مبضع الإقليمين ومقصلة الانفصال !!

عبدالواسع الفاتكي
الثلاثاء ، ٠٩ يونيو ٢٠١٥ الساعة ٠٥:٣٩ مساءً
وضع فرضيات مشاكل محتملة من مقتضيات السياسة أحيانا والتهيئة لوضع حلول مناسبة  لها أما عندما تظهر القرائن فإن الفرضية تطرح على بساط بحث جاد لمواجهة احتياجاتها سلبا وإيجابا وهذا ما ينطبق تماما على مشروع انفصال جنوب اليمن عن شماله والذي أصبحت التناولات الإعلامية والسياسية المتعلقة بالشأن اليمني داخليا وخارجيا تعمل في المرحلة الراهنة للتهيئة له فإعلاميا يتم تناول مقاومة الحوافش في محافظة عدن ولحج وأبين والضالع وشبوة بأسلوب تشطيري فيتم توصيف المقاومة في تلك المحافظات تحت مسمى المقاومة الجنوبية وكأن كل أبناء الشمال يعتدون على أبناء الجنوب كي نستدعي البعد المناطقي والجهوي في تناول مقاومة اعتداءات الحوافش على اليمنيين على امتداد جغرافية الوطن 
 
 
والملاحظ أن وسائل إعلام دول الخليج بمختلف أنواعها إضافة لوسائل إعلام داخلية لاتنفك في نقل الأخبار أو تحليلاتها ذات الصلة بالشأن اليمني ترسم في ذهن القارئ أو المشاهد صورة مناطقية لعدوان الحوافش وكأن الشمال بعيدا عن جرائمهم وفي منأى عن كوارثهم فعلى سبيل المثال حرصت قناة العربية والحدث على إظهار علم الجنوب السابق مع صور علي سالم البيض حين زار الرياض الشهر الماضي كما أن ملف القضية الجنوبية يتم قراءته خارج سياقه الطبيعي وأخذ بعدا جهويا وفرزا جغرافيا غير منطقي صحيح أن إخواننا في الجنوب مورست في حقهم انتهاكات وتعرضوا لمصادرة حقوق من نظام مستبد أفسد في الشمال قبل الجنوب لتأتي الوحدة ويأخذ الجنوب نصيبه من الفساد فاليمنييون ليسوا ضحية الجغرافيا هم ضحية عصابة استبدت به وسلبت حقوقه وبالتالي فالحل في تفتيت المركز المقدس للسلطة والثروة لا تجزئة الأرض اليمنية والتي بترابها وأشجارها وحيواناتها قبل الإنسان كانت الرادع القوي للانفصال فلا توجد حدود جغرافية فاصلة بين الشمال والجنوب فتلاقحت الأشجار شمالا وجنوبا بالرياح وسقطت الأمطار دون مراعاة للتشطير واخترقت الجمال والأغنام والأبقار والشباب والشيوخ الحدود الوهمية لفصل الطبيعة والإنسان اليمني
 
 
اتصور أن فداحة جرائم الحوافش في المحافظات الجنوبية مقصودة لذاتها للدفع بإخواننا في الجنوب بالكفر بالوحدة والمطالبة بتقرير المصير يعقب ذلك تبني الحوافش لمطالبهم في الأروقة والمحافل الدولية ومنها مؤتمر جنيف القادم  والذي سربت وسائل الإعلام بأن تقرير مصير الجنوب سيطرحه الحوافش في أجندة المفاوضات لأنه يخدم مشروعهم في خلط الأوراق وتحييد بعض فصائل الحراك الجنوبي عن قتالهم وخلق صراع جنوبي جنوبي بين مؤيد لوحدة فيدرالية وبين مؤيد لانفصال وعلى المدى المنظور فإن الحوافش يرمون لفيدرالية من إقليمين شمالي وجنوبي مما يعطيهم فرصة للتخندق الجهوي والمناطقي وإعادة التموضع ومن خلفهم إيران مستغلين الطبيعة المناطقية للتقاسم بما يخلق تهديدا حقيقيا للأمن القومي السعودي 
 
 
فالحوافش قبل عاصفة الحزم كانت تهيئ الشعب بفكرة أن العدو التاريخي لليمن هي السعودية أما الآن فقد تعزز الثأر العسكري وسيظل اليمنيون في الشمال زاهدين عن التنمية البشرية والاقتصادية لصالح المجهود الحربي لإعادة الاعتبار اليمن هكذا سيتصرف الحوافش في الشمال فيما لو صار اليمن إقليمين الأمر الذي سيجعل مليشيات الحوافش في الشمال هي الحاكمة وطبعها التسلطي لن يسمح بتحويل الكفة لغيرهم وهم مستعدون لصراع أبدي لا يهمهم استمراره 
 
 
دعم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ومشروع الستة الأقاليم يعني كسر مركزية صنعاء وإضعاف نفوذ القوى التقليدية وإفشال مليشيات الحوافش من السيطرة وبناء تحالفات والتخندق مما سيفوت على إيران اللعب بأوراقها كما أن القرار الأممي 2216 جاء مساندا لمخرجات الحوار وفيدرالية الستة الأقاليم وأي مراجعة لها سيفتح الباب للطعن بمخرجات الحوار والتلاعب بها والتي ولدت من رحم ثورة رفعت منسوب الأمل عند اليمنيين ببزوغ فجر جديد من العدالة والحرية وإقامة دولة النظام والقانون لكن واقعا مناطقيا مذهبيا خلقته سنحان ومران جعلت آمالنا في إجازة مفتوحة وفتحت دوامة العنف وطاحونة الحرب لحصد أرواح آلاف الأبرياء وهتك السلم الاجتماعي وناموس الحياة وفي وسط هذه الأجواء المشحونة بسفك الدم وخراب الدار يوجد وطن تسعى نخبه ويريد أشقاؤه أن يجعله تحت مبضع الإقليمين أو مقلصة الانفصال فالوله الزائد للإقليمين خرف سياسي يتساوى تماما وتأييد الانفصال وهروب من رمضاء الوحدة الملغومة لنار التفرقة والتناحر وحري بنا انتهاز فرصتنا التاريخية التي منحتها لنا الحوافش متجسدة بواحدية المقاومة فاليمن بشرقه وغربه وشماله وجنوبه يجابه عدوا واحدا مما يحتم علينا التشخيص العلمي والموضوعي لمتلازمة الاعتلال  والصراع المزمن في الوطن ووصف علاج مناسب يقودنا نحو التغيير بتلاحم وطني منقطع النظير .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي