دعم غير مسبوق لمحافظ البنك المركزي
عندما اتخذ محافظ البنك المركزي قرار نقل مراكز العمليات للبنوك من صنعاء إلى عدن، هلل الكثيرون وصفقوا له، معتبرين إياه بطلًا وطنيًا ورمزًا سياديًا. وكان لهذا التأييد مبرراته، فالرجل عمل بشجاعة وحيادية وفقًا للدستور والقوانين، واتخذ مجموعة من القرارات والإجراءات لحماية النظام المصرفي والاقتصاد اليمني. ورغم الدعم الذي حظي به، تبقى هذه القرارات مثار جدل بسبب تأثيراتها على النظام المصرفي اليمني، خصوصًا القرارات رقم (17) و (20) لسنة 2024.
القرار رقم (17) لسنة 2024: دعا هذا القرار كافة البنوك التجارية والمصارف الإسلامية، وبنوك التمويل الأصغر المحلية والأجنبية إلى نقل مراكزها الرئيسية من مدينة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، خلال فترة لا تتجاوز 60 يومًا من تاريخ صدوره.
القرار رقم (20) لسنة 2024: نص على أن جميع البنوك والمصارف وشركات ومنشآت الصرافة يجب عليها وقف التعامل مع ستة من البنوك والمصارف المحددة، مع التأكيد على تقديم خدماتها المصرفية للجمهور والوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها حتى إشعار آخر.
خلفية القرارات: مواجهة انتهاكات الحوثيين
إجراءات البنك المركزي هذه جاءت في ظل انتهاكات الحوثيين التي شملت تزوير العملة، واصدار قانون غير شرعي حظر بموجبه المعاملات الربوية-كما زعم- وعطل جميع القوانين التي تنظم القطاع المصرفي ومنع البنوك من الاستفادة من فوائد ودائعها واستثماراتها في أذون الخزانة، وهو ما دفع محافظ البنك إلى اتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء تلك الممارسات غير القانونية. فالحوثيون لا يقتصرون على فرض رقابة على القطاع المصرفي فحسب، بل قاموا بتعيين موظفين موالين لهم في المؤسسات المالية، وفرضوا معايير غير قانونية تؤثر على استقرار النظام المصرفي.
كيف لترحيل أموال قانونية من مطار عدن الدولي أن تكون مهربة؟
من الغريب أن الرجل الذي كان يُعتبر بطلًا بالأمس، أصبح اليوم موضع اتهام من قبل بعض السياسيين والنشطاء! تمت مغالطة شديدة في تفسير الإجراءات القانونية المتبعة، حيث تم عرض عمليات الترحيل القانوني عبر المنافذ الرسمية كتهريب. هذه المغالطات تتناقض بوضوح مع القوانين المعمول بها في الدولة، رغم أن البنك المركزي قد وافق على ترحيل المبالغ بعد فحص دقيق. كيف يمكن أن تكون الأموال التي تمت الموافقة عليها من البنك المركزي بموجب القوانين، تهريبًا؟
موافقة البنك المركزي
تجدر الإشارة إلى أن الشفافية التي يتمتع بها البنك المركزي في اتخاذ هذه القرارات تعكس حرصه على إبقاء الجمهور مطلعًا على كافة التفاصيل والإجراءات المتبعة، بما يضمن عدم حدوث أي عمليات مشبوهة. في هذا السياق، أشار مصدر مسؤول في البنك المركزي، في تصريح خاص، إلى أن جميع الإجراءات التي تم اتخاذها، بما في ذلك ترحيل الأموال إلى الخارج، قد تمت بعد فحص دقيق وتدقيق شامل وفقًا للقوانين واللوائح المالية المعمول بها في اليمن. وذكر المصدر أن "البنك المركزي يقوم بعمله بشجاعة وشفافية تامة، ويحرص على التزام كافة الإجراءات القانونية لضمان استقرار الاقتصاد الوطني وحماية النظام المصرفي.
المشكلة الحقيقية: حملات التشويش الإعلامي
المشكلة الحقيقية تكمن في حملات التشويش الإعلامي الممنهجة التي تهدف إلى تقويض شعبية محافظ البنك المركزي، بهدف إرباك الرأي العام وتقديم صورة مضللة حول الإجراءات المتخذة. عمليات الترحيل القانونية التي تمت عبر المنافذ الرسمية، مثل مطار عدن الدولي، كانت مدروسة بعناية وتتم وفق الأنظمة المتبعة. المبالغ المُرحلة تخص البنوك المرخصة في الجمهورية اليمنية، وتستخدم لتغطية حاجات عملائها، مثل تمويل استيراد المواد الغذائية والدوائية.
عمليات التشويش وإرباك الشائعات
الهدف من هذه العمليات الإعلامية هو تشويه صورة عمل مؤسسة سيادية هامة تمارس مهامها وفقًا للقوانين الدستورية. مروجو الشائعات يزعمون أن ترحيل الأموال هو تهريب، في حين أن هذا افتراء باطل، خاصة وأن العمليات تمت بناءً على موافقة البنك المركزي وتخضع لإجراءات رقابية قانونية صارمة.
توضيح النظم المالية والمصرفية: إسهام في التوعية
في خضم التشويش الإعلامي والمغالطات التي تروج حول قرارات البنك المركزي اليمني، من المهم أن نتوقف عند بعض المفاهيم الأساسية التي تحكم العمليات المالية والمصرفية، والتي تمثل الأساس الذي بناءً عليه تتخذ هذه القرارات.
النظم المالية والمصرفية ليست مجرد عمليات تحويل أموال أو إدارة للموارد؛ بل هي أداة أساسية لضمان الشفافية واستقرار الاقتصاد. في الوقت الذي تتعرض فيه القرارات المالية والتجارية للمبالغة في تفسيرها واتهامها، يصبح من الضروري تسليط الضوء على بعض المصطلحات الأساسية التي تحكم هذه العمليات، خاصة عندما يتعلق الأمر بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والتي تفرضها القوانين الدولية والمحلية.
إن هذا العرض لهذه النظم والمفاهيم، من قبيل "مكافحة غسيل الأموال" و"اعرف عميلك"، ليس فقط توضيحًا لما يتطلبه القانون، بل أيضًا إسهامًا في توعية المتلقين الذين قد يكونون قد تأثروا بالتشويش الإعلامي، بحيث يُفهم على نحو أكثر دقة ما يحدث بالفعل خلف الكواليس المالية. إن فهم هذه الآليات سيعزز الثقة في الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي ويقلل من التأويلات المغلوطة التي قد تهدد الاستقرار الاقتصادي الوطني.
أهم عناصر النظم المالية والمصرفية:
1. البنوك والمؤسسات المالية: تقوم البنوك بتسهيل حركة الأموال عبر الحدود، مع مراقبة شديدة لضمان الشفافية.
2. التحويلات الدولية: تتم عبر شبكات مثل SWIFT (جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك)، أو عبر خدمات التحويل مثل ويسترن يونيون.
3. القوانين الرقابية: تشمل قوانين مكافحة غسيل الأموال (AML) وتمويل الإرهاب (CFT).
قوانين مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب:
1. غسيل الأموال: تحويل الأموال الناتجة عن أنشطة غير مشروعة إلى مصادر تبدو شرعية.
2. تمويل الإرهاب: توفير الموارد المالية لأنشطة أو أفراد يهدفون إلى تنفيذ أعمال إرهابية.
إجراءات رقابية تشمل:
التأكد من مصدر الأموال عبر أنظمة مثل "اعرف عميلك" (KYC).
التشريعات الدولية مثل توصيات مجموعة العمل المالي (FATF) التي تفرض ضوابط صارمة على حركة الأموال عبر الحدود.
الإجراءات المتبعة في نقل الأموال
التبليغ عن الأنشطة المشبوهة (STR): البنوك ملزمة بالإبلاغ عن أي حركة مشبوهة.
التجميد والمصادرة: تجميد أصول أو أموال مرتبطة بأنشطة غير قانونية.
التعاون الدولي: بين الدول لتبادل المعلومات عن الأموال المشبوهة.
الإسقاط على الحالة اليمنية
اليمن يواجه العديد من التحديات في النظام المصرفي نتيجة للحرب والانقسام بين الحكومة الشرعية والحوثيين. وعليه، فإنه من الضروري:
1. إعادة بناء النظام المصرفي: عبر توحيد المؤسسات المالية تحت مظلة شرعية.
2. تعزيز الشفافية: من خلال تطبيق أنظمة مثل "اعرف عميلك".
3. التعاون الدولي: لتعزيز الثقة بالنظام المالي اليمني.
التوصيات
تعزيز التوعية: بتوضيح دور التحويلات في دعم الاقتصاد عبر بيانات إعلامية مفصلة.
التدقيق المستمر: لضمان الشفافية في جميع التحويلات.
التواصل الشفاف: من قبل البنك المركزي لشرح تفاصيل العملية وأهدافها.
خاتمة
لقد شهدنا في الأيام الأخيرة محاولات لتشويه صورة الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في ترحيل الأموال. لكن من المهم أن نفهم أن هذه الإجراءات هي جزء من عملية قانونية تهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني وضمان استقرار النظام المالي في اليمن، مع الالتزام بالقوانين المحلية والدولية التي تحكم عمليات نقل الأموال.
كما ينبغي أن نشير إلى ظاهرة التهريب الفردي التي تشمل الذهب والعملات والآثار والتحف، وهي مشكلة متزايدة تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني. يتعين على الجهات المعنية مراقبة هذه الأنشطة بشكل فعال، وعلى المواطنين المساهمة في الإبلاغ عن أي عمليات تهريب قد تحدث عبر المنافذ الحدودية أو الجوية. هذه الأنشطة تتطلب اهتمامًا خاصًا، ويجب أن تُتخذ إجراءات حاسمة للتصدي لها.
-->