الربيع العربي التحديات والفرص !!

عبدالواسع الفاتكي
الاربعاء ، ٢٥ فبراير ٢٠١٥ الساعة ٠٩:٢٤ مساءً
الممر التاريخي العربي بالكاد بدأ فنحن أمام مجتمعات مصرة على نيل حقوقها من ديكتاتوريات مقيتة وحكم بوليسي وفساد موغل وحين يتحرك المجتمع ضد الاستعلاء عليه وانتهاك حقوقه لا يفكر باليوم الثاني بل يختطف الدولة ويثور لأنه لم يعد يحتمل العيش تحت هذا الحكم 
 
 
الثورة ردة فعل عميق ينشأ لأن الناس لم تعد لديها قدرة على تحمل الوضع وهذا لا يشترط امتلاكها بديلا جاهزا لليوم الثاني لذا فالجديد يتطلب مخاضا عسيرا وتعلما شاقا لا يملك أحد كل مفاتيحه 
 
إن الهشاشة التي تتميز بها الكثير من الدول العربية تقف عائقا أمام الانتقال الديمقراطي الهادئ فالتكوين المناطقي والطائفي للدولة العربية يجعلها قابلة للتفكك ويجعل الكثير من مشكلاتها الكامنة تطفو إلى السطح خلال عمليات التحول والثورة 
 
 
الانقسام في الدولة العربية ليس سوى نتاج سوء إدارة الموارد واعتماد الدولة على فئة دون أخرى من بين طوائفها ومناطقها ونتاج غياب تحقق عدالة ومساواة وشراكة مع كل فئات المجتمع ولم تتطور الدولة العربية إلا في حدود مشروع الحفاظ على السلطة لهذا فعندما تندلع الثورات أو الحركات السياسية الإصلاحية وينفجر المخزون السياسي الاجتماعي تظهر الأمراض والآفات كما الآمال والطموحات على سطح الأحداث
 
 
في الدولة العربية تستبدل حالة نقص الخبرة والتجربة المدنية بالتوغل في الصراع الأيديولوجي الذي يمزق قوى الأفضل لها أن تتحالف فعلى سبيل المثال ينقسم الناس إلى إسلامي وغير إسلامي وإلى من يؤمن بالشريعة حلا لمشكلات المجتمع ومن يرى نقيض ذلك هذا الانقسام يتحول لوصفة ناجعة لمن يسعى لإعادة المجتمع لحظيرة الديكتاتورية بحجة حمايته من غلو الإسلاميين وهذا بدوره يخلق المخاوف في أوساط الطبقة الوسطى وأوساط فئات كبيرة من المرأة وفي الوسط الإعلامي والفني 
 
 
إن الصراع الأيديولوجي لم يسمح للتيار الإسلامي بالخروج من دائرة أن معركته ليست مع العلمنة والليبرالية والانفتاح بل مع الاستبداد وبالمقابل قطاعا كبيرا من الليبراليين لم يخرج من قناعته أن الإسلام السياسي أخطر عليه من الديكتاتورية وعلاتها من ناحية أخرى يكتسب الصراع الطائفي بين السنة والشيعة بعدا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ضاربا وحدة المجتمعات ويبعد المواطن عن مكامن الصراع الحقيقي في مضمار استرداد الحقوق والحريات 
 
 
من المعوقات الكبيرة التأثير في دول الربيع العربي سياسة الانتقال من دون الالتفات إلى أهمية التحول الاقتصادي وامتصاص البطالة والفقر فكيف يكن الانتقال ممكنا من خلال  السياسة وشعاراتها بينما الناس تزداد جوعا والاقتصاد يزداد تدهورا فالتقدم يتطلب قدرة تراكمية في علاج الآفات الاقتصادية ومن دون ذلك ستكن الثورات القادمة أكثر زخما من سابقتها 
 
 
المنطقة العربية بحاجة ماسة لنماذج ديمقراطية تلبي طموحات الشعوب وتولي القضايا الحقوقية والسياسية والاقتصادية جل اهتمامها ولعل تونس أول دولة عربية من دول الربيع تنجح في انتخاب الإسلاميين ثم تخرجهم من السلطة عبر صناديق الاقتراع بلا إقصاء أو إغلاق القنوات وفض الاعتصامات واعتقال القادات مما يبدد مخاوف عميقة لدى الشارع العربي مفادها أن الثورات تبدأ بالشباب وتنتهي بتولي إسلاميين السلطة يميلون لبناء يكتاتورية ومتى حكموا لن يتركوا الحكم فالتغيير في تونس يؤسس لتغيير كبير في وجه الإسلام السياسي ووجه الليبرالية الديمقراطية 
 
النموذج الديمقراطي العربي لن يكتب له أن يرى النور إلا عندما تتصالح القوى المؤثرة وتقبل بلعبة سياسية وقواعد واضحة تحترمها بغض النظر عن الربح الآني أو الخسائر الآنية فالاستقرار يتطلب تقاسما وتفاهما مبني على مبادئ محترمة والإقلاع عن سياسة الإقصاء التي تتحول لمقدمة للاضطرابات ولثورات المستقبل والحقيقة التي لا مناص منها هي أن الوضع العربي يتعطش لنموذج ينتج من تحول ناجح بأدوات ناجحة 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي