مؤتمر الرياض وحوار الدب والصياد !!

عبدالواسع الفاتكي
الأحد ، ١٧ مايو ٢٠١٥ الساعة ٠٩:٤٣ صباحاً
 
تقول الحكاية:  إن صيادا صوب بندقيته نحو الدب الذي أيقن أنه لا محالة مقتول فطلب من الصياد إنزال بندقيته والاتجاه معه للكوخ للتفاهم والتحاور فاستجاب الصياد  وبعد وقت قصير خرج الدب من الكوخ دون الصياد وسئل عن نتيجة الحوار فرد الدب قائلا : إن الصياد يريد أن يتدفأ بفروه وأنه يريد طعاما ليتغذى فأكله  وها هو الصياد يتدفأ الآن بفروه !!
 
 
يأتي مؤتمر الرياض المزمع عقده في 17 مايو 2015م بعد عاصفتين الأولى أطلق عليها عاصفة الحزم والثانية عاصفة الأمل والهدف الرئيس والمعلن للأولى هو عودة الشرعية وحماية الشعب اليمني  فلا الشرعية عادت ولا الشعب اليمني تمت حمايته من مليشيات الحوافش فرئيس الجمهورية ونائبه ورئيس وزرائه ومعظم وزراء الحكومة لاجئون في الخارج والغريب المحزن أن الرئيس يصدر قرارات لا سلكية تظل محمولة على الأثير غير قادرة على السقوط على الأرض كما أنه كلما زادت الغارات الجوية للتحالف زادت عصابات الحوافش في قصف المدن وفي تمددها لاستكمال سيطرتها على المناطق الخارجة عن قبضتها في اعتقادي أن الهدف الوحيد الذي تحقق من عاصفة الحزم هو القضاء على القدرات الهجومية للحوافش التي كانت تهدد المملكة العربية السعودية  وإذا كانت عاصفة الأمل قد أعطت أولوية قصوى للإغاثة الإنسانية وللحد من التحركات العسكرية للحوافش واستهدافهم المدنيين إلا أن سيطرة الحوافش على الأرض في معظم المناطق التي تدور فيها الحرب يجعلها تمنع وصول المشتقات النفطية والمواد التموينية للمتضررين وتسخرها للمجهود الحربي ويدفعها لاستغلال حاجات الأسر اليمنيية لتدفع ببعض أبنائها لجبهات القتال 
 
 
في كثير من بلدان العالم يأتي الحوار ليسدل الستار على حقبة الحرب  والعنف والتدمير  ويؤذن بتحول الجهود والطاقات نحو التنافس السياسي بأدواته المشروعة والنظيفة  إلا في اليمن إذ نتحاور لنتوجه للحروب ونوقع المعاهدات والاتفاقيات لتكن مقدمة لها فوثيقة العهد والاتفاق عام 1993م أعقبها حرب 1994م وحروب الحوثي ما كان لها أن تحصل لولا الحوارات العبثية معه والحوار الوطني انتهى بانقلاب الحوافش على السلطة الشرعية واتفاق السلم والشراكة صار في مهب الريح بغزوهم المحافظات والتنكيل بالمعارضين  ولعل من الأهمية بمكان أن ننوه إلى أن إخفاق الحوارات السابقة ناجم من إبقائنا على أدوات وأسباب الصراع والفساد ومنحها حضورا سياسيا يمكنها من إعاقة بناء الدولة وتنمية المجتمع مضافا إلى ذلك عدم نزع عوامل القوة التي يتغلب من خلالها طرف من أطراف الحوار على  الآخرين أو يتملص من الوفاء بتعهداته وبالنظر لحوار الرياض نجد أن جزءا من المتحاورين لا يمثلون الشعب هم ممثلو قوى نافذة وأدوات لعصابة وجزء من المشكلة فكيف سيكونون جزءا من الحل وكان من المهم أن يكن الحوار داخل اليمن  بعد فرض واقع جديد على الأرض يعيد الشرعية لتمارس مهامها من داخل  الوطن ويجبر الحوافش للرضوخ لإرادة الشعب وكان من الضروري التهيئة لنجاح حوار الرياض أن يترجم التفوق الجوي بسيطرة على الأرض وكان الوقت المناسب للإنزال البري ثاني يوم من انطلاق عاصفة الحزم فوحدات السيطرة والتحكم للحوافش مشلولة وهم في إرباك شديد مغبة مباغتة  عاصفة الحزم ولما لذلك من دعم معنوي كبير للمقاومة وكان استهداف  رؤوس الشر كعبدالملك الحوثي وصالح ونجله وقادتهم العسكريين كفيل بتشتيت وإرباك عملياتهم العسكرية  والتأثير على معنويات مليشياتهم مما يعجل في حسم المعركة 
 
 
الحوار في الرياض أو في أي عاصمة أخرى في ظل الوضع القائم الآن سيعطي الحوافش دورا وأفضلية ليفرضوا بعض شروطهم فهم الآن بحكم الأمر الواقع سلطة قائمة وإن ذهبوا للحوار سيذهبون بهذا الشكل وأي اتفاق معهم سيظهرهم بمظهر المتنازل المانح الذي يتنازل عن حقوقه حفاظا على الوطن متبجحين بأنهم  ينكرون ذواتهم ناهيك عن إضفاء الشرعية على انقلابهم ولو بصورة جزئية بمجرد القبول بهم كأطراف في الحوار لقد كنت اتمنى ومازلت ألا  يعقد مؤتمر للحوار سواء في اليمن أو خارجه إلا والرئيس هادي والحكومة يمارسون سلطتهم الفعلية على الأرض والمليشيات قد انسحبت من المدن وسلمت أسلحتها المنهوبة للسلطة الشرعية لنتجه لتنفيذ مخرجات الحوار دون أي معوقات  وأما عقد مؤتمر للحوار في الرياض في هكذا ظروف فإنه يضع الحوار في ثلاثة احتمالات إما أن يكن أشبه بحوار الدب مع الصياد أو حوار طرشان أو حوار إقليمي لا يمت لليمنيين بصلة. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي