائدها محسن العمل العسكري لكن هاديا والتحالف ينظرون إليه أنه محسوب على الإصلاح كشماعة يمرر من خلالها هادي أوراقا كثيرة تخدم الحوافش على الأرض فلقد تناولت وسائل إعلام محلية أسباب سقوط الجوف وعزت ذلك لمغالطات هادي حيث دفع ما يقرب من مائة مليون ريال سعودي لمحمدبن ناجي الشايف المؤتمري المكلف بالانشقاق من صالح لإدارة ملف مقاومة الجوف إلا أنه تواطأ مع مشائخ المؤتمر وسلم المحافظة للحوثيين وحين شكلت لجنة لمعرفة أسباب سقوط الجوف عمل هادي جاهدا على تبرئة الشايف واتهام الحسن أبكر الإصلاحي بالتآمر وتسليم المحافظة
 
 
إذا أراد هادي والتحالف البحث عن مقاومة تليق بأذواقهم كأن يشقوا صف المؤتمر الشعبي العام ويكسبوا المشائخ الموالين لصالح فهم يطيلون عمر الانقلاب لأن المؤتمر والمشائخ مرتزقة مواقفهم محكومة بقدر ما يملأ جيوبهم فليس لديهم أدنى استعداد للتضحية ولا ضير في قاموسهم من إعلان الولاء للشرعية وتصرفاتهم في الميدان على النقيض من ذلك ولعل البعض يستغرب من عدم قيام مقاومة منظمة في إقليم آزال لأنه غاب عن ذهنه أن النفوذ القبلي محصور بين حزبين المؤتمر حليف الحوثيين والإصلاح المتحفظ عليه من قبل الشرعية والتحالف بما يعني أن التحالف يبحث عن مقاومة تتجاوز الإصلاح ليسندها وإلى الآن لم يعثر عليها  وأما مقاومة تعز فيتم إمدادها بالقدر الذي يوجد توازنا ميدانيا لا يسمح للحوثيين بالسيطرة الكاملة على تعز ولا يتيح للمقاومة طردها منها نهائيا والعقدة في هذا أن الإصلاح هو من يتصدر المقاومة أما في الجنوب فلا يتعامل معها هادي كمقاومة الشمال يبرهن على ذلك تحاشي وصمها  بمليشيات إصلاحية في تقارير أحمد عوض بن مبارك وجلال هادي المقدمة للتحالف 
 
 
صمود الانقلاب يعزو لعدم تقديم الإسناد اللازم للمقاومة لتنتقل من الدفاع للهجوم وتجبر الحوافش على العودة لكهوفهم وهذا ليس بالصعب لو كان هادي وحكومته والتحالف جادين في سلوك السبل الناجعة التي توصلهم لذلك متحالفين مع كل القوى اليمنيية يسارية كانت أو إسلامية والتي تقف ووقفت ضد الحوثيين حينما كان هادي يعبد لهم طرق العبور لصنعاء أما أن تحتوى مليشيات الحوافش بوقف حربها على المدن وانسحابها من مؤسسات الدولة وانتقالها للمربع السياسي أي لدكة انتظار اللاعبين كي تستدعى لتلعب مباراة أخرى ضد أي فصيل وطني يشعر الإقليم والمجتمع الدولي أنه خرج عن أهدافهم ومصالحهم فإن المنطقة قادمة على براكين يمنية حممها ستحرق الجزيرة والخليج فاليمن يمر بمرحلة لا يحدد فيها مصيره بل مصيره ومصير جيرانه .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي