قبل السحور ـ من الصور السريعة في رأسي!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الخميس ، ٠٦ ابريل ٢٠٢٣ الساعة ١٢:٠٣ صباحاً

 

دول أفريقيا وجنوب شرق  آسيا ودول السوفيت السابقة والأتراك وأوروبا الشرقية وغيرهم كان حالهم ليس أفضل من حال وامكانيات العرب من حيث المال والفرصة قبل اربعة او خمسة عقود مثلا لاسيما لو نظرنا إلى مصر والعراق وقتها والسودان و لبنان وسوريا والخليج.  أيضا مصادر النفط والاستقطاب الغربي كان يجب أن يكونوا طفرة لتغيير العرب واكتساب المعرفة وتوطينها.

العراقي أو العربي بصفة عامة كان يذهب إلى تركيا في حقبة السبعينات والى بداية التسيعنيات  وكأنه أمير  في فنادق تركيا، واليوم تجده غلبان هو من ينظف في الفنادق أو يمارس أعمال بسيطة او سائق تاكسي أو مترجم أو صاحب مطعم أن كبر. في المانيا كانت ميونيخ تعج بكبار التجار العرب، والذين امتلكوا خطوط من طيران، وشركات وقتها، وكان العربي العادي طالب أو عامل أو مقيم  حاله المادي  أفضل من الهندي و الفتنامي والأوروبي من أوربا الشرقية، والروسي والصيني بعشرات المرات في الغرب إلى منتصف ١٩٩١ . اوروبا كانت تعج بعشرات الالف الطلاب من العرب واليوم مئات الالاف العرب اللاجئين وحتى من المملكة وقد يستغرب البعض. لم يكن هناك لجوء من المنطقة فمن لم يجد هدفه في جنوب اليمن هرب الشمال او مصر او العراق او سوريا او الجزائر بمعنى ليس هناك ضرورة للجوء في اوروبا من اي نظام عربي .

 الأتراك كونوا أيضا حالهم بسيط مجرد عمال في كل العالم، ولم يذهب أحد ليعمل عندهم  مقارنة بالعراق وماله والخليج وليبيا وحتى اليمن الشمالي كان عندنا عمال من كوريا والصين والهند وهولندا واثيوبيا وكثير من العرب بمعنى الناس كانت تغترب عندنا . اليوم العراق بشكل خاص والعرب  بشكل عام حالهم محزن، فصور من هنا وهناك تطلع امامي، السودان واليمن والعراق وسوريا تعاني من كوارث اقتصادية، وسوء البنية التحتية، وفوق ذلك تعاني العراق في أمراض الطائفية والفساد، واليمن في صراع عبثي وليبيا، ونقفز من معترك إلى حفرة أعمق دون رؤية مثل التطبيع مع إسرائيل، التخندق مع أمريكا ضد الصين او روسيا، ومحاربة الاسلام، والتمرد على كل شيء امامنا وغير ذلك دون ثمن أو هدف.   تركيا تعلمت  الكثير مقارنة بنا العرب وصارت امة شفافة ومتعلمة ومنتجة وتنافس اليوم على المكان العالي من الحضارة، والسبب وجود قيادة واضحة تمتلك رؤية ومشروع، وتستفيد من الصرعات. بلد بهم امتلكت بنية تحتية ومؤسسات دولة  تشبه أوروبا الغربية إلى حدا ما، وتتحرك إلى الأمام خطوة خطوة. معهم قائد ذكي ومؤسسات دولة تعمل كعقارب الساعة، يمتلكون رؤية حديثة بغلاف حضاري جميل يجعلهم ليس أمة تكملة عدد أو  نكرة، ومهم أن يظلوا كذلك فلا هم نزعوا أنفسهم من تاريخهم بشكل مضحك مثلنا، ولا تنكروا لدينهم وتراثهم كبعض مفكرين العرب برغم أنهم قوميات مختلفة. 

الإعلام ساعد ايضا في بناء فكرة امة تركية برغم الصراع مع الاكراد بداية التسيعنيات.  اعيش مع أتراك وأكراد منها، وادخل بيوتهم هنا، والكل من النجاح متصالح ومكيف على حال تركيا المستقرة، ما عدا بعض العرب يتمني تسقط تركيا ومصر والسنغال وغيرها ليعم الفشل اينما نظرنا.  على ثقة أن تركيا امة تجيد الحركة، وفهم المشهد وسوف يكون لها مكان مناسب ومهم بين الأمم. وحتى احلامهم واعلامهم متجانس ومتوافق مع انفتاحهم. جامعات تتوسع تستفيد من أزمات المنطقة، وتخلق فرص ومسار دولي لها، تستقطب البشر وتجنس وتنفتح وتتفاعل مع محيطها وحتى مسلسلاتهم تحاول رفع الهمم وتصحيح روح الأمة وترابط أبنائها، وتخلق فيهم قيم و فضيلة، ونحن العرب كل شيء عكس لدرجة نشغل انفسنا بقشور الامور. نعيش كعرب دون رؤية، ولا هدف مرة نشرق ومرة نغرب، ومرة نعيش فكر محصور بدائي، ونريد العالم الإسلامي ينظرون لنا، اي حتى الدين نهدمه اليوم بممارستنا المنفرة والطائشة، وكان يجب ان نرتقي به ويجعلنا محور اقلها عالمنا الاسلامي، بالقيم والفضيلة والانفتاح. حتى جامعة الدول العربية او أمانة الخليج العربي لم تستطيع احدهما أن تستمر بشكل فاعل و لو في محاور بسيطة مجتمعية مثل التعليم أو الصحة أو التأهيل أو الثقافة. 

اخيرا المملكة العربية تستطيع أن تسحب كل العرب لمشروع جامع تنموي بانفتاحها، لكن تركت ملايين الكفاءات والحرف والصناعة من سوريا و بالذات حلب ترحل إلى تركيا، والغرب، وكان يمكنها بناء مدن لهم في المملكة وعمل نهضة حقيقة كون البشر طاقات تحتاج فقط لمنظومة وبيئة لتبدع. لا ادري اين المشكلة أن يكون سكان المملكة حتى ١٠٠ مليون نسمة من العرب الكفاءات لاسيما وعندها ارض وقدرة ودولة ومال ونظام سياسي مستقر. أقلها يمكن تبني المشروع العربي بارضها لوحدها، فهي قارة وتنطلق كالثقب الأسود بسحب الكل لدوران حولها. كانت عليها تكامل اليمن معها كخزان بشري قريب لها من حيث التركيبة والتاريخ والنسيج . 

تركيا اليوم تجنس وتنفتح، والعرب يرسلون إليها من معه مال وحتى من الخليج. الغرب أيضا يريد جيل عمل شباب واطفال، ونحن ننفر الكل وندفعهم للرحيل.  

واخيرا عندما انظر لابناء الهند وباكستان والصين فاجدهم إعداد كبيرة جدا  في الجامعات في الغرب ومراكز الأبحاث مما يمثلون نهضة وجسور لبلدانهم بينما العرب امامهم إعداد لاتذكر مما يعكس أن امتنا العربية فقيرة واضاعت البوصلة فلم تعرف الطريق لبناء ذاتها، ومشغولة بمشاريع الماضي او بصراع فرق علي ومعاوية على السلطة.

الثروة اليوم هم البشر فقط واقول فقط، لذا يجب ان نتجه لمصالحة مع ذاتنا نتعافى بعدها وننطلق مع البشر للتعليم والتنمية والانفتاح، ولما ينفعنا ويبقى لنا كرامتنا كمجتمع.

وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي