الإرهاب يدين الإرهاب !!

عبدالواسع الفاتكي
الثلاثاء ، ١٧ فبراير ٢٠١٥ الساعة ٠٩:٥١ مساءً
لا يختلف اثنان أن إقدام ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في درنة الليبية على ذبح المصريين الأقباط جريمة تقشعر لها الأبدان وتشيب لها الولدان أدينت بأشدعبارات الإدانة من دول إرهابية بامتياز كأمريكا وأنظمة عربية إرهابية قمعية استغلت المذبحة لتظهر حملا وديعا زاعمة أنها مصدر الأمن والاستقرار قامعة لهكذا إجرام 
 
لست بصدد التماس حجة للجماعات المتطرفة فأفعالها مشينة لا يقرها دين ولا يقبلها عقل غير أن تناول نشوء هذه الجماعات في البلدان العربية من زاوية علمية بحثية مجردة بعيدا عن وجهة نظر الأنظمة العربية يقودنا إلى أننا أمام إرهاب يدين إرهابا وإرهاب يقود لإرهاب! !!
 
السلم ظاهرة وثيقة الصلة بعوامل وظواهر سياسية واقتصادية وفكرية تماما كالعنف والتطرف فلم يخلق هؤلاء الوحوش الذباحون مجرمين بالفطرة فمن المسؤول عن تكوينهم النفسي والفكري ؟؟من أشرف وساهم في تربيتهم ليبلغوا هذه الدرجة من الوحشية ؟؟هل من المعقول أن يصيروا مجرمين فجأة دون يتعرضوا لعنف متدرج ناجم من عنف سلطوي قمعي متدرج فكلما كان الإرهاب السلطوي أكثر ضراوة كان الإرهابيون أكثر إرهابا 
 
حين لا يرى الحاكم إلا نفسه فالعالم لا يرى إلا رأيه والمفكر لا يعترف إلا بفكره والسياسي لا يكافح إلا لحزبه إننا في مسيرة الواحدية في كل شيء
 
في علم المنطق يقولون المقدمات تؤدي للنتائج وما ترتكبه الجماعات المتطرفة من جرائم مروعة نتائج لجرائم ارتكبت بحق أفرادها منذ نعومة أظفارهم أو شاهدوها أفرغتهم من بشريتهم وجردتهم من أحاسيسهم وجعلتهم يكفرون بقيم الدين وأخلاق المجتمع 
 
إن المسؤول عن التنشئة الدينية و الفكرية والاجتماعية وعن تكوين الهوية الوطنية هو الأنظمة الحاكمة وعليها تقع مسؤولية الانحرافات والتشوهات المعرضة استقرار وأمن المجتمع بالمفهوم الشامل للخطر
 
لأن الأنظمة العربية تؤمن بالقوة لا بقوة المنطق والفكر تتخذ مواقفا ضد التطرف على قاعدة القوة ويصير المجتمع بين فكي إرهابين إرهاب السلطة وإرهاب الجماعات المتطرفة والمضحك المبكي أن بعض الأنظمة تستزرع هذه الجماعات لتسترزق من ورائها ولتقمع خصومها بتهمة الانتماء لجماعات إرهابية صنعتها! !!
 
نحتاج لمراجعة جادة وشاملة لأدوات ومضامين التنشئة الدينية والفكرية والاجتماعية ابتداء من الأسرة مرورا بالمدرسة والمسجد وغير ذلك من المؤسسات الاجتماعية والرسمية 
 
نفتقر إلى نظام تربوي تعليمي ينشئ أفرادا متوازنين فكريا ونفسيا يناضلون من أجل حياة كريمة لغيرهم قبل ذواتهم 
 
مشاكلنا ستحل ومجتمعاتنا ستستقر وستمضي الشعوب في ركب التقدم والحضارة الإنسانية وستتحول الجماعات الإرهابية لجماعات سلام تؤمن به وتدعو إليه إذا صارت الديمقراطية هي التي توصل الحاكم لسدة الحكم وهي التي تعزله منها وهنا لن يجد المتطرفون للتطرف سبيلا أما أن نرجو من المستبد أمنا واستقرارا فهذا حرث في بحر وبحث عن مجهول .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي