في كل تلك الفترة الزمنية الماضية تعاملت السلطة الأمريكية مع الأزمة اليمنية كحمامة سلام تحمل في منقارها غصن الزيتون أو هكذا أوهمت العالم أجمع ، وفي حقيقة الأمر ومن تتبع الأزمة اليمنية في مراحلها السابقة سيجد أن هذه الحمامة كانت لعنة على الشعب اليمني وغصن زيتون لسلطة صنعاء ، والدليل الدامغ لكل المهتمين والمتابعين للأزمة اليمنية أظنهم يتذكرون موقف أمريكا في الحفاظ على بقاء سلطة صنعاء وترسانتها العسكرية عندما توغل الجيش الوطني في الحديدة ولم يتبقى إلا ميناء الحديدة الذي كان على مرمى حجر الجيش الوطني ، حينها سارعت أمريكا في إيقاف زحف الجيش الوطني وهددت بقصف من يخطو خطوة واحدة نحو ميناء الحديدة عبر حلفائها الإقليميين ، وهنا أخذ الجيش الجيش الوطني تهديدات الصـَلـَف الأمريكي بمحمل جد وتوقف عن الزحف لميناء الحديدة مكرهاً .
بعد إمتعاض الجيش الوطني وتوقفه مراوحاً مكانه أجبرت السلطة الأمريكية سلطة اليمن بتراجع جيشها للعودة إلى مواقعه السابقة حتى تفسح لمباحثات السلام أن تقوم بدورها من خلال مبادرة أطلقت عليها مباحثات ستوكهولم ، فبعثت تلك المواقف الأمريكية المتغطرسة الأمان والطمأنينة لسلطة صنعاء وأحيت فيها الأمل من جديد بل وجددت فيها القوة وأطالت فيها النفس والروح المعنوية ، وما إن عاد الجيش الوطني إلى مواقعه وهدأت الأمور عادت قوات سلطة صنعاء إلى مواقعها السابقة وإنتشرت في مدينة الحديدة وأحكمت قبضتها عليها وعاد ميناء الحديدة يعمل مجدداً كمتنفس وحيد لسلطة صنعاء .
وها نحن الآن نرى قوات صنعاء تحكم قبضتها وتفرض قوتها في البحر الأحمر من خلال صواريخها ومقذوفات طيرانها المسيـَّر بإتجاه السفن الأمريكية والكيان الصهيوني ، وهنا إشتطت غضباً السلطة الأمريكية وبدأت الهجوم المسلح بطيرانها تحت شعار القضاء على سلطة صنعاء ونسف قوتها العسكرية أو إنها زاعمة ذلك ، ولو أرادت أمريكا القضاء على سلطة صنعاء وكانت صادقة حقاً لكانت إتبعت سياسة أخرى أكثر فاعلية من هجماتها المفتعلة بإتجاه صنعاء وبقية المناطق الأخرى .
السياسة الصادقة والواقعية والفاعلة للقضاء على قوات سلطة صنعاء وإنهاء الأزمة اليمنية تتمحور في الدعم اللوجستي عسكرياً للجيش الوطني ، وتمكين السلطة والحكومة اليمنية من ممارسة مهامهما من العاصمة الإقتصادية عدن وليس من المنفى ، والمساعدة على إنهاء تواجد المليشيات المسلحة في الأراضي المحررة التي ساعدت وكلائها الإقليميين في إنشائها ، ودعم الحكومة في تصدير كل منتجات اليمن سواء النفطية أو غيرها حتى يتسنى للحكومة من تعزيز الإقتصاد وكبح جماح إنهيار العملة الوطنية ، وغير ما ذُكـِرَ أعلاه فيعني ذلك أن الشيطان الأكبر المتمثل في أمريكا قد صاغت مسرحية تضحك بها على ذقون العالم وتمارس صلفها وعنجهيتها في اليمن كما مارستهما من قبل في الصومال والعراق وأفغانستان ، وليعلم العالمون والسفهاء والجاهلون بأن الشيطان الأكبر ( أمريكا ) هي من تحمي جماعة أنصار الله في صنعاء ولا يمكن أن تقضي على تلك الجماعة فهي باقية عليها لتجعلها فزاعة ترعب وترهب بها الأبقار العرب لتستمر في حلبهم .
-->