قناة عدن ( 60 )عاما من التأسيس

فؤاد التميمي
الاربعاء ، ١١ سبتمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٠٧ مساءً

 

 

مقدمة 

تحتفل قناة عدن الفضائية اليوم بمرور ستة عقود على تأسيسها، وهو حدث يبعث على التأمل في مسيرتها الغنية والمتنوعة. منذ أن بدأت القناة مسيرتها في 11 سبتمبر 1964، كانت قناة عدن أكثر من مجرد وسيلة إعلامية انشئها الاستعمارلاغراضه حينها وورثها الثوار فى غمرة وهجهم وعنفوانهم وتحولت من قناة للمدينة الى رمز وطنى ومعلم اخذ حيزه الذي يستحقفه فى قلوب كل الشعب بجغرافيته الوطنية الجديدة و بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم وإلى نافذة تعكس روح الشعب اليمني، وثقافته وتاريخه الغني، وتحمل بين طياتها إرثًا من التوثيق الثقافى والفني والابداعى والاجتماعي والسياسي...

ونحن فى هذا اليوم الاحتفالي دعونا نستحضر على عجالة المراحل التاريخية والتطويرية التى مرت بها القناة ونستذكر بعض الملامح التصنيعية للرسالة الاعلامية التى اخذتها القناة على عاتقها لتكون حالة تأريخية شاهدة وعينا توثيقية فاحصة وبيتا جمع الابداع والمبدعين واخذ بيدهم نحو النجاح والشهرة .

 

المراحل التاريخية والتطويرية

 

البداية والتأسيس (1964) 

في أعقاب ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963، انطلقت قناة عدن في زمن كان البلد فيه يسعى للتحرر من الاستعمار. كانت البداية بسيطة ببث قناة تلفزيونية كل موادها بالأبيض والأسود،وجل اهدافها الترفيه و مدى الإرسال لتلفزيون عدن عند التأسيس لا يغطي سوى الاحياء المأهولة بالسكان

في مدينه عدن، وذلك باستخدام جهازي ارسال قوة كل منهما 100 وات، الأول في جبل مديرية التواهي، والثاني في جبل حديد المطل على مديرية كريتر، اضافه الى جهازين تقويه فئه 10 وات في منطقه صلاح الدين بالبريقة وكريتر.

ولكن الدور الذي لعبته حينها كان موضوع جدل بين المتابعين، حيث عزا البعض تأسيسها إلى سعي الاحتلال لتوجيه الاهتمام بعيدًا عن القضايا السياسية الحاسمة والحالة الثورية التى تشكلت ضده

 

مرحلة ما بعد الاستقلال (1967) 

بعد انتصار الثورة وتحقيق الاستقلال في 30 نوفمبر 1967، دخلت القناة مرحلة جديدة من التطوير، حيث تم نقلها من قرها القديم فى حبل الساعة إلى المبنى الحالي في منطقة التواهي في يناير 1979، مبنى مكون من اربعة طوابق واستديوهات اكثرسعة من ذى قبل وهو ما أتاح لها مساحة أكبر لتقديم محتوى يعكس التغيرات المجتمعية والسياسية التي طرأت على البلاد ويواكب الحراك الثقافى والابداغى الذي انطلق كالمارد يشق طريقه بتسجيل اعداد لا حصر لها من الاعمال الغنائية والمسرحية والفعاليات والانشطة الشعبية والشبابية . 

 

الانتقال إلى البث الملون (1981) 

في الثامن من مارس 1981، شهدت القناة تحولًا نوعيًا عندما انتقلت إلى البث الملون، ما أتاح لها تقديم برامج أكثر جاذبية وتنوعًا، معززًا قدرتها على توصيل الرسالة بطرق حديثة وذلك بتعديل منظومتها الفنية والتقنية بالكامل الى نظام الالوان ، وأصبحت جزءًا من حياة اليمنيين اليومية مع زيادة انتشار الاجهزة التلفزيوينة وتوسع بثها حيث تعايشوا معها وتابعوا من خلالها أهم الأحداث المحلية والإقليمية والدولية وشكلت وسيلة التثقيق و الترفيه الاولى لديهم .ولعل دخول منظومة نقل المواد عبر الاقمار الاصناعية كان فى يونيو 1981عبر المحطة الارضية للاتصالات والتى استطاعت القناة فهيا استلام الاخبار والمواد من مختلف دول العالم اولا باول ونزويد المشاهد بكل الاحداث الانية فى العالم . ومع ادخال عربة النقل المحلية ( عربة النقل الخارجي اعطى العمل التلفزيوني ميزة جديدة فى نقل الصورة من الميادين والملاعب والصالات و في العام 1985م تم استحداث وسيلة مؤقته لتوصيل البث التلفزيوني لبعض المدن الرئيسية في عدد من المحافظات التي تبعد عن المركز الرئيس للتلفزيون في عدن وذلك بإعادة البث بعد24ساعه من بث برامجها حيث كان يتم اعادة بث المواد بما فيها نشرات الاخبار في مدن المحافظات الرئيسية حضرموت-شبوة- المهرة وهذه الطريقة خدمت جمهور المشاهدين في متابعة الاحداث المصورة والمواد البرامجية ولو ليوم متأخر عن الحدث ..

 

مرحلة التوسع بعد الوحدة (1990) 

بعد تحقيق الوحدة اليمنية في 1990، ازدادت أهمية القناة حيث أصبحت القناة الثانية في اليمن. وشهدت القناة العديد من التطورات الهيكلية والتقنية، لعل أبرزها إعادة بناء المحطة بدعم ياباني في 2000، ما عزز مكانتها كإحدى القنوات الرائدة في البلاد حيث تم اعادة تأهيل استديو هات قناة عدن بشكل افضل وبتقنيات فنية حديثة وذلك ضمن المشروع الياباني لتطوير القناة حيث وفرت العديد من الاجهزة الحديثة وتم الاستغناء عن انظمة الاجهزة القديمة فى الاضاءة والمونتاج ومكسرات الصوت والصورة وجهاز المؤثرات والكروما ما سهل بعد ذلك للانتقال بالقناة الى البث الفضائي وتمثلت هذه الخطوة بأهم مرحلة تطويريه مرت بها قناة عدن   

وفى مارس من العام 2007 تحول بث القناة من البث الارضي الى البث الفضائى عبر القمر الاصطناعي عرب سات والذي حول سعة البث الى 24 ساعة متواصلة . .

 

الدور التوثيقي والتنويري

 

لطالما كانت قناة عدن الفضائية شاهدة على التحولات السياسية والاقتصادية والتنموية والاجتماعية والفنية والثقافية في اليمن. فلم تكن قناة عدن مجرد قناة لنقل الأخبار، بل كانت بمثابة مرآة تعكس الحراك العام للمجتمع والدولة والعالم من خلال برامجها المتنوعة،وتسجيلاتها الفنية وسهراتها الغنائية حيث وثّقت القناة النشاط الفني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي في اليمن، وأبرزت إسهامات المبدعين في مختلف المجالات ثقافية وموسيقية وأدبية و مسرحية وتنموية وزراعية وصحية وتعليمية وعززت قدرات المجتمع وذلك بصناعة رسائل التوعية فى مختلف مناحى الحياة 

 

صمود قناة عدن عام 2015 :

فى العام 2015 وعقب الانقلاب المشؤوم للمليشيات الحوثية واستيلائها على المؤسسات الاعلامية فى صنعاء لعبت قناة عدن الفضائية الدور الابرز لها كقناة وحيدة واجهت الانقلاب الحوثي وسيطرته على العاصمة صنعاء حيث ظل ارسال ورسالة القناة تمثل الشرعية اليمنية والدستورية وترفض المليشيات العابثة وتجلت هذه القوة في استمرار بث برامجها ونقل الاحداث وتطورات المعركة ضد الانقلابيين والمواجهات التى حدثت في مختلف المدن والمحافظات وصولا الى مدينة عدن بعد ان اعادة بث برامجها عبر القمر الاصطناعى النايل سات في في فبراير 2015 وبثت اول خطاب للرئيس عبدربه منصور هادي من عدن والذي توعد فيه المليشيات بهزيمتها فى عدن وتحرير وافشال مشروعها الايراني فى اليمن و تصدت قناة عدن للمشروع الانقلابي وكثفت برامحها المباشرة وذلك بالتواصل الفاعل مع الجبهات والمواطنين خلال الفترة من شهر فبراير 2015 وحتى الخامس من مايومن نفس العام لينتقل البث مؤقتا الى الرياض فى السادس من مايو مواصلة رسالتها المناهضة للانقلاب وراصدة االانتصارات المتوالية على المليشيات في كافة الجبهات بمراسلين وطاقم متميز يعمل في ظروف صعبة ومعقدة لرصد اللحظات التأريخية في حياة شعبا و تطلعه لغد افضل ولعل ابرز تلك المراحل تجدلت فى يوم السابع عشر من يولبو يوم تحرير مدينة عدن من المليشيات الاجرامية الحوثية . .

 

الكوادر الإعلامية البارزة

منذ تأسيسها، احتضنت قناة عدن الفضائية كوكبة من الإعلاميين والصحفيين والفنيين الذين أسهموا في بناء هويتها وتطوير رسالتها الإعلامية. هذه الكوادر كانت وما زالت نبراسًا للإبداع والالتزام في تقديم محتوى يرتقي بتطلعات وآمال المشاهد اليمني وشكلت رافدا اعلاميا محترفا عمل فى العديد من القنوات العربية والعالمية وشكلت قناة عدن مدرسة احترافية ومهارية لدى العديد من الاعلاميين الذين تأسست مهاراتهم فى قناة عدن الفضائية واصبحوا قامات اعلامية بارزة .ولعل ابرز ما يحسب لقناة عدن الفضائية عالميا هو اعتماد الاتحاد الدولى لكرة القدم العودة الى التسجيل للحكم على طبيعة الحدث فى اخطاء المباريات وهذا الحدث كان فى قناة عدن الفضائية كأول حكم ومخرج تلفزيونى يعود للشاشة لتحديد حالة التحكيم فى مبارة كرة القدم ..

 

ختامًا

قناة عدن الفضائية وهى تحتفل اليوم بالذكرى الستين لتأسيسها نؤكد بانها لم تكن مجرد منصة إعلامية، بل كانت رفيقًا لشعب في رحلته نحو التحرر والتقدم وصناعة وعيه بقضاياه . وهي اليوم تحتفل بمرور ستين عامًا من العطاء والتجدد، تظل رمزًا للإبداع و منصة تعبر عن طموحات اليمنيين وآمالهم وذكرى فى عقول ونفوس الاجيال لن تمحى واسما عالفا فى الاذهان له رنينه الخاص ....

كل عام وقناة عدن ( صوت لن يخفت )

 

فؤاد التميمي 

نائب رئيس قناة عدن الفضائية

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي