لا فقر ولا خوف في ظل القرآن الناطق

د. أحمد عتيق
الخميس ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٣ الساعة ٠٤:٢٤ مساءً

 

ثمان سنوات فرضت فيها عصابة الحوثي النازية على بلدنا الحرب، والجوع، والفقر فما عاد بيتٌ يمني إلا وهو يعيش هذه الحالة أو الخوف منها، أو قد صار ضحيتها. انعدمت وسائل الأمن، والاستقرار، بات اليمني يخاف حتى أن يربط الحجر على بطنه ليقاوم جوعه فيكون ذلك سبباً لاختطافه ومُسائلته، ومن ثم تعذيبه حتى الموت؛ لِمَ تجرأ على إعلان جوعه؟ أو إن كان غنياً لِمَ يُفكّر بجوع جيرانه، أو أهل حارته، أو وطنه؟ وطنٌ صار ضحيةً للثالوث المُخيف (الفقر، والجوع، والمرض) ورابعهم الخوف. كانت هذه المعاني هي التي قامت من أجلها ثورة ٢٦سبتمبر١٩٦٢ التي ضحى فيها الأبطال أمثال المغني  والزبيري بأرواحهم حتى يعيش اليمن وشعبه حراً كريماً. هاهو الثالوث قد عاد متوشحاً ببجاحة عصابة الحوثي النازية ، اليمني اليوم يعيش حالة الجوع، والفقر والمرض، والظلم، والخوف؛ فإن أراد التفكير في إيجاد، وسيلة حتى ولو كانت لا تناسب مهاراته، قدراته،  خبراته، علمه ومعرفته المهم أنه يريد العيش بكرامة عليك أيها اليمني أن تأخذ تصريحاً من ممثل العصابة حتى تمارس هذا الفعل، ثم هو يُفكّر كالنمرود في أن يهبك الحياة وفقاً للخُمس أو أن يُعاقبك على فعلتك بالتعذيب عبر المماطلة والانتظار حتى تموت أو تموت أو يُميتك هو. لا تُعبّر عن جوعك، ولا تبحث عن لُقمة تسد رمق أطفالك لا بالعمل ولا حتى بالتسول، وإن وافق لك على التسول فهو يرصدك، يراقبك، يعدّ حركاتك وسكناتك، يلحظ لفتاتك، يُحصي تأوهاتك، ثم ما جنيته من أرباح كما يظنها في يومك، بعد ذلك عليك أن تدفع ثلاث أرباع دخلك ليسمح لك غداً ممارسة التسول لك ظاهراً وله باطناً من جديد. إن كنت مُتصدقاً فعليك أن تُدّرك أن بيت مال عصابة الحوثي، وهيئة زكاتهم، وضرائبهم، وجماركهم،  هي مدخلك للتصدق، لأنك إن ذهبت للفقراء مباشرة أنكرت عليك عصابة الحوثي ذلك، لأنه لا يوجد فقراء في نظرها، وليس هناك جيوب فارغة، ولا بطون خاوية، ولا أطفال يتأوهون من شدة الجوع، ولا أمهات تُغالط أبنائها لِتُنسيهم جوعهم، ليس هناك ما يُخيف في البلد، لا أمراض، ولا بطالة، والأمن مستتب، والرؤوس مرفوعة، والناس مُتخمة طالما أنهم يُسبّحون بحمد الحوثي ويلجأون إليه عند الحاجة فهو ابن النبي ويرى نفسه أفضل منه، والقرآن المكتمل الناطق، والإله الحاكم، إذاً لِمَ يذهب المُتصدق إلى من يظنه فقيراً؟ لذلك عليه إدراك أن عقابه، وقتله، وحرقه ومن يتصدّق عليهم هو المصير المحتوم لتطهيره من ذنبه وإدخاله في كنف رحمة السيد. ما حدث في مدرسة معين بالأمس من سحق الفقراء، وقتلهم، ثم إخفاء معالم الجريمة عبر تدمير الوسائل المتاحة مثل الكاميرات، وتهديد الشهود العيان إذا ما ممارسوا التصريح أو التلميح بما حدث.  على الجميع أن يعلم أن السيد سيبعث من ماتوا إلى الحياة ويُشبع أطفالهم، ويُشفي جريحهم، ويُأمن خائفهم، ويُغني فقيرهم، إذاً لِمَ الشكوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإثارة الخوف والذُّعر بين الناس، وتشويه سلطة من يرون أنفسهم مُنزّهون ومعصومون؟  ما حدث كما قال أحدهم ( حدث عارض) لا يجوز تسييسه؛ قتل مائة وجرح ما يربو عن المائتين كما يرى حدث عارض لأن أرواحنا كيمنيين أصبحت رخيصة، وما حدث ليس كما يرى زعيم العصابة إلا عقاباً شديداً لمن تخلّفوا عن رفد الجبهات، ثم اصطناع التأوهات، وزعمهم الجوع في بلد يرعاها السيد إنه لأمر غريب وعجيب أن تجوع وتعرى وتخاف في ظل حكم السيد، الحاكم الإله !  نصيحتي لكل من نرى أنهم فقراء في اليمن حتى تشبع، وتأمن، وتتغلب على كلّ ويلات الزمان ماعليك إلا أن تذكر اسم السيد، أو تَشّتَم رائحة ملازم حسينيَهم فإنك ستشبع، وستعود عن غوايتك لتصبح هادياً مهدياً، مُتخماً مرّعياً، عليك أن تتنفس فقط بحمد السيد ثم ستجد أن أمور دُنياك قد انحلّت، وإلى برّ الأمان قادتك، وفي الرفاهية أبقتك. استغرب من دناءة وسائل الإعلام في العالم، ومن منظمات حقوق الإنسان، والمجتمع المدني في اليمن وخارجه كيف أنها صامتة أمام حادثة البارحة. في حين أنها تهتم إذا ما مرض أو مرضت أحد المشاهير فتحاول أن يكون لها السبق، فتُغني الخبر بالتحليلات والتوقعات عن الحالة الراهنة أو ما ستأول إليه، وتضع سيناريوهات لمآلات الحالة و أحوالها، وكيف سيكون خبرها، وتطوراته، ومستجداته، والخوض فيما كان أو لم يكن أو سيكون، لكن قتل مائة من فقراء اليمن وجرح أكثر من مائتين حدث عارض ولا يستحق الانتباه، أو الاهتمام به، أو الالتفات إليه، إمّا لأن دم اليمني أصبح رخيصاً في نظرهم أو أنهم يعتقدون جازمين أننا في غِنى عن مناقشة الموضوع وفضّح خلفياته ومآلاته لأن الحاكم الإله الحوثي سيُعوضّنا خيراً من ذلك، وسيَحلّ كل المشكلات ولن يدع فرصة لأي مُعضِلة أو كارثة تؤثر على حياة الشعب اليمني، بل أنه عبر القرآن الناطق سيجعل كل الأخطار و المصائب والصعوبات، والعثرات كأن لم تكن، لذلك الجميع يُهمل أخبارنا، ولا يسأل عن أحوالنا ففي النعيم نعيش وإلى الرفاهية حياتنا تسير. بؤساً لعالم لا يحترم الدماء.

أكاديمي وسياسي يمني.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي