متفرقات مُلفتة!!(4) لولا حرب اليمن لما عرفت المملكة النفاق الأمريكي في العلاقة.. ولما غيرّت من سياساتها وتوجهاتها المباركة؟!

د. علي العسلي
الثلاثاء ، ١٣ ديسمبر ٢٠٢٢ الساعة ٠٩:٣٣ مساءً

إن حرب اليمن قد كشفت مدى نفاق امريكا تجاه المملكة وباقي الدول العربية!؛ إن الرد السعودي قد جاء متأنياً على استمرار استغباء امريكا لنا كأمة عربية؛ حيث تظهر شيء للإعلام، وتبطن ما يغايره وقعاً وموقفاً! والسياسة المتأنية عادة ما يكون ردها قوي وفعال ومؤثر؛ والكل يشاهد توجهات المملكة الشجاع الجديد التحرري من السياسة التقليدية للمملكة؛ حيث كان يعطى الأفضلية والأولوية في كل شيء لأمريكا الحليفة.. اليوم المملكة هي المبادرة لاتخاذ قرارات قد لا ترضى عنها في الغالب امريكا!؛ ولذلك ترى من يطلع من امريكا يهدد ويبتز، والمملكة لا يهمها ذلك، يهمها فقط مصالحها وقراراها الحر المستقل، ويهمها مصلحة شعبها والدول العربية الأخرى. إن مواقف المملكة أصبح مميزاً. ظهر ذلك جلياً عندما رفضت المملكة طلباً امريكياً بضرورة زيادة الإنتاج في النفط، لكنها التزمت بقرار ((أوبك بلاس)) بالتخفيض، ليس لغرض سياسي، وانما للمحافظة على العرض والطلب في سوق النفط. وها هي المملكة اليوم تقود قمم هامة وتاريخية على مستوى الامة العربية ككتلة موحدة مع الدولة العظمى الصين الشعبية.. لم يؤثر على القمم احتدام الصراع المتفاقم بين الإدارة الامريكية والصين!؛  نعم!  جاء الرئيس الصيني للرياض وعقد ثلاث قمم هامة وتاريخية.. الاتجاه شرقا صار قبلة الباحثين عن النمو الاقتصادي، عن التنمية المستدامة، عن تبادل الخبرات والمعلومات والاستثمارات مع دول تحترم السيادة والخصوصية ولا تحشر نفسها في كل شاردة وواردة! أصبح التوجه نحو الشرق الأقصى ديدن عديد الدول؛ والسبب ان امريكا ثبت أنها تكيل بمكيالين ولا تحافظ على حلفائها الاستراتيجيين؛ فهي قد تبيعهم او تستخدم ضدهم منظمات غير قانونية ومسلحة وعابرة للحدود!؛  أمريكا فعلاً ذات وجهين.. فهي تتحالف مع الدول العربية وتدعي حمايتها؛ وهي ليل نهار لا تخفي التزامها على ضمان التفوق الإسرائيلي في التسليح على مجمل الدول العربية!؛ فأي تحالف هذا الذي لا يسترد حق من مغتصبيه!؛ لا بل تمنع حصول الدول العربية عليه! أمريكا تدعو لدولتين بفلسطين المحتلة، على ان تكون القدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين بحسب المبادرة العربية، فالفلسطينيون مهجرون ومحتلون ومحاصرون، وفوق ذلك تنقل امريكا سفارتها للقدس الشريف في تحد فاضح للمبادرة العربية؛ تدّعي امريكا انها ضد الاحتلال فترفضه من وسيا على أوكرانيا، وتعترف به لإسرائيل المحتلة، باغتصاب فلسطين والجولان السوري؛ تدّعي أن السعودية حليفة تاريخية واستراتيجية، وتتواطأ وتدعم الحوثيين الارهابين وتمتنع عن تسليح السعودية للدفاع عن نفسها، ليبقى الحوثي بعبعاً لابتزاز المملكة وباقي دول الخليج!؛ وما ينطبق على المملكة ينطبق ايضاً على تركيا الحليفة والعضو في الناتو؛ فهي تتحالف مع "قسد" (قوات سويا الديمقراطية) المعادية لتركيا الحليفة لأمريكا؛ غريب أمر أمريكا تنشئ تحالفات للحرب ضد الاهاب وتتعامل مع بعضهم ضد دول حليفة عادة، بعكس روسيا التي يوماً، لم تتعامل إلا مع دول؛ أما مع منظمات مسلحة فلا!!؛ وتدعي امريكا انها تحارب الاهاب وهي تتحالف مع ارهابين لقتال ارهابين اخرين، اقصد الحوثي وقسد ضد القاعدة وتنظيم الدولة!؛ وهي ضد ايران النووية خوفاً على الكيان الصهيوني، لكنها تاركة ايران تتسابق في التخصيب والتسليح بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة ومتواطئة مع اذرعها في اليمن والعراق المهددان لأمن المنطقة، حيث اخر فضيحة هو وصول شحنة من اليورانيوم المخصب، للحوثين والقاعدة  في اليمن، من ايران،  ولا موقف امريكي بعد!  وللتذكير بابتزاز المملكة، فأمريكا تعمل الشيء وضده!؛ فهي أيدت ودعمت تدخل المملكة في اليمن، ثم هي من تمنع دخول العاصمة صنعاء لإنهاء انقلاب الحوثي، ووضعت خطوط حمراء على دخول صنعاء او استعادة الحديدة!؛ أي بالنتيجة منعت المملكة والتحالف من تحقيق انتصار تاريخي، كي لا يتكرر ما حدث!؛ سمحت للسعودية بالتدخل في اليمن، وهي نفسها من تستعمل التدخل للضغط على المملكة بحجة الحالة الإنسانية او لأخطاء التحالف في القصف ..امريكا تضغط على السعودية وتحملها تبعات الازمة الإنسانية في اليمن، بالرغم من ان المملكة اكبر الداعمين وربما امريكا هي الأقل دعما للمساعدات في اليمن!؛ تصادر بعض قطع السلاح المهرب  للحوثي، والكثير منه تتغاضى عنه، وتدعه يصل للحوثين، بدليل ذلكم الذي عرض في صنعاء والحديدة من قبل الحوثين!؛ وهكذا تصنع امريكا  الاحداث وتأتي بالخوف والرعب، وحتى يتم انتهاك حقوق الانسان؛ ثم  لا تحاسب المجرم، بل توظف ما يحصل فقط ضد من تريد ومتى ما تريد؟!!؛ في اليمن الحوثيون صنفوا امريكيا انهم ارهابيون؛ فتراجعت الإدارة الامريكية  الحالية عن هذا التصنيف ومتواطئة معهم على حساب اليمن والمملكة  العربية السعودية معاً؛ امريكا في اليمن تضغط على التحالف بإنهاء تدخله، وتمنع عنه الدعم اللوجستي وبيع الأسلحة للدفاع عن نفسه، وتريد إشراك الحوثة كمكون رئيسي في السلطة عبر تفاوض شكلي، يفرض الحوثي بموجبه شروطه ويمرر اجندته!؛ ماهي المحصلة؟ المحصلة أنه لا تُؤمَن أمريكا!؛ ولابد من البحث عن البديل او لتكون واحدة من الدول وليس الاعتماد الحصري عليها!؛ وهذا ما تقوم به المملكة وقيادتها التي تقود العرب في هذه المرحلة وتبحث عن مصالحهم في شتى بقاع الاض؛ إن التوجه الجديد للمملكة لتنويع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية حتى؛ هو وحده من سيجبر امريكا حتماً على إعادة النظر في سياساتها الخاطئة واستخفافها واهمالها، وكيلها بمكيالين، وتنهي تناقض مواقفها، وعدم تقديرها لتبعات ما تقوم به تجاه حليف تقليدي واستراتيجي! في اعتقادي انه لولا حرب اليمن لما كان احداً ربما يستطيع اقناع المملكة بأن امريكا منافقة في علاقتها معها!؛ حرب اليمن ومواقف امريكا المساندة للحوثين والضاغط على الحليف؛ أم مريب ومستهجن!؛ ولقد أدركت المملكة ذلك منذ بدء التدخل وهي تتلقى سيل من الضغوط عليها من امريكا، وهي تواجهها بنوع من الحكمة والدبلوماسية الهادئة، حتى أتى خطاب الرئيس الامريكي (جو بايدن)، في مبنى الخارجية الامريكية عقب انتخابه، حيث قال انه قد قرر انهاء الحرب باليمن، من دون التشاور طبعا مع المملكة! ولربما المملكة تعاملت مع الموقف وهو صادم بنوع من الامتصاص، استوعبته، وعكست فحواه بعقد هدن لتنهي تدخلها المباشر ضد الحوثين إلى حين، ولتجعل العالم يشعر بخطورة الحوثي على امن الطاقة والبحار الدولية، وهي بذلك قد حملت امريكا والمجتمع الدولي المسؤولية!؛ .. لكن قرار الرئيس الامريكي كان محفزاً للمملكة لأن تسعى إلى خيارات أخرى متاحة لها في علاقاتها مع الدول حتى في التسلح، فلن تبقى مكتوفة اليد، إذا لم يتم فعلاً توقيف البرنامج النووي الايراني، فإنها ستسعى لسباق تسلح باسم العرب جميعاً!   وها هي المملكة تستقبل الرئيس الصيني في ظل توتر غير مسبوق في العلاقة الامريكية الصينية، وتقيم (3) قمم هي "السعودية - الصينية، والخليجية - الصينية، والعربية - الصينية"، بحضور أكثر من 30 قائد دولة ومنظمة دولية، ما يعكس أهمية انعقاد هذه القمم، وما تحظى به من اهتمام إقليمي ودولي. وفي القمة السعودية الصينية تدشن المملكة مع الصين مجموعة من الاتفاقيات، بقيمة حوالي 30 مليار دولار.. تهانينا للمملكة على نجاح القمم، ومزيداً من المواقف والتألق في استعادة الدور المغيب للامة العربية في العالم!!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي