ظنوا! وفي ظنونهم الخُسران!

د. علي العسلي
الخميس ، ٢٣ فبراير ٢٠٢٣ الساعة ٠٨:١٣ مساءً

   الحقيقة اننا تعبنا بسبب الدلال والتنازلات واعطاء الفرص.. تعبنا ونريد الخلاص في أقرب الآجال.. لم نعد نستطيع المشاركة في الاتراح والافراح.. الاقارب ولأعزاء والاصدقاء يتساقطون قتلى بسبب الحرب عليهم من الحوثي، أو بسبب مرض عضال، أو كورونا، أو ماتوا فكداً ونكداً.. ولا أحد صار يستطيع الوفاء بالتزاماته ومشاركته لأسره واصدقائه والعزيزين عليه، بسبب انقلاب الحوثي واجراءاته، وبسبب شحة الموارد والمداخيل المنهوبة اصلاً من قبل جماعة الحوثي غير الإنسانية، الحوثيون يمارسون سياسة الإمامة في تجويع الناس، فيعمدون إلى قطع الرواتب، وما رافق ذلك من ارتفاع في كل شيء إلا الأنفس فهي في قاموسهم رخيصة، وبسبب النزوح والتهجير والابعاد طوعاً أو غصباً!؛   حان الوقت لتخليص اليمنيين من هذا الوضع الشاذ غير المرغوب الذي يعيش!؛ لا أن يستمر الفاعلون المحليون والإقليميون والدوليون في الدلال والترضية لمن كانوا سبباً مباشراً في شقاء اليمنيين منذ ما يزيد على ثمان سنوات!؛   الحوثيون في اعتقادي قبلوا التفاوض مع الشقيقة، ليس لأنهم حمائم، ولا لأنهم قد سئموا الحرب وويلاتها، فهم يتلذذون بذلك، ولا لإيجاد مخرج للوضع الذي كانوا سببه، بل قبلوه كفرصة، ظانين أنهم سيهبرون أكثر فأكثر من المملكة، وكذلك لالتقاط الأنفاس، وللاستعداد للاستمرار بالحرب، ولذلك كان أول مطالبهم دفع الرواتب لمقاتليهم قبل من أحرموهم رواتبهم طوال السنوات الماضية، واشتراطهم أن يكون الدفع عبرهم ليس كرماً، بل خسة لمزيد من الهبر من أفواه الموظفين وأسرهم، كما فعلوا بالإعانات والاغاثات!؛  .. الشقيقة الكبرى، علام يبدو تعاطت ايجاباً مع روح المطالب الانسانية التي كان الحوثي يطرحها لكنها تدرك أنه يريد استغلال المطالب لممارسة الفعل الانتهازي المعهود عنده، من أجل المساومة والمقايضة لما يخدمه ويبقيه، ومن ذلك ضرورة دفع الرواتب المستحقة منذ انقلاب الحوثي.. مطالب وظيفية مهنية وقانونية بزمن الحوثي تحولّت الى إنسانية، ألبسها الحوثي ثوب الانسانية، كذباً وتضليلاً!؛  لكن التفاوض مع الشرير قد يخرج منه ما يبطن ويظهره على حقيقته ودناءة مقصده، هذا الشيء ربما كان شيء مفيد لصالح الشرعية وحكومتها، فجعلها في زمن ألا حرب وألا هدنة إلى ترتيب صفوفها وإعادة الانتشار لجيشها وتشكيلاتها، والقيام بتشكيلات جديدة ضاربة؛ وسرّع من إيداع الوديعة التي كانت قد وعدت بها العام الماضي المملكة العربية السعودية، فربّ تفاوض مع الأشرار نافع!