حياة القاضي والعلّامة محمد بن إسماعيل العمراني

د. أحمد عتيق
الاثنين ، ١٢ يوليو ٢٠٢١ الساعة ١١:٣٢ مساءً

اليوم بدأ حياةً جديدةً تختلف عن حياته الأولى إذ كان في دُنيانا بحراً زاخر، بالعلم، والحُب، والتواضع؛ غنيٌ عما يطمح إليه الجميع، من بهرجة الفانية، وزُخرفها، لعلمه بما عند الكريم المنّان يُخبئه لمن استغنى عن ملذات المؤقتة. كان نهراً يتدفق عطاءً في العلم، والفتوى، وتواضعاً في الحُب، والحكمة، ومحايداً، لم يُعرف له ميلاً، نحو حزب، أو طائفة، أو جماعة، أو مذهب، أو منطقة.

تعلّم على يديه الكثير من طلاب العلم، من العرب، والمسلمين، ومن قبلهم اليمنيون؛ الفقه، والحديث، وعلوم اللُغة، والتفسير، وغيرها من العلوم الشرعية واللُغوية.

القاضي محمد ابن إسماعيل العمراني حفيد علم وأبٌ لعلماء.

اجمع على حُبه العلماء، والمثقفون، والعامة، كل من ذكره في حياته دعا له بطول العمر، وهذا قد سمعته بنفسي، عند مجالستي علماء الشام، وبعض من التقيت من عُلماء السعودية، وكم سمعنا من علماء الدين الذين يظهرون في مختلف القنوات؛ الجميع يُثني عليه، وبعد وفاته يجمع اليمنيون قاطبة، وكل من عرفه، أو سمع بعلمه، على أن رحيله خسارةً كبيرةً للعلم والأُمة، بما كان ينهجه من وسطية، واعتدال؛ هذا النهج لم يدع لأحد فرصةً للنيل منه، أو مما يُقدمه.

مثل القاضي العمراني لم يمُت، ولكنه ارتحل عن هذه البغيضة لتكن سيرته، وذكراه، مصباحاً منيراً، يقتفي أثره؛ من أراد النزول عن فرس الكِبر، والجبروت، والطغيان، والظلم، والاستبداد، كذلك سيرته تنير طريق المُتعلّم؛ طالب العلم، والحكمة.

لم أكن محظوظاً، بالالتقاء به، رغم مواعدتي لنفسي مراتً كثيرة، بسبب الانشغالات في الحياة. هنيئاً لكل من نهل من علمه، وأخلاقه، وتواضعه، وغِنى نفسه.

أخيراً نقول ما يجب على كل مؤمن، رحمة الله عليه وغفر له وأسكنه في الفردوس الأعلى مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسُن أولئك رفيقَ، وجزاه الله خير الجزاء عما قدمه طوال عمره من خدمة للدين، والعلم، والأُمة.

*أكاديمي وسياسي يمني

الحجر الصحفي في زمن الحوثي