الرئيسية > محليات > وسط مطالبات بإصلاحات جذرية.. تحذيرات من تداعيات الأزمة المالية الحكومية

وسط مطالبات بإصلاحات جذرية.. تحذيرات من تداعيات الأزمة المالية الحكومية

" class="main-news-image img

 

حذّر خبراء تنمية يمنيون، بما في ذلك سيّدات ورجال أعمال واقتصاديين وسياسيين سابقين وصانعي سياسات ومصرفيّين من تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن بوتيرة متسارعة، في حال عدم توفّر دعم مالي كبير ومستدام.

 

 

وأكدوا في ختام مناقشات أجريت أخيراً في القاهرة بدعم من بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن أن المرحلة الراهنة تتسّم بتوسّع الحرب الاقتصادية مع قيام سلطات الحوثيين بتضييق الخناق على الأنشطة التجارية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، ما أجّج سخط واستياء عام نتيجة انهيار الخدمات العامة وتدهور قيمة العملة في تلك المناطق.

وعقد خبراء التنمية اجتماعهم العاشر ضمن "منتدى روّاد التنمية" (إعادة تصوّر اقتصاد اليمن)، إذ وضعوا ورقة سياسات حول "التحديات أمام تنمية مصادر الإيرادات العامة في اليمن"، خلصوا فيها إلى أن الصراع اليوم تحوّل إلى حرب محورها الاقتصاد، حيث تستغل جماعة الحوثيين المفاوضات الجارية وقوتها العسكرية لممارسة ضغوط مالية على الحكومة.

وأشاروا إلى أن اليمن يحتاج إلى تفعيل مسارين، الأوّل: هدنة اقتصادية تفصل بين التنافس العسكري "الذي يشهد حالة من الجمود" وبين سبل كسب عيش ورفاه السكان المدنيين ممّن ألقي بهم في براثن الفقر واليأس. والثاني: دعم مالي متواصل من السعودية والإمارات، بما يتيح ترشيد الإيرادات والنفقات على المدى الطويل وضمان إدخال الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها.

ومنذ أبريل 2022، تحوّلت الحرب في اليمن من صراع خلّف خسائر وعدد كبير من الضحايا إلى حالة من الجمود المستمر مع ما شهدته جبهات القتال من هدوء نسبي.

وبدأ استهداف الحوثيين لمصادر الإيرادات الحكومية في أكتوبر 2022، عبر فرض حصار على صادرات النفط وتوسيع دائرة الحرب الاقتصادية لتطال الإيرادات الجمركية وحظر استيراد غاز الطهي المنتج في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

وأفاد الخبراء بأن الهبوط الحاد في عائدات النفط والغاز والإيرادات الضريبية تسبّب بعجز هائل في موازنة الحكومة وقوّض قدرتها على تغطية النفقات الأساسية، بما في ذلك دفع رواتب موظّفي القطاع العام وتوفير التيار الكهربائي.

وتفاقمت أزمة الكهرباء في جنوب البلاد مع انتهاء منحة المشتقّات النفطية المقدّمة من السعودية وتعذّر تشغيل محطّات توليد الطاقة الحكومية والخاصة، وبحلول سبتمبر، كان سكان العاصمة المؤقّتة عدن يحصلون على أقل من أربع ساعات من الكهرباء يومياً.

وتوقّع الخبراء أن تتيح المنحة السعودية الجديدة المعلنة في أغسطس 2023 (بقيمة 1.2 مليار دولار) نوعاً من المتنفّس بالنسبة للحكومة، إلا أن القطاع العام لا يستطيع الصمود على هذا الشكل من المساعدات غير المنتظمة، في ظل محدودية الاستثمارات الخاصة نتيجة الصراع وحالة التشظّي السياسي.

 وسيفقد مئات الآلاف من الموظّفين العاملين في القطاع العام بمناطق الحكومة ومعاليهم مصدر دخلهم الأساسي في حال عدم دفع الرواتب، كما ستنخفض قدرتهم الشرائية مع تراجع قيمة الريال في ظل نضوب احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي اليمني. وبحثت ورقة السياسات بالتفصيل السبل المحتملة للتخفيف من تداعيات الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة، واقترحت إجراء المزيد من دراسات الجدوى حول مصادر الإيرادات المحتملة الأخرى الممكن استغلالها.

ورأت أن قدرة الحكومة "تعد محدودة على زيادة أو تحسين آلية تحصيل ضرائب الدخل أو الضرائب التجارية أو حتى الضرائب المفروضة في منافذ البيع باليمن، بسبب الظروف التي أوجدتها الحرب والانقسام الجغرافي".

وذكرت أنه يمكن أن يباع النفط الخام بالعقود الآجلة المعاد هيكلتها، أو التعامل مع المصدّرين الإقليميين من القطاع الخاص، من خلال عمليات تتّسم بالشفافية، وإمكانية ترشيد آلية تحصيل الرسوم الجمركية والضرائب أو تطبيق اللامركزية فيها.

وشدّدت على أنه "يتعيّن على الحكومة استكشاف الطرق المثلى لتدشين شراكات فعّالة مع القطاع الخاص وتشجيع الفاعلين فيه على توفير خدمات الكهرباء ، فضلاً عن دراسة إمكانية خصخصة قطاع الكهرباء (ولو جزئياً) أو تخصيص التمويل اللازم له وترشيد الكهرباء من خلال نظام الدفع المسبق، والذي قد يعالج الثغرات والعجز في تحصيل فواتير خدمات الكهرباء".

وأكدت ورقة السياسات أنه يمكن إدخال إصلاحات في إدارة الأصول الأخرى (بما في ذلك شركة الاتصالات الحكومية)، وكذلك في إدارة النفقات (بما في ذلك نفقات قطاع الأمن والقطاعات العامة الأخرى).

وتوصّلت الوثيقة إلى أن إدخال إصلاحات جذرية "يعتمد على وجود مؤسّسات دولة قوية وفعّالة، والتي أصبح دورها غائباً للأسف في اليمن منذ فترة طويلة، وستتطلّب إعادة هيكلتها وتفعيلها بعد انتهاء الحرب".

ولم تتوقّع ورقة السياسات أن يكون للتدابير المطروحة تأثير سريع في زيادة العائدات المالية للحكومة دون رفدها بآليات أخرى، لكنها رأت أنها قد تخفّف على الأقل من المأزق الحالي الذي تواجهه الحكومة وقد تساعدها على استعادة درجة من الثقة في قدرتها على إدارة الأزمة.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي