تنقسم الأفعال البشرية إلى قسمين أفعال إيجابية وأفعال سلبية ، وذلك لأن الأولى تكون نتائجها ومردوداتها على الفرد والمجتمع إيجابية ، بينما تكون نتائج ومردودات الثانية سلبية على الفرد والمجتمع ، والوحدة والتوحد والاتحاد من الأفعال الإيجابية التي لا خلاف عليها، بينما التفرق والتشرذم والانقسام والتشظي من الأفعال السلبية ، وما توحد قوم إلى عزوا وما تفرقوا إلا ذلوا ، كما أن الشرع يدعوا إلى الوحدة والتوحد ويثني عليها وينهى عن التفرق ، قال تعالى (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا )) ، وعلة النهي تلك النتائج السلبية المترتبة على التفرق والانقسام ، قال تعالى (( ولا تفرقوا فتذهب ريحكم )) ، كما أن العقل يؤيد الوحدة ويستسيغها ويقبل بها ويرفع من شأنها ، لأنها تعود بالخير والفائدة والمصلحة على الفرد والمجتمع ، ففي الوحدة والتوحد والاتحاد قوة وعزة ومنعة ، كما أنها تساهم في توفير بيئة أكثر ملائمة للتنوع والتعدد والإبداع والتنافس الإيجابي على كل المستويات وفي كل المجالات ، وتوفير مناخ مناسب لنهضة اقتصادية وعلمية وثقافية وتنموية شاملة ..!!
ولم تكن الوحدة والتوحد والاتحاد يوماً فعل سلبي إلا في مخيلة بعض العقول المنغلقة والمأزومة، المدفوعة ببعض المصالح السياسية والاطماع السلطوية الضيقة ، والتي تتحكم بها مشاريع مناطقية وإنفصالية صغيرة ، فالدعوة للإنفصال والشتات والتفرق فعل سلبي ومرفوض عبر التاريخ البشري ، وكل القيادات التي تدعوا إليه أو تقوم به يسجلها التاريخ في صفحاته السوداء ، بينما نشاهد التاريخ وهو يمجد ويمدح القيادات التي قامت بإنجاز الأفعال والمنجزات الوحدوية لمجتمعاتها وشعوبها وأممها وحضاراتها ، ويسجلها في أنصع صفحاته ( الرئيس الراحل علي عبدالله صالح رحمه الله ونائبه علي سالم البيض إنموذجاً ) ، فعلى يديهما تحققت الوحدة اليمنية المباركة ..!!
وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود من تحقيق الوحدة اليمنية ، ها هو هذا المنجز التاريخي والحضاري العظيم يواجه تحديات كثيرة ومشاريع مناطقية وإنفصالية صغيرة ومتعددة ، تسعى جاهدة لإعادة عجلة التاريخ اليمني إلى الوراء ، من خلال تمزيق اليمن إلى دويلات وأقاليم ، في فعل سياسي سلبي يتعارض مع الشرع والعقل والمصلحة الوطنية والقومية ، ويتعارض مع رغبة الغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني ، الذين وجدوا في الوحدة اليمنية القوة والعزة ، والتي أزاحت من طريقهم تلك الحدود الشطرية التي كانت تفصل بين أبناء المنطقة الواحدة والأسرة الواحدة ، والتي أعادت اللحمة اليمنية لينعم أبناء اليمن بالحرية في التنقل والاستثمار والعمل في كل مناطق اليمن ، ولتتوسع في وجوههم آفاق الحياة بسعة أرض اليمن الواسعة وتنوعها الجغرافي والبيئي والثقافي والزراعي والمناخي والحضاري ..!!
ولا يتسع المجال هنا لسرد الايجابيات الكثيرة التي حققتها الوحدة اليمنية لكل أبناء اليمن ، ومن لم يتجرع مرارة الحدود الشطرية والحروب الشطرية وآثارها السلبية في كل المجالات ، حتماً لا يدرك نعمة الوحدة وقيمة الوحدة والمردودات الإيجابية التي حققتها الوحدة ، قد تكون هناك بعض السلبيات التي رافقت الوحدة وخصوصاً بعد حرب الانفصال في عام 1994م ، لكنها كانت فردية ومحدودة ناتجه عن نزعة نفعية وحزبية واستحواذية ، ولم تكن يوماً نزعة جماعية ورغبة انتقامية ، كما يراد لها اليوم أن تكون من أصحاب المشاريع المناطقية والانفصالية ، الذين يعملون علي إثارة الأحقاد والكراهية والعنف بين أبناء المناطق الجنوبية وإخوانهم من أبناء المناطق الشمالية ، الذين تعايشوا مع بعضهم لأكثر من ثلاثة عقود في وئام واتفاق ومحبة وسلام وتعاون وشراكة ، ولا زالوا وسيظلوا باستثناء ضعاف النفوس هنا وهناك ..!!
وليس من مصلحة أحد محاربة هذا المنجز العربي الإيجابي والحضاري وخصوصا الأشقاء العرب ، فالوحدة اليمنية كانت وما تزال وستظل عامل أمن واستقرار لليمن والمنطقة العربية ، وحقيقة الأمر أن مواقف جميع الدول العربية الرسمية تلتزم وتتمسك وتدعم وحدة اليمن ، وإذا كانت هناك سياسات غير رسمية أو تحركات مشبوهة تعمل على تقسيم وتمزيق اليمن من أي دولة كانت ، فأنها ترتكب بذلك خطأ سياسي واستراتيجي وقومي كبير سيكون له عواقب نتائج سلبية على الأمن القومي العربي ، ومن حق أبناء أي منطقة الدعوة إلى إعلان الانفصال عن أي فعل وحدوي إذا ترتب عليه آثار سلبية على حياتهم ، فالوحدة رغبة وشراكة ، والوحدة اليمنية عم خيرها ومشاريعها كل ربوع الوطن ، ففي عهدها عاش المواطن اليمني الحرية والديمقراطية والمشاركة السياسية ولو لم تحقق الوحدة إلا هذا المنجز العظيم لكان كافياً ليضعها كل مواطن يمني تاجاً فوق رأسه مدى الحياة ..!!
-->