نحن الجيل الذي ظل حلم تحقيق الوحدة اليمنية يراود خيالاتنا وأمنياتنا وتطلعاتنا ، ويسيطر على عقولنا وأفكارنا وثقافتنا ، نتيجة التعبئة الوطنية والقومية والوحدوية القوية والمركزة والمتواصلة في المنازل والشوارع والمدارس وفي كل ما يحيط بنا ، حتى كبر وعظم شأن الوحدة في نفوسنا ووجداننا ، وحتى رأينا في الوحدة المستقبل المنشود والخير الموعود والمجد المنظور ، نعم نحن الجيل الذي لم يكن تحقيق الوحدة اليمنية بالنسبة له حدث عابر ، أو مراسيم وطقوس احتفالية ، أو مناسبة وطنية ، نحن الجيل الذي كان تحقيق الوحدة اليمنية بالنسبة له الحلم الجميل الذي تحقق وأصبح واقعا ملموساً ، والأمل المنظور الذي وجد بعد طول انتظار وترقب ، نحن الجيل الذي آمن وأقتنع بأن الوحدة اليمنية مكسب وطني وقومي وحضاري عظيم ، يجب حمايته والدفاع عنه والتمسك به في كل الظروف والأحوال ، نحن الجيل الذي كان على يقين راسخ بأن الوحدة اليمنية هي الخطوة الأولى في طريق تحقيق الحلم العربي الكبير ( الوحدة العربية ) ..!!
نحن الجيل الذي طار من الفرح والسرور وهو يشاهد علم اليمن الموحد وهو يرفرف عالياً لأول مرة في قمم الجبال وأسطح المباني والمؤسسات الحكومية ، نحن الجيل الذي كان أول من رفع تحية العلم في المدارس وردد بصوث عالي يملأ الأرجاء تحيا الجمهورية اليمنية بكل فخر واعتزاز ، نحن الجيل الذي نشأ وتربى وتعلم بأن في الوحدة القوة والعزة والمنعة والتلاحم والتآخي والمجد والسؤدد ، ( تأبى العصي إذا اجتمعن تكسراً .. وتنكسر إذا تفرقت أحادا ) ، نحن الجيل الذي غرست في عقولهم منذ نعومة أظافرهم حقيقية أن صنعاء وعدن بلد واحد ، وتاريخ واحد ، وجغرافيا واحدة ، وإسم واحد ، وعادات وتقاليد واحدة ، ونضال ومصير مشترك ، فكيف يمكن لهذا الجيل الحالم بالوحدة ، والناشئ على ثقافة الوحدة والتوحد والتلاحم ، أن يقبل بدعوات أو أفكار مناهضة أو معادية للوحدة اليمنية ، كيف يمكن أن تقنع هذا الجيل بأن هناك أشخاص وقوى وجماعات يمنية تطالب بالانفصال وفك الارتباط وعودة التشطير ، حتماً لن يصدقك الكثير من أفراد هذا الجيل ، كيف يمكن أن يصدقوا بأن هناك إنسان يمني عاش في اليمن تحت سمائها الصافية وشرب من مائها العذب الزلال وتنفس من هوائها العليل ، يمكن أن يفكر مجرد تفكير في التفريط بالوحدة اليمنية ، وإذا حصل ذلك فحتماً هناك سوء فهم كبير عند هذا الشخص ، وتعبئة خاطئة نتيجة معلومات مضللة ومغلوطة وكاذبة تلقاها عن الوحدة اليمنية ..!!
فالوحدة اليمنية كانت وما تزال وستظل مصدر خير ومحبة وتآلف وقوة وعزة وتنمية ونهضة وشراكة وديمقراطية وقيمة لكل مواطن يمني ، فتحت ظلالها الوارفة اجتمعت الأفئدة والقلوب على حب وعشق اليمن ، وأي أخطاء فردية أو ممارسات سلبية من أي طرف كان أمر وارد ومن الإجحاف والظلم تحميل الوحدة اليمنية أوزارها قال تعالى (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) ، فالوحدة اليمنية حملت بين جنباتها كل الخير والحب والمساواة والعدل لكل أبناء اليمن دون تمييز ، فمبادئها وأهدافها ودستورها وقوانينها منحت كل أبناء اليمن حقوقهم وحرياتهم كاملة غير منقوصة ، ونظرت إلى كل أبناء اليمن بمنظار واحد ومقياس واحد وجعلتهم سواسية كأسنان المشط ، وفتحت باب التنافس الإيجابي بينهم في كل مجالات الحياة ، فمن حق كل مواطن يمني أن يشارك في العمل السياسي ، كناخب أو كمرشح لأعلى المناصب الحكومية ، ومن حقه الانتماء لأي تنظيم سياسي أو تجمع مدني ، ليصبح المواطن اليمني تحت راية الوحدة المباركة ينعم بكل الحقوق والحريات الإنسانية المكفولة بموجب اللوائح والقوانين النافذة ، فالوحدة اليمنية لم تحمل لكل أبناء اليمن إلا كل الخير والإيجابية والحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة والاستقلالية الشخصية والقانونية ..!!
وهذا أمر طبيعي فقد كانت الوحدة اليمنية المباركة وما تزال وستظل التعبير الصادق عن إرادة الجماهير اليمنية ، والمدافع الأقوى عن حقوقهم وحرياتهم وطموحاتهم وتطلعاتهم ، خصوصاً بالنسبة لذلك الجيل الحالم بهذا المنجز الوطني والتاريخي العظيم ، الذي غير مجرى حياتهم من التشظي إلى التوحد ، ومن الضعف إلى القوة ، ومن الاستبداد السياسي إلى رحاب الحرية والديمقراطية ، ومن القروية والمناطقية والقبلية إلى رحاب المدنية والإنسانية ، ومن الإنغلاق والتقوقع إلى رحاب الانفتاح الفكري والثقافي والحضاري ، ومن سياسة الحزب الواحد والفكر الواحد والرأي الواحد إلى رحاب التعدد والتنوع السياسي والفكري ، ومن السلبية إلى الايجابية ، ومن الحلم إلى الحقيقة ، وأي محاولات للعودة بالوطن إلى ما قبل 22 مايو 1990م ، ستكون نتائجها وخيمة وكارثية على كل المستويات ، وسيكون المواطن اليمني أكبر الخاسرين على الإطلاق في كل مجالات الحياة ، فالتفريط بالوحدة هو تفريط بالحرية والتعددية والعدالة والمساواة والمدنية والحقوق والحريات ، والتفريط بالوحدة هو إيذان رسمي بالعودة إلى مربعات السلبية والاستبداد والطغيان السياسي ، فالوحدة اليمنية المباركة كانت وما تزال وستظل المارد القوي القادر على القضاء على كل المشاريع الرجعية والمناطقية والطائفية والاستبدادية والقمعية ، من أجل ذلك كان وما يزال وسيظل الحفاظ على الوحدة اليمنية حفاظ على المشروع اليمني المدني والتقدمي والحضاري الشامل ، وحفاظ على كرامة وحقوق وحريات كل أبناء اليمن ، وما يعيشه ويعانيه المواطن اليمني اليوم تحت سطوة السلطات المتصارعة خير شاهد ..!!
-->