نجاح الحكومة يتطلب عدّة اشياء!

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٠٧ فبراير ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:١١ مساءً

شكراً لرئيس الوزراء السابق الدكتور معين عبد الملك على صبره وتحمله في المدّة التي قضاها رئيساً للوزراء، كان يراهن لعلّ وعسى القافلة أن تسير، لكن القافلة أعاقها الحوثي، ولم يردعه أحد!

وكثير من الناس يهاجمون ويتهمون ويلعنون، وكأنهم لو قدّر لهم أن يكونوا محل الدكتور (معين) او الدكتور (أحمد عوض) سيعبرون باليمن إلى شاطئ الأمان!

وهنا انتهز الفرصة لأنصح وأقول.. إن نجاح الدكتور أحمد عوض مرهون باتباعه الأسباب المؤدية إلى النجاح، اي الاعتماد على العلم، ففيه وحده مسارات تحقيق النجاح؛ اي السير وفقاً  لأهداف واستراتيجيات كلية وقطاعية، مخططة، واضحة وواقعية وممكنة التنفيذ وقابلة للقياس.

النجاح الوصول إليه  يحتاج من مبتغيه، اتباع الحكم الرشيد(الحوكمة).. الشفافية والمساءلة والمحاسبة؛ وإحاطة الشعب باطار ومستهدفات الخطة ومحدداتها المادية والزمنية.

لا بل ينبغي إشراك المجتمع قبل اعتماد الخطط في مناقشتها واخذ الملاحظات المفيدة منه، اقصد الأحزاب والفعاليات المدنية على وجه خاص.

إشراك الناس يعفي الحكومة عناء التبرير والاقناع وتفنيد الإشاعات، فإخفاء الاشياء يجعل الناس لا يفقهون لما يحيط بهم، وبالتالي يقعون في تلقّف الإشاعات  والاتهامات كمُسلّمات!

إن أراد رئيس الحكومة  أحمد عوض بن مبارك ان ينجح،  ألا يعود إلى الميدان إلا مسلحاً بمتطلبات النجاح من موارد وحماية وكل الصلاحيات!

إذ لابد بادئ ذي بدء  من وقف الحوثيين عن استهداف الموانئ والبحار والمنافذ والأجواء والمطارات وبأي طريقة كانت؛

وأول عمل للحكومة ينبغي ان تقوم به مراجعة وتقييم مصفوفة الحكومة الحالية، وتهتم ابتداءً بضمان استقرار سعر الصرف، وذلك عبر استئتاف  تصدير النفط  والغاز وتفعيل عملية  تحصيل الإيرادات الضريبية والجمركية والرسوم وتوريدها  لحساب الحكومة في البنك المركزي. والسعي للحصول على دعم مالي كافي، يساعد على تخفيض سعر الصرف لصالح الريال اليمني وحتي إنعاش الاقتصاد.

كذلك مطلوب البحث عن آليات تسهم في معالجة النقص الحاصل في توفير الخدمات العامة للمواطنين وخصوصا في التعليم والصحة والغذاء؛ والأهم الكهرباء والمياه كحالة اسعافية لمدة زمنية لا تقل عن ستة أشهر، وفي الوقت ذاته تعمل الحكومة على استكمال المشاريع المنفّذة في الكهرباء وغيرها!

وستظل الحكومة فاشلة وعاجزة  أن لم تدفع رواتب موظفي الجمهورية اليمنية، وهذا الأمر يتطلب  البحث بجدّية عن مصادر لدعم الموازنة من أجل سدّ الفجوة  الموجودة في عجز الموازنة، فالطلب من قبل الداعمين والمساندين للحكومة الشرعية توفير ذلك ، وكذلك توفيرها من خلال  السهر والمتابعة  في تحصيل إيرادات الدولة، وكذا القيام بتخفيض الإنفاق الحكومي غير الضروري، ومكافحة الفساد بتفعيل الأجهزة المعنية في ذلك.

ومن يريد النجاح حقاً عليه أن يستفيد في التمعّن في مدلولات ومخرجات  الآيات من (٨٣- ٩٨)  من سورة الكهف، ففيها: أن النجاح له اسباب أو مسارات"طرق وسائل" لتحقيقه. وأن الاختيار ومنح الثقة هو تمكين من صانع القرار، وخير كثير  لمن كلّف، وللمجتمع إن عمل بأمانة، بمقتضى التكليف.  وأن العلم هو "سبب" موصل إلى النجاح. فالعلم بالاسباب والعمل بها يؤدي إلى النجاح. والسبب: ما يوصل الشيء إلى الشيء.

فعلى رئيس الوزراء أن يعلم أن في هيكل حكومته  الوظيفي نوعين من الموظفين أو العاملين:- النوع الأول؛ الفاسد المفسد المرتشي.. هذا النوع  يحتاج للردع بإحالتهم للجان التأديبية بحسب القانون ، وربما إحالتهم للقضاء، والحد من نفوذهم، فهم خطر على النجاح وعلى المجتمع، ويجرم ترقيتهم وتمكينهم، فواقع الحال للآسف يشهد علي ترقية وتمكين الفاسدين المرتشين.. والأمثلة كثيرة ولا تعدّ.

أما النوع الثاني؛ موظف ملتزم مخلص، يبذل قصارى جهده في العمل وزيادة الإنتاج والإنجاز، ومتمتع بالولاء والرضا الوظيفي والوطني(الشعور بالانتماء والاخلإص  والسعادة والرضا).. هؤلاء الكوادر ينبغي الاهتمام بهم  والقول الحسن بحقهم وتكريمهم ، والتيسير لهم في أعمالهم كي ينجحوا، فهم اهلاً للترقية والتمكين.

كذلك إن أراد رئيس الحكومة النجاح، عليه أن يضع حاجز او جدار فاصل بين الحكومة والأعضاء فيها من جهة، وبين المتنفذين الفاسدين من جهة أخرى، لا مراضاتهم وتقريبهم وتحقيق مصالحهم، ولن يتم ذلك ألا عبر تفعيل القوانين وإعمال القانون، واشراك الأحزاب في تحمل مسؤوليتها التاريخية والوطنية.

ولا شك نجاح الحكومة يتطلب  مكافحة الفساد، الذي يتطلب إيجاد أجهزة فعالة ودعم مادي لها، للقيام بمهامها على أكمل وجه في الاسهام بمكافحة آفة العصر (الفساد الصغير والفساد الكبير).

 ويحتاج النجاح لاستنهاض كل مكونات المجتمع وتشغيل كافة الطاقات بقوة، (فأعينوني بقوة)، وأن تقوم الحكومة بشكل مستمر بردم الهوّة أو الفجوة بين المطلوب والواقع وفي كل القطاعات.

ويتطلب النجاح استعمال القوة عند الضرورة.. فالواجب  استعمال قوة القانون أولاً وبأعلى درجاته، فإن اخفق، فقوة القضاء والأجهزة الأمنية، لمنع المتجاوزين والمتمردين والقاطعين الطريق والمحرضين ضد الوطن ومصالحه ونسيجه الاجتماعي..

وهذا لا يتحقق إلا وإذا فقط، حُصر السلاح بيد الدولة، واستطاع الجيش والأمن ان يفرضا هيبة الدولة، وإذا أذيبت كل التشكيلات القائمة  فيهما، لتكوين قوة يصعب كسرها أو اختراقها، (آتوني زبر الحديد... )..

وفي الآيات المشار إليها وغيرها، ما يوجد خارطة طريق لمن يريد أن ينجح..

 أتمنى للدكتور أحمد عوض بن مبارك  الموفقية والنجاح.. وتهانينا القلبية له بثقة القيادة به..  

الحجر الصحفي في زمن الحوثي