؛  ولربما من خلال بعض التصريحات نستنتج أن المملكة في تفاوضها أو ايداعها أن يتم كل شيء من نافذة الدولة الشرعية، ولربما اشترطت أن يكون المستفيدين هم كل اليمنين، وهذا ما صرح به معالي السفير محمد آل جابر، عندما قال: "أن الوديعة دعم لمجلس القيادة لرئاسي والشعب اليمني الشقيق في كل اليمن بلا تمييز ولا اقصاء".. هذا قد يفضح جزء من جوانب التفاوض مع الحوثي الذي يريد ويسعى في تفاوضه للتمييز والاقصاء.. وما لمسناه أيضا من تصريحات دولة رئيس مجلس الوزراء يصب في نفس الاتجاه، حين قال أن الوديعة لكل المؤسسات اليمنية، وما استنتجناه من تصريح رئيس محلس القيادة الرئاسي عندما قال في احد  تغريداته اثنى على التوقيع على اتفاق تيسير الوديعة السعودية المقدرة بمليار دولار للبنك المركزي، حيث اعتبر من جملة قضايا ان الوديعة تركز على التخفيف من وطأة الأزمة الإنسانية التي صنعتها المليشيات الحوثية الإرهابية بدعم من النظام الايراني؛  وهو ما يعني أن الحكومة الشرعية  اذا ما توصل السعوديون والحوثة لاتفاق؛ فإن الرواتب ستدفع من  قبل الحكومة الشرعية وعبر البنك المركزي بعدن، لا كما كان الحوثة يحلمون أو يظنون انهم سينتزعون هذا الملف من شرعية السلطة الشرعية لتثبيت سلطانهم وشرعيتهم بدفع الرواتب وعودة البنك المركزي لنفوذهم وتحت سيطرتهم؛  خابوا وخاب ظنهم، لم يجنوا من وراء ذلك الظن سوى الخسران، وبعنادهم وتعنتهم وكبرهم في التفاوض واستعلائهم ، خدموا الحكومة الشرعية أحسن خدمة في وصول الودائع والاعانات الى خزينة البنك المركزي اليمني بعدن،  وها هي دولة الامارات العربية هي التالية في الايداع، برقم مماثل للمملكة وهذا خير كبير للسلطة الشرعية ولتثبيت سلطتها، وللشعب اليمني في تثبيت العملة والاستقرار الاقتصادي، ولمعالجة ملف رواتب الموظفين بحسب كشوفات شهر ١٢ من العام ٢٠١٤.. وبكذا وضعية يمكن أن يتعافى الاقتصاد اليمني بتحريره من قبضة الحوثي، وبإدارة رشيدة من قبل الحكومة الشرعية!؛ واعتقد أن الحوثة سيرفضون الاتفاق إذا ما كان الاحتمال الذي شرحناه هو الاحتمال الذي تسير وتعمل عليه المملكة ، وحكماً سيستفز الحوثة  الشرعية والتحالف ببعض العمليات هنا وهناك؛ وببعض الأكاذيب بغرض الفتنة والوقيعة، ولكن في النهاية سيهزمون لأنهم ظهروا على حقيقتهم من انهم مرتزقة وعندهم المال اولاً وأخيراً،  ومن أي طريقة يتم الحصول عليه، لا يهمهم!؛  لقد بالغوا في الاعلام وأوهموا الشعب اليمني أن قوتهم وضغطهم قد أثمر، وهم في مرحلة الحصاد... فتح الموانئ على مصرعيها، ودفع الرواتب من المملكة ومن ايرادات تصدير النفط و بالدولار لبنكهم المركزي، أوهموا العامة بأنه خلال أيام ستدفع الرواتب ومن حكومتهم في صنعاء!؛ تبخر ذلكم الخبر بعد أيام وأسابيع ولم يجنوا سوى الخيبة والخسران، لقد افتضحوا أمام لشعب اليمني، فلم ينتزعوا الرواتب ولا غيرها انتزاعاً بقوتهم وصمودهم وصلابة موقفهم كما روجوا.. والحرب قادمة لا محالة وعلى الشرعية الاستعداد لها!؛ ومبروك عليها نجاح سياستها في حصولها على الدعم وإيداع الودائع لرفد الاقتصاد اليمني والعملة، لقد حققتم هدفاً، وتبقى  عليكم تحقيق أهدافاً اخرى منتظرة منكم تحقيقها في  قادم الايام!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي