العبودية وتقديس الأشخاص

تيسير السامعي
الثلاثاء ، ٢٦ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١٩ صباحاً

 

أكثر شيء أمقته فى الحياة لدرجة الاشمئزاز هو تقديس الأشخاص، وإعطاؤهم مكانة أكبر من بقية البشر.

 

أنا أعتقد وأؤمن بأن الناس كلهم سواسية، وأن الأشخاص مهما كانت لديهم قدرات وإبداعات، ومهما وصلوا من مكان، يظلون بشرا مثل باقى البشر.

 

بل أعتقد بأني لو حصلت على الفرص، التي حصل عليها من يُقدَّسون وتُرفع صورهم، نفسها ربما قدّمت أفضل من ما قدّموا، فلا فَرق بيني وبينهم سوى أنهم حصلوا على فرص لم أحصل أنا عليها.

 

الله -سبحان وتعالى- اصطفاء محمد -صلى الله عليه وسلم- بالوحي والرسالة، فأنا أؤمن بمحمد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا أؤمن بمحمد الشخص؛ لأن محمد الشخص بشر مثلنا، والدليل قول الله تعالى فى سورة الكهف 

[قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد، فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا].

 

فالله تعالى يقول على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- أنا بشر مثكم، الله ميّزني بالوحي والرسالة، أنتم يجب عليكم اتباع الرسالة، والاقتداء بمحمد الرسول لا محمد الشخص.

 

بمعنى أوضح؛ نحن مأمورون من الله بتقديس واتباع محمد الرسول، لا محمد الشخص.

 

إذا كنا لسنا مطالبين بتقديس محمد الشخص؛ لأنه بشر مثلنا كما قال الله، فكيف نقدس أشخاصا من دونه، فلا قداسة لأحد إلا لمحمد الرسول، والرسالة التي جاء بها.

 

من قدّم وضحّى من أجل الدين وخدمة الناس علينا أن نشكره، ونعطيه حقه من التقدير والاحترام فقط، مهما كان يمتلك من قدرات وإبداعات، فهو بشر مثل باقي البشر، وربما هناك من هو أفضل منه.

 

رفع صور الأشخاص نوع من أنواع التقديس يصل أحيانا إلى درجة الشرك، هذا هو أصل العلة فى تحريم التصوير، وصناعة التماثيل والمجسّمات. 

 

فبداية الشرك كانت من خلال تقديس أشخاص صالحين، صَنع لهم الناس تماثيل، وكان الهدف منها -في البداية- إظهار نوع من الاحترام والتقدير لهؤلاء الناس، بسبب صلاحهم، لكنه تحول مع الأيام إلى تقديس، ثم تحول إلى شرك.

 

يقول الله: [أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلْخَالِصُ ۚ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِى مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهْدِى مَنْ هُوَ كَٰذِبٌ كَفَّارٌ]..

 

تقديس الأشخاص وإعطاؤهم مكانة أكثر من كونهم بشرا، مثل بقية البشر، هو الاستسلام للعبودية، والرضا بها، والتنازل عن قيم الإنسانية، التي كرَّمنا الله بها.

 

قال تعالى: [ولقد كرَّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيّبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلا].

الحجر الصحفي في زمن الحوثي