الجبال كالرجال؟!

د. علي العسلي
الجمعة ، ١٧ نوفمبر ٢٠٢٣ الساعة ١٠:٥٦ مساءً

إن الاشياء العظيمة تحدث عندما تلتقي الجبال مع الرجال « وليم بليك»..  إن كل جبال العالم من جبال الهملايا،إلى سلسلة  جبال الإنديز في أمريكا اللاتينية، إلى  أعلى جبل في الكوكب الأزرق تحت سطح الارض؛ كلها قد تشبه رجالات كتائب القسّام وسرايا القدس وجميع فصائل المقاومة الأخرى وشعب غزّة الفريد الصابر الثابت على أرضه الذي يموت ليحيا ويرتفع، ولا يستكين ولا يستسلم، كلهم رجال الرجال هم وباقي المقاومين للاحتلال ومن أي مكان !     بل إن الجبال التي نراها راسخة راسية وجامدة ، نراها أوتاداً لا تتزحزح، بالنهاية حتماً ستنتهي وتزول أو أنها تمر بسرعة حركة الأرض حول نفسها و حركتها حول الشمس وداخل المجرة ومع المجرة .. بينما الرجال الرجال في غزّة الأبية، راسخون ثابتون وصابرون ومُتحدّون لكل انواع البطش والإجرام والتنكيل والحصار ومنع وصول المساعدات واستهداف المستشفيات، رجال غزة المواطنون لا يلومون المقاومة بل يؤازرونها.. ومقاومتهم أشد بأساّ وأشد تنكيلاً وتكبيداً بالعدو الصهيوني..الرجال لا الجبال هم الراسخون الثابتون.. إن الرجال في  صمودهم وبطولتهم الأسطورية على أرض غزة، ستخلد دنيا وأخرة!  فهم الواقفون الثابتون  كالجبال الواقفة ظاهرياً، غير ان حقيقتها متحركة، نراها شامخة قوية إلا أنها في النهاية، ستتلاشى.. ستسير الجبال سيراً.. وتبسّ الجبال بساً( اي ستفتت فتاً، كالدقيق المبلول).. وستكون الجبال هباءً منبثا..وستدك  دكّة واحدة.. وسترجف لأرض والجبال، وستكون الجبال كثيبا مهيلا (أي متناثرة على هيئة رمل).. والجبال سياتي يوم تنسف نسفاً.. وسيأتي اليوم التي تكون الجبال كالعهن المنفوش(اي ستكون الجبال كالصوف المنفوش).. بينما المقاومون المجاهدون في سبيل الله، في سبيل تحرير الارض وحماية العرض،  وخصوصا منهم الغزّاويون، يسيرون واثقون الخطوة يمشون أبطالاً، هم يفتتون جيش ومعدات العدو فتاً، هم جعلوا هيبة الجيش الذي لا يقهر هباءً، هم يدكُّون جحافل الجيش الصهيوني دكاً، هم من بحركتهم وتحركهم يرتجف العدو منهم رجفاً، هم من سيجعلون أهداف العدو الصهيوني  سراباً؛ وهم من سيستشهد منهم ستبدأ حياتهم وخلودهم الأبدي! شموخ بعد شموخ، وحياة بعد حياة، وعلو بعد علو..  وحتماً فإن الجبال الحقيقية ستتمنى أن تكون مثل أسود حماس والجهاد، وليس العكس..  فمقاموا الإحتلال شامخون وتأييدهم "شرف"، ووجودهم "ضمان" للحرية والتحرير والكرامة والعزّة، والدعم والإسناد والانتصار معهم"حق"، وتركهم لحالهم ونسيان معاناتهم "محال".. المقاومون للمحتلّ يغيّرون بدمائهم وصبرهم قناعات العالم كله، وبثباتهم تبرز على السطح قضيتهم، وبصلابتهم يُخسر ويُهزم عدوهم، وبحكمتهم يتعرّى ويُكشف قبح ودنأة عدوهم، فكلّما طالت أيام العدوان وارتكبت مزيد المذابح والمجازر، أزددنا وعياً ومعرفة بعدم إنسانية من أوهمونا بإنسانيتهم وتحضّرهم منذ عقود، وشاهدت شعوبهم، الحيوانات المفترسة الصهاينة على حقيقتهم، فتعلو الأصوات ضد حكوماتهم الداعمة لهذا الكيان الأشد قذارة عبر التاريخ .. حرب الرجال الرجال في غزة  أظهر وجوه زعماء الغرب والصهيانة طبقات متراكمة من الغلظة والوقاحة ضد الابرياء، وحرب الرجال الرجال في غزة أظهر المغالين، والمجاملين،والمداحين، والمنافقين، رأيناهم وقد تجسّدوا  بصورة مكبرّة جمعت معاً الصهاينة والمتصهينين، فتزداد تلك الطبقات سماكة وفجاجة، وجوه كلحاء..هذا نصيبهم! الصهاينة والمتصهينين، أناس يسفكون الدماء الغزاوية، وبها، سقط متاعهم وحضارتهم وأخلاقهم وقيمهم وإنسانيتهم، فخرّوا من عيون الناس، غير مأسوف عليهم.. وعلى أمتنا ألا تأبه لهم، ولا تعيرهم اهتماماً، ولا تزنهم بمكيال، فوقوفهم كان مخزي مع الكيان الصهيوني، بتغطيتهم القبيحة لأفعاله الشنيعة، كفيل بزيادة رقعة وسخهم وقذارتهم؛ حيث تمّ قتل الانقياء من الأطفال الخدج والأطفال والامراض والجرحى والآمنين في بيوتهم!  وحرب الرجال الرجال أظهر لنا أناس كنا نعدّهم من الرجال، فإذا هم من هرط الرجال، والنساء من فعلهم وسكوتهم على استباحة غزّة تستقبح وتخجل، ويقلن يا خسارة فيهم الرضاعة، إذ أثبتوا انهم ليسو مدامك يستند عليهم في شدائد الأمور، ولا يركن عليهم، وينبغي ألا يكون ظهر المقاومة في غزة مكشوفاً لهم، فهؤلاء الناس ما أرخص سعرهم، وما أبخس ما يبيعون! الغزاويون رجال كالجبال، بل هم أشد، فلا يهزهم ريح، ولا ينال من إرادتهم وعزيمتهم إحتلال، ولا ترهبهم قاذفات، وهم عازمون على تحرير أرضهم وحريتهم!  أنهم  شامخو الهامة، إرادتهم حديد، وصبرهم شديد، ويقينهم بالله لا يحيد.. هم رجالاً يصنعون البطولة والعزّة، فيستحقون منّا كل تعظيم وتبجيل لما بذلوه ولا يزالون يبذلونه من تضحيات! اللهم ثبتنا بثباتهم واكتبنا من ناصريهم يا  الله.. يا قوي.. يا عظيم.... يا كبير.. يا جبار..  امين اللهم آمين..

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي