اعترف يا "بن عمر" وتوكل وأرح ضميرك؟!

د. علي العسلي
الأحد ، ٠٧ مايو ٢٠٢٣ الساعة ٠٦:٥٨ مساءً

 

 
عجيب أمرك يا سعادة السفير جمال بن عمر، وقبولك أدواراً ليست من مبادئك، ولا من قيمك، أن تصبح بين اليمنيين فتاناً، لا ميسراً أو مصلحاً! ولا اظنك غبياً؛ وأنت مناضل ودبلوماسي مخضرم، عارضت فسجنت، وحسيت بما يعانيه المناضلون الحالمون بغد أفضل، والكارهون للظلم والاستبداد!؛
غير أنك في اليمن كنت مختلفاً، دعمت متمردين ميليشاويين مسلحين وانقلابين، ظننت فيهم التغير، فظنك انقلب إثم على اليمنيين، فالحوثيون أسرفوا في القتل والتجويع والتشريد!؛ وعلى افتراض حسن نيتك فيهم، وبما اعتقدت من انك ستقدم خدمة لليمن واليمنيين بدعمك لإيصالهم للحكم.. اعترف الآن وتوكل، من أن اعتقادك وتحليلك واستنتاجك كان خاطئاً، واعتذر للشعب اليمني، لأن اعتقادك واستنتاجك قد كلفهم أثمان باهظة!؛ لا تكابر واعترف أن الحوثين جماعة ارهابية مسلحة سلالية مقيتة، تخدم أجندات خارجية؛ اعترف انك انت من رأيت فيهم التغيير، لكنهم ابوا إلا أن يكونوا كما تكوينهم أداة للتدمير، وجئت بهم للحوار الوطني رغم انهم لم يكونوا جزءًا من المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، وأعطيتهم نسب تمثيل تفوق نسب تمثيل عدد من الاحزاب، واعترف انك كنت غطاء لأفعالهم، فاستمر الحوار في موفنبيك رغم استخدامهم للسلاح أثناىه، ولم يتوقفوا في شن الحرب على دماج ولم تضغطوا على الحوثي لايقافها، بل انتصرتم لهم وشردتم طلبة العلم من هناك الى محافظات عدّة، وتغاضيتم على حربهم واقتحامهم لمعسكر الشهيد القشيبي بعمران، وقتله بتلك الخسة والإجرام رحمة الله تغشاه، وتحوّل هو العسكري المتمرس الى ميليشاوي ارهابي، وقللتم من دخولهم للعاصمة، وقيل وقتها!؛ انهم سيتعاملون مع الفرقة وجامعة الأيمان وفقط، كل ذلك تمّ وانت تدير حوار عقيم لتقسيم كعكة السلطة في موفنبيك ولم تنجح في ذلك!؛ ويجب أن تعترف انك أنت من مرّرت لهم كل ما يريدونه في الحوار الوطني، رغم انهم بالتوصيف السياسي والقانوني متمردين على الدولة، إلا انك انتصرت لهم وجعلت قضية صعدة بالمرتبة الثانية بعد القضية الجنوبية، على الرغم من أن هناك قضايا أهم وذات أولوية تسبق قضيتهم والتي لم تكن قضية اصلاً، فقضية تهامة مؤكد أنها الاولى، لكنها أهملت، لانهم سلميّون!؛ الحوثيون يا بن عمر لم ينزلوا على اليمنين رحمة من السماء، ولم يكونوا مصلحين أو ثوريّين، اعترف بكل ما سبق وأرح ضميرك الذي يعارضك، معلوم هذا من تكرار ظهورك، ومحاولاتك التبريرية؟!؛
أما عن حديثك عن قادة سياسيين بانهم أغبياء؛ فمعظمهم فعلاّ أغبياء، ليس لأنهم قالوا لك بانهم يريدون دخول الحوثي للعاصمة لتطهير الفرقة وجامعة الايمان وتصفية الاصلاح ومن ثمّ العودة إلى مران أو إلى صعدة كما زعمت، وإنما كونهم قبلوا وحضروا حواراتك، التي اردت من خلالها خداع العالم من أن في اليمن حواراً جارياً ومستمراً ولا تأثيراً للأحداث عليه من دماج وحتى وصول الحوثة صنعاء، لقد اجدت التغطية وخداع العالم يا بن عمر أرح ضميرك واعترف!
 واليوم تريد ان تستمر بنفس الاسلوب وتريد إحداث فتنة بين مكونات الشرعية بخبيرات "قالوا لي، وقلت لهم"، من هم هؤلاء سميهم، افضحهم وناظرهم وحاججهم إن كان فعلا ما قلته صحيحاً!؛ فلا تخدعنّ الناس والعالم مرّة أخرى بحكايات مجافية لحقيقة ما جرى؛ فالذي جرى تسليم السلطة للحوثي من دون قتال، إلا قليلاً في محيط الفرقة الاولى مدرع.. سُلّمت صنعاء للحوثي وانت تعلم من سلمها، والحقيفة انك فشلت في نقل السلطة للرئيس المنتخب هادي فلم يسلم له الجيش ولا المؤسسات وانما واقعا سلمت للحوثي،لم تسلم للرئيس الذي اشرفت وتابعت انتخابه وكان بمثابة استفتاء له؛ وبغض النظر عمّا قالوه لك السياسيين، وقلت لهم، وكونك لم تسميهم فمشكوك اي قول منك عن أي سياسي، ليس دفاعاً عنهم فمعظم القادة السياسيين أغبياء، فغبائهم وحمقهم هو من أوصل حال اليمن للحضيض !؛ غير أن التسطيح وتضليل وخداع الناس يجب ان نتصدى له جميعنا ، فعليك قول الحقائق أو الصمت كما يفعل معظم المبعوثين!؛ حديثك عن غباء قادة سياسيين باليمن، لا يحلّ المشكلة ولا يأتي بالعيش الرغيد للشعب اليمني يا سعادة السفير!؛
برجا أن تعمل تقييم ومراجعة بين حاضر ما تقول وماضي ما فعلت أو قلت، حتى يكون الطرح منسجما ومعبراً عن حالة من التوافق "ضميرك مع مسؤوليتك".. راجع مواقفك وافعالك، ثم اسقط مقابلتك الاخيرة مع قناة روسيا اليوم عليها، ولاحظ أنت الفرق، وأحكم على نفسك ونحن قابلين!؛ ولا تكون مرتدًّا يا" بن عمر" عن مواقفك السابقة، ولا تقول ولا تبرر للحوثي عدوانه على الشعب اليمني بحجة أن الرئيس والاحزاب الحاكمة آنذاك خرجت عن التوافق، فاعلنوا اقاليم ستة، لاحظ حتى لو كان صحيحاً،" اعلنوا"، ولإعلان قابل للمراجعة وليس قرار قد اتخذ، ومن أنهم لم يشركوا الحوثي في السلطة؛ وكأني بك تقول أن الحوثي وجد نفسه مضطراً ومرغماً لخوض الحرب، إن كان ذلك قصدك، فانت تبرر إجرامه ومشترك معه بالجريمة ، بل وأصبحت حوثياً أكثر من الحوثة ذاتهم، برفضك تقسيم الأقاليم، حيث اشرت إلى أن إقليمهم (اقليم ازال-تقصد-)، هو اقليم خالي من الثروات والبحار وحتى من الهواء!؛ تناقض رهيب بين مواقفك زمان، واقوالك اليوم! راجع وتخلى، لكي تتحلى باحترام اليمنيين؟!؛ ثم ما هذا التبسيط المخلّ، ولماذا تقبل على نفسك أن تمارس دور المفتن والمحرض خدمة للحوثي في هذا الظرف الدقيق من تاريخ شعبنا!؛ وحتى لو كان أحد في جلساتك الخاصة معه، وأباح لك فيما يتمنى، أهي الحصافة والدبلوماسية؟!؛ أن تأخذ كلامه دليل قاطع، لتهوّي هذه الهوّة فتقول أو تصدر حكماً وتبني عليه، من أن الحوثي قد دخل صنعاء، بسبب غباء وبلادة بعض السياسيين الذين كانوا يريدون التخلص من الثلاثي" الاصلاح وجامعة الايمان والفريق علي محسن"!؛ ولاشك ان للإصلاح عيوبه، لكنه حزب وطني، وحدوي، مع الدولة والشرعية، ولا يبرر لأي عاقل أن يحلم بإنهائه ليحل محلّه حوثي سلالي ايراني يدّعي الأحقية بالحكم؛ وهو كذلك ميليشاوي مجرم وقاتل ووكيل لبلاد فارس باليمن !؛ والفريق علي محسن له ماله، وعليه ما عليه، غير أنه انضم للثورة ودافع عن الشرعية ولا يزال ملتزما بها، ولم يخرج عنها رغم اقصائه.. ومن يقفون ضده ويبغضونه، فالبعض منهم اليوم يطبّل ويسوّق لطارق صالح، وهو الذي فعل ما فعل بالثوار، ثم قاتل مع الحوثي قبل انتفاضة صالح.. نعم! صحيح أن المواقف السياسة ليست جامدة، فهي تتبدل بتبدل المواقف، قرباً أو بعداً، ولا ضير في ذلك، لكن من دون إهدار حقوق، أو التجاوز عن إراقة دماء!؛ وجامعة الايمان جامعة تعلم وتدرس وتحفظ قرآن، والمفروض تخضع للقانون، لا لحوثي يدمرها ويحلّ محلها الحوزات والحسينيات!، انا مرّة شاركت فيها بورقة عن الأمن الغذائي، ندوة عالمية عصرية، كانت عالمية فعلاً؛ بينما جامعات حكومية لم تقم بهذا الشيء!؛ ثمّ على من ذكرتهم وانت وهم يعرفون انفسهم؛ انصحهم أن يغادروا حقدهم وكراهيتهم للإصلاح، ليحافظوا على جمهوريتهم ودولتهم من أن تكون تابعة لإيران، وألا يسمحوا بتقسيمها نكاية بحزب الاصلاح، والذي ربما في فترة من الفترات كان توجهه محبط للبعض بحرصه على السلطة واحتكارها.. وأنصح المتحاملين، أو الذين يغيرون من الاصلاح لحضوره القوي وتوسعه؛ أنصحهم أن يسهموا ببرامج وخطط وأن يحتكّوا بالمواطنين ويلامسوا احتياجاتهم ويتبنونها ويطالبون بها.. كونوا نماذج، وستحلون محلّ الاصلاح بالديمقراطية ورضاء الناس عنكم، فإن زادت اخطاء وسيئات الإصلاح، فهي مشروع لتقدمكم، وحسنات لكم!!
- وكلامك عن عدم اشراك الحوثين مردود عليك!؛ أشركوا وكان ينبغي ألا يشركوا!؛ لأنهم عصابات وسلالة تحتقر الشعب اليمني وتتسيد عليه؛ كانوا يستحقون السجن والمحاكمة لا المكافئة، و اعترف أنك كنت من تبناهم، وفرضتهم كمكوّن رئيسي بالحوار وهم كانوا ليس كذلك، وانجزت لهم اتفاق السلم والشراكة وملحقاته بما فيه من تشريع لقتال الارهابين في محافظة البيضاء القاعدة وغيرها، رغم انهم أكثر ارهاباً!؛ إن ما افرد له ببند خاص في الملحق الامني في اتفاق السلم والشراكة، ليحمل من الاشارات والدلالات الشيء الكثير، وينبغي أن يكون محط نظر وتفكير وتمحيص واستنتاج، فقد ورد تحت عنوان البند (8) ما يلي: "تلتزم الدولة-هنا الدولة الذي فيها الحوثي مشاركا بعد توقيع الاتفاق بقوة وصاحب القرار والسبق في التنفيذ- بحماية المواطنين في محافظة البيضاء-طيب والمحافظات الاخرى لماذا هذا التحديد؟!-،من خطر القاعدة وتقدم له الدعم اللازم وتقف إلى جانبهم في مواجهة خطر القاعدة والارهاب- هنا كلمة السر لبقاء الحوثي واستمراره، فهو أصبح حليف دولي لمكافحة الارهاب القاعدي في البيضاء لفظا لا فعلا، ألم يثير فضولكم أيها القراء الكرام هذا الامر- "؛ الفقرة تبرئة للحوثي من الارهاب، وتفويض له بالتعامل مع القاعدة والارهاب وتحديدا في محافظة البيضاء ((أعتقد ان فيه، فك لغز بقاء المشهد اليمني على حاله مُثبّتا وداعما الحوثي ، وقد يجد المتمعن باتفاق السلم والشراكة إزالة بعض اللبس والغموض الحاصل في هذا المشهد اليمني الملبّد من ان الحوثي وكانه أصبح عضواً في التحالف الدولي لمكافحة الارهاب، بينما هو أس الارهاب))، فمن يوم توقيع ذلك الاتفاق بقي الحوثي وحصّنت مواقعه بمنع تقدّم الشرعية من قبل الدول الكبرى، بل أن الدول الكبرى اتجهت بضغوطها نحو الشرعية والتحالف، وليس الطرفين، و تكفلت بحماية الحوثي وتواجده في جغرافيا محددة، إذ منعت من دخول الجيش الوطني للعاصمة صنعاء، وأوقفت تحرير الحديدة وهكذا!؛ وبدفاعهم عنه لا يزال جاثماً على صدور اليمنيين؟!؛ثم عليك يا بن عمر أن تقول الحقيقة أن صنعاء وغيرها من المحافظات سُلّمت للحوثي دون قتال، ولم تقول ذلك!؛ فلماذا الهروب من قول الحقيقة؟!؛ وللتذكير فقط بمساهمتك في التسليم؛ ألم تكن يوم سقوط صنعاء، بصعدة حتى المساء، تعمّدت التأخير عن حضور توقيع اتفاق السلام والشراكة حتى ينجز الحوثي انقلابه في صنعاء ؟؛ ثم رغم علمك بسقوط صنعاء أجبرت القوى السياسية البليدة والذكية، والتي لم تعلم ما جرى في العاصمة ذلك اليوم، فوقّعت كما يقال على بياض-من رفض التوقيع حينها امين عام التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري-، البقية وقعوا دون أن يطلعوا على مضمون الاتفاق، حقا إنهم أغبياء ومن اجبرهم على التوقيع أشد غباءً منهم!؛
اختم فأقول.. أتُصدّق أيها السفير المخضرم، أننا دائما ما نتابع أحاديثك بشغف، علّنا نجدك يوما تغلط، فتأتي بالخلاصة لما حلّ باليمن؟؛ ومن هم سببه الحقيقيون؟!؛ وانت المطلع عن قرب وتملك حكماً الحقائق والمعلومات الكافية التي سيقبلها العقل إن قلتها!؛ وهي حتماً غير التي تسوقها في كل مرّة، فما تفصح عنه مجرد حكايات ليس لها تأصيل، ولا تقنع المتلقي، فتزيد الحائرين حيرة، والباحثين عن الحقيقة توهاناً، والمتأملين بحل المشكلة اليمنية في اقرب الآجال إحباطاً!؛
اليمنيون متعطشون لمعرفة ما جرى لهم؟ ولماذا جرى؟ وما هي الحلول الممكنة؟؛ يريدونك أن تلخّص لهم المسلسل اليمني الذي يشبه المسلسلات المكسيكية من حيث الطول لا الجوهر؟!؛ يريدونك باختصار ان تلامس الحقائق وتطلعهم على المخرجين الكبار وماذا أرادوا؟ وهل تغيرت أهدافهم؟ أم لاتزال كما هي قاسية؟؛ كما الاحداث في الواقع اليمني جداً قاسية، شعب يُباد ولا يعرف لماذا؟!؛ نحن متأكدون أنك لديك معلومات وحقائق لم تقلها بعد، فاعترف، واعتذر، وقول الحقائق يا "بن عمر" يحفظك الله!!
الحجر الصحفي في زمن الحوثي