مؤتمر جنيف ومصباح ديوجين !!

عبدالواسع الفاتكي
السبت ، ٠٦ يونيو ٢٠١٥ الساعة ٠٤:٢٢ مساءً
الأوضاع في اليمن تسير من سيئ إلى أسوأ وفي تفسير ذلك لنا أن نقل ما نشاء وأن نأتي بالأسباب من أي عالم نريده من عالم الحوافش أو السياسة أو الدين أو الأخلاق فلن يسمعنا أحد استخدمنا فن الإنصات مع حاملي مشاريع الموت لكنا اكتشفنا أن السمع لا يعنيهم فهو بالنسبة لهم ترف لنا يصعب تحقيقه صمتنا أملا في منحهم فرصة للتدبر والتأمل ومراجعة النفس لكنهم لا يفكرون إلا بما هو مخزون في وجدانهم ولم تعد عقولهم تقبل إلا ما يتفق معها ويتوافق مع آرائهم فتأكد لنا أنها عقول لا تعرف الحوار وبالتالي فلن تصل   لشيء من الحقيقة أو الحل حالنا معهم أشبه بمن يبحث عن النور في الظلام !!.
 
 
الأفظع  أن الأطراف الإقليمية والدولية تتعامل مع المشهد اليمني بناء على استراتيجية تؤسس لصراع مذهبي ومناطقي بعيد الأجل لضرب الكيان اليمني و نسيجه الاجتماعي ليأتي بعد ذلك التوافق على مصالح الدول الإقليمية والدولية في اليمن مع استمرار صراع يصنع ويدار وفق أجندات تجعله في المستقبل واقعا لا يمكن الإفلات منه فالدماء التي تسال اليوم هي اللبنة الأولى لتأسيس عنفية الصراع عبر خلق الكراهية والحقد لدى أسر الضحايا ومن ثم المجتمع لخلق خيارات وثقافة العنف ومؤتمر جنيف الذي تهدف منه أمريكا المتدثرة بلباس الأمم المتحدة لتمرير صفقة مكتملة الأركان باتت جاهزة للتوقيع بعد تفاهمات أمريكية حوثية في مسقط بصيغة تمنح الحوثيين ثمنا مقابل قبولهم بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 تجعلهم القوة السياسية التي تمثل الكتلة السكانية للزيدية في شمال اليمن وإحدى ثلاث قوى فاعلة في مستقبل اليمن وقراره السياسي إلى جانب حزب الإصلاح والجنوبيين الذين يمثلهم هادي وبحاح  لإذكاء جولات صراع قادمة تجتر الطابع المذهبي والمناطقي لاسيما وأنه يراد لمؤتمر جنيف الانعقاد قبل تنفيذ الحوافش التراجع عن الانقلاب وفي ظل وجودهم كقوة مسيطرة على الأرض مما يجعل هذا المؤتمر منقذا لهم لإخراجهم من دائرة التمرد والملاحقة وساحبا لورقة الحوار من الرياض وإعادتها للأمم المتحدة لتعد كما كانت عليه قبل عاصفة الحزم والملاحظ أنه كان هناك تنكر مسبق لما سيخرج من مؤتمر الرياض من خلال التسريع في إعلان عقد جنيف حول اليمن ومؤتمر الرياض لا يزال منعقدا ليخرج الملف اليمني من يد الوطنيين الأحرار ومن الإشراف الخليجي ليدخل الباب الأممي ليتم التلاعب به بحسب أهواء الدول الكبرى ولتبقى اليمن منطقة استنزاف ساخنة وتدمير ذاتي 
 
 
 
تدخل الأمريكان في هذا التوقيت يرمي للأخذ بزمام المبادرة في الملف اليمني لتصبح نتائج الحل السياسي المرتقب في خدمة المصالح الأمريكية وللحفاظ على بقاء الحركة الحوثية فأقنعت الحوثيين بضرورة الانحناء للعاصفة وعدم المضي في تحدي السعودية لما قد يترتب على ذلك من تعقيدات قد تعصف بمستقبل الجماعة في حال استمرت الحرب فبادرت للضغط على الحوثيين للقبول بالانتقال لمفاوضات سياسية في جنيف قبل تغيير المعادلة على الأرض فيطالب الحوثيون بالحوار فلا يستجاب لهم خاصة وأن الرئيس والحكومة كلما طال زمن مكوثها خارج البلاد زادت الانتقادات الموجهة لها وزاد الإحباط لدى مؤيديها بالإضافة إلى أن المفاوضات قبل إلغاء الإجراءات الانقلابية يجعل الشرعية محل تفاوض ويعطي غطاء لتصرفات وقرارات الانقلابيين 
 
 
لم يبق على الساحة اليمنية سوى شرعية نصف مقبولة لدى اليمنيين جراء تقاعسها وتقصيرها في أداء واجباتها الوطنية ومليشيات حوافش توزع الجرائم والكوارث وبات على اليمنيين أن يمسك كل منهم بمصباح ديوجين ليبحثوا في ركام الخراب والدمار عن يمن مفقود وليفتشوا عن أمل جديد في رجال جدد يبعثون في حياتهم روحا توقف هذا النزيف ولا أحسبه إلا مشروعا وطنيا يشارك فيه كل أبناء اليمن وتذوب فيه كل الصراعات الضيقة بعيدا عن المذهبية والمناطقية التي يعد لها في دهاليز الاستخبارات وقاعات المؤتمرات وغرف التحكم خارج الجغرافيا الوطنية .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي