إذا كان الله أرسل محمد لتوريث الهاشميين في الحكم فنحن نكفر به؟

د. عادل الشجاع
الجمعة ، ٠٥ مايو ٢٠٢٣ الساعة ٠١:٥٢ مساءً

 

نهانا نبينا عن الطعن في الأنساب ، واعتبرها من الجاهلية وأخلاقها ، غير أن الأمر هنا يتعلق بافتراء النسب الهاشمي لتضليل الناس والتفريق بينهم ، والأمر هنا لا يتعلق بالمزاعم الكاذبة التي يحاول البعض إلصاق نفسه بالنبي محمد ، بقدر ما يتعلق بتعالي هؤلاء بنسبهم المكذوب وليس بعملهم وفيض أخلاقهم ، وحين نفتش في بعض الألقاب التي تربط نفسها بالنسب الهاشمي ، نجدها منسوبة إما إلى أماكن أو صفات ، مثل الشامي والديلمي والذاري والكحلاني والحوثي والمنصور والمتوكل والعماد والوزير ، فالنسب هنا يرتبط بالمكان أو الصفة وليس بالجد .

كان بإمكان هؤلاء أن ينتسبوا إلى ما يقدمونه من أعمال تفيدهم وتفيد اليمنيين ، لكنهم ركنوا إلى النسب لكي يقتاتوا على جهد وعرق الآخرين ، فكونك أصبحت هاشمي ، تستطيع الحصول على الخمس والحصول على سهم الله وسهم الرسول وسهم الهاشميين لعلو عرقهم ونصاعة نسبهم ، وحرصهم على الانتساب إلى علي بن أبي طالب ليس لإثبات نسبهم ، بل لإثبات حقهم في الإمامة وحكم الغير بالوراثة .

لم يظهر إثبات النسب بهذه الطريقة إلا في عهد البريطانيين ، أقصد هنا ربط النسب بالحكم ، لأن العرب كان لها نسابة يعرفون بها العشائر والقبائل وكان ذلك يأتي في إطار التاريخ الاجتماعي ، وبمجيئ البريطانيين بدأت فكرة الأحقية بالحكم بهدف التحكم بالمنطقة ، ولعل الترويج لإشاعة انتساب الملكة إليزابيث إلى علي بن أبي طالب يؤكد ذلك ويجعلها مثلها مثل أي دعي يربط نفسه بالحسن أو الحسين .

هؤلاء مثل الطفيليات التي تعيش على دماء المخلوقات ، لا يريدون الاعتماد على أنفسهم بل على حقوق الآخرين ، لذلك خالفوا ما عرف عن العرب من انتسابهم لآبائهم ، فانتسبوا إلى الأم ، مخالفين قول المولى عز وجل :(ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ) ، لكن أدعياء الهاشمية تحولوا من طريق الأب إلى طريق الأم ، فبعد أن يصلوا إلى الحسن أو الحسين ، يتحولون إلى فاطمة بنت محمد ، لكي لا يذكروا من سلالة علي بن أبي طالب سوى الحسن والحسين ولكي لا يذكرون من سلالة أب طالب سوى علي فقط .

نحن أمام صورة قاتمة لتخلفنا وتمسكنا بثقافة قرون بادت وانتهت ، لم تعد صالحة لعصرنا وغير قادرة على مواكبة التطور العلمي ، فهل يفيق إخواننا من مثقفي الهاشمية من هذا الصمت الذي يقود المجتمع اليمني إلى مواجهة مستمرة وسيلتها النسب لشرعنة الإمام أو رفضه ، والاحتكام إلى العصر الذي نعيشه القائم على فكرة الدولة والدستور والقانون المنظم لحياة الناس .

أخلص إلى القول ، بأنه ليس منافيا للغريزة أن ينمو الإنسان متعلقا بأسرته وأن تصبح هذه الأسرة بوصلته ، لكن أن يتحول إلى كتلة من الكراهية والعنف ويفتك بالآخرين ، فذلك مرفوض ، وإذا كانت رسالة محمد هدفها التوريث ، فليس لنا بها حاجة ، وإذا كان محمد هدفه أن يجعل ولاية الأمة بيد عبد الملك الحوثي ، فليس لنا حاجة به ولا برسالته ، فلماذا إذا يصر هؤلاء على الدخول من الأبواب المغلقة ، غير القابلة للفتح ؟

الحجر الصحفي في زمن الحوثي