النقطة الثانية - بعد انفضاض السامر!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الثلاثاء ، ١٥ نوفمبر ٢٠٢٢ الساعة ٠٧:٢٥ مساءً

 نعيش كعرب في الغرب منذ عقود طويلة لدرجة ان هناك جيل من ابنائنا وبناتنا لا يتحدثون العربية بحكم ميلادهم وحياتهم هنا، ورغم ذلك يرافقنا- اي من هم خليط ثقافة مهاجرة- دائما ما يطلق عليه الهم الذي لا يغيب. ابنائنا وبناتنا العرب متواجدون في كل مدينة وفي كل شركة ومصنع، وهناك من هو في مفاصل انتاجية مهمة، وهناك شريحة كبيرة في مراكز ابحاث وجامعات، وهم بالصفوف الاولى تجدهم بشكل واضح في المؤتمرات الدولية وقاسمهم المشترك هو النجاح والاجتهاد والمثابرة وتحقيق المزيد من اثبات الذات. هم لاينافسون احد لكنهم يريدون يكونوا نسخة محدثة من انفسهم وافضل مما سبق، اي المنافسة في بيئة غربية عنيفة لايوجد فيها مكان للصدفة او ضعيف التأهيل. 

تجد الكثير منهم مرتبط بقيمه ووطنه واهله، محافظ وملتزم او اقلها راكز في ثقافته ومنهجه، القاسم المشترك بينهم ليس ذلك فقط، وانما السخط من حالة منطقتنا العربية بالذات من سياسة ألانظمه الحاكمة والجماعات الدينية المتشددة والمتطرفة. عندما نلتقي لانتحدث عن العلم فقط، وانما عن اوضاع اوطاننا وهموم المجتمعات العربية وبالذات التنمية والمنافسة،  لازال يجمعنا هموم مشتركة، نشعر اننا اسرة واحدة ، اينما كنا فنحن لازلنا عمال مع امتنا العربية ولن ننفصل عنها. ينتهي المؤتمر ونتبادل الكروت، ونودع بعض، ونحن نشاهد بعد إنتهاء فعاليات المؤتمر الكل يرحل الى المكان، الذي فيه جذوره وروحه الا نحن العرب.

فيذهب الالماني الى المانيا، والياباني لليابان، والفرنسي الى فرنسا، و البرتغالي الى البرتغال، بل وصار ايضا الهندي يذهب للهند ولم يعد هناك حافز للاغتراب لهم، والصيني الى الصين كذلك، إلا نحن العرب نذهب الى الوطن البديل، نجلس امام جهاز الحاسوب او امام التلفاز بعد انتهاء العمل والاجازة  نحاول ننقل احلامنا وتطلعتنا للمجتمع او نلعن الوضع، الذي جعل اوطاننا يديرها الجهل والتخلف فتوقفت التنمية وبعد ان تعطلت ادوات الشغف والاستخدام المعرفي، وانشغلنا بالحسد والقشور التي لاتبني شيء وتركنا مستقبل اوطاننا للصراع فنخسر معركة الحاضر، ونحسم معارك المستقبل بالهزائم المكررة كون الفكر والمنهج لم يتغير، يظهر ذلك بتطفيش العقول ومحاربتهم وهدم روح الشباب.

حتى الاجازات كان يمكن ان تستغل لتشكيل فرق لعمل ورش عمل داخل الوطن بتنسيق مع السفارات مثل مايعمل الهنود وبقية شعوب الارض، اقلها لنقل المعرفة لمراكز التعليم في الوطن وتوطينها، ولنقل افضل ما يوجد في الغرب من سلوك وعمل ومنهج. 

واقع الضياع واهدار عقول الامة وشبابها ومستقبلها في منطقتنا يلخصه تجمع علماء الأرض في المؤتمرات، في اي تخصص في اي مكان في الغرب، عندما تنظر ان عقولنا العربية لا تنبت ولا تستمر في بيئتنا ولا تعود ولا يراد لها ان تعود لانها تحارب حتى من المتعلم الذي اختزل العالم بعقدته. نحن كمغتربين عرب نستطيع عمل الكثير ليس فقط لتسهيل استخدام المعرفة وتطبيقها وانما لنقل المعرفة وتوطينها،  واعادة التأهيل وبناء جسور استثمار وتنمية، وتواصل وسياحة وترك اثر لابنائنا وبناتنا. كل واحد منا  نجح هنا هو قصة معاناة لعربي يحاول ان ينقل الصورة لمجتمعه ليكونوا افضل منه، فان هو لم يجد من يوجه، فانتم تمتلكون اليوم كشباب الموجه والامكانيات والقدرة تكونوا افضل ممن سبق. 

يستطيع كل منا نقل جزء بسيط مما حوله للوطن العربي ان توفر الجدية والاطر فانا ابن اليمن وابن مصر والمملكة وسوريا والمغرب والعراق وكل بلد عربي هو موطن لي لانه نشعر اننا جزء منه، فالهنود والصينيين ليسوا افضل منا في الغرب عندما نقلوا ما وجدوه امامهم لوطنهم. واحد بيقول انتم لم تحاولوا حتى تعملوا شيء ؟ 

وهذا غير صحيح فهناك جهود كثيرة ترتطم بمفاصل الدولة والاحباط، والصراعات ومن كل ٢٠ محاولة ننجح بواحدة انها تثمر فلا يمكن تزرع شجرة وكل شخص يحمل فأس خلف ظهره يشكك بعمله وقيمه وهدفه. وفي الاخير كما اورد صديق برفيسور عربي امريكي التقيته في المكسيك، بقوله يذهب كل لبلده بعد إنفضاض السامر، إلا نحن العرب، فنحن كرحالة الصحراء لم يستقروا بعد نواصل للمحطة القادمة في طريق الاغتراب الى ان تستوعب الانظمة ان المعرفة هي الطريق الوحيد للمستقبل اذا اردنا ان لانكن تكميلة عدد. وهذه النقطة الثانية.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